hafid derradji

ميسي باريسي… المستحيل أصبح حقيقة!

رغم البيان الذي نشره موقع البارسا السبت الماضي، ثم المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس لابورتا الأحد وأعلن فيه استحالة استمرار ميسي مع برشلونة، وبعده انتشار صور دموع ميسي باكيا في لقائه مع الصحافة يوم الاحد، مؤكدا نهاية القصة مع برشلونة، إلا أن العشاق لم يصدقوا أعينهم وآذانهم، فكانوا يترقبون حدوث معجزة تمنع الكارثة، حتى أن العديد من المواقع والمصادر الاعلامية راحت صبيحة الاثنين تتحدث عن عرض جديد قدمه البارسا لميسي تحت ضغط من الجماهير والرعاة، لكن سرعان ما كذبتها صور ميسي وهو يغادر منزله في برشلونة الى باريس حيث أجرى الفحوصات الطبية ووقع على عقده مع البياسجي، ثم عقد ندوة صحفية ثانية البارحة بدى فيها سعيدا، وبصم على نهاية عهده مع البارسا وبداية عهد جديد مع الفريق الباريسي الذي جعل من المستحيل حقيقة، لم يكن يتصورها أحد قبل أسبوع.


الحدث شغل العالم على مدى ثلاثة أيام، كان كابوسا على الكتالونيين الذين لم يتوقعوا بدورهم هذا السيناريو بهذه السرعة والكيفية بدون أن يقدروا حتى على توديع معشوقهم، ما أدخلهم في حداد سيطول ويزداد قساوة مع الأيام عندما تنطلق مباريات الليغا من دون ميسي، ويجد برشلونة نفسه فريقا عاديا مثل غيره من الفرق بدون الفتى الذهبي الذي صنع أمجاده على مدى عقدين من الزمن، وكان وراء تحقيق عشر بطولات وسبعة كؤوس وأربعة ألقاب دوري أبطال وثلاثة كؤوس عالمية للأندية، وكان سببا مباشرا في تحقيق موارد مالية كبيرة كانت تدخل خزينة النادي من بيع التذاكر والاشهار والماركيتنغ، حيث تشير التقديرات الى خسائر يتكبدها البارسا، تقدر بـ117 مليون يورو من العائدات خلال الموسم المقبل بعد رحيل ميسي، من دون الحديث عن تراجع الرعاة الرسميين والمعلنين عن الاستثمار في النادي على المدى القصير.


في الجهة المقابلة، حققت ادارة النادي الباريسي، التي عودت عشاقها على الأفضل من خلال انتداب نيمار وتياغو سيلفا ومبابي، وقبلهم ابراهيموفيتش وبيكهام، هذا الصيف أكبر صفقة في التاريخ باستقدام أحسن لاعب في العالم بدون أن تدفع دولارا واحدا مثلما فعلت مع دوناروما وفاينالدوم وراموس في زمن الأزمة المالية العميقة التي تتخبط فيها الكرة الأوروبية والعالمية، وصار الفريق يضم في صفوفه ثلاثة من أفضل خمسة لاعبين في العالم، تفوق قيمتهم السوقية نصف مليار دولار، الا اذا قرر التخلي عن مبابي لصالح الريال في الأيام المقبلة، ولو أن الكثير من المتابعين يعتقدون بأن مجيء ميسي سيدفع الدولي الفرنسي الى التجديد، وهو الهدف الذي تسعى اليه ادارة النادي الباريسي التي حققت في ظرف عشر سنوات ما لم تحققه أندية فرنسية أخرى على مدى قرن من الزمن، وجعلت من الدوري الفرنسي قبلة لنجوم العالم.


المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو سيسهل من مأمورية تأقلم مواطنه مع المجموعة، لكنه سيجد نفسه أمام معضلة كبيرة في تسيير غرفة الملابس واختيار التشكيلة الأساسية وطريقة اللعب المثلى للفوز بكل الألقاب والبطولات المحلية، والتتويج بدوري الأبطال الذي يزداد طموح الفوز به مع مجيء ميسي الى فريق كان قريبا من التتويج باللقب الأوروبي قبل سنتين عندما بلغ النهائي وخسره أمام البايرن، ثم نصف نهائي النسخة السابقة، ليدخل مصاف الفرق المرشحة للتتويج باللقب قبل أن يضم ميسي، ويصبح منذ يومين المرشح الاول على الورق، وقبلة عشاق الأرجنتيني عبر العالم، ما يزيد من حجم الضغوطات الجماهيرية والاعلامية على المدرب أكثر منها على الادارة التي حققت ميركاتو صيفيا لم يحققه أي فريق عبر التاريخ كماً ونوعاً وقيمة مالية.


ميسي الذي كان كتالونيا الأسبوع الماضي غادر البارسا فعلا وصار باريسيا منذ يومين، وعلى مدى موسمين على الأقل، بدون أن يكرم أو يحظى بحفل وداع، لكنه حظي بحفل استقبال كبير، بدى فيه سعيدا بتجربته الجديدة بعدما كان يبدو للجميع ان رحيله عن البارسا أمر مستبعد لأنه الفريق الذي احتضنه نحيلا هزيلا، عالجه وصقل موهبته وجعل منه سيد العالم في كرة القدم، قبل أن يصبح من الماضي، جزءا من تاريخ أحد أكبر وأعرق أندية العالم، وجزءا من حاضر فريق آخر لا يتعدى عمره نصف قرن، يرفع أكبر التحديات ويدخل التاريخ، ليصبح حديث العالم بأسره.

حفيظ دراجي

القدس العربي 11 أغسطس 2021

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل