لا تزال الأنظار تركز على حسابات محمد صلاح في وسائل التواصل الاجتماعي في انتظار حرف أو كلمة أو مجرد صورة يعبر بها عن تضامنه مع شعبنا الفلسطيني بعد عملية “طوفان الأقصى”، ويعلن استنكارا للعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة الذي خلف آلاف الشهداء والجرحى، في وقت خرج الإنكليز من أنصار ليفربول في مظاهرات تندد بالعدوان الاسرائيلي، ونشر نجوم عرب وأجانب تغريدات مساندة للشعب الفلسطيني، بينما اكتفى محمد صلاح بتسريب خبر تبرعه للهلال الأحمر المصري بأموال موجهة للفلسطينيين، وهو ما اعتبره الكثير من المتابعين غير كاف، من لاعب مؤثر لقبه الفلسطينيون “فخر العرب”، بينما حاول بعض عشاق محمد صلاح تبرير صمت معشوقهم بقيود وضغوطات يتعرض لها في انكلترا وخسائر مالية يتكبدها من المعلنين الذين يتحكمون في محتوى منشوراته.
■ يا “فخر العرب” وأبو مكة وابن مصر الثورة ومعقل الحضارة والبطولة والشهامة والرجولة:
■ عدد المتابعين لحساباتك في وسائل التواصل الاجتماعي يفوق 100 مليون في “فيسبوك” و”تويتر” و”انستغرام” يتصفحونها يوميا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول بحثا عن منشور يقرأه الملايين، يشرح الصدور ويضمد الجروح ويواسي الضحايا ويحفز الشعب على الصمود.
■ نشر صورة لطفل شهيد أو امرأة جريحة، والتعبير عن تعاطفك وتضامنك وحزنك، لن ينقص من قيمتك في عيون الإنكليز والأوروبيين، ولن يكلفك خسائر مالية معتبرة مع المعلنين والمتعاملين الذين لم يترددوا في دعم إسرائيل والتعاطف مع موتى المحتلين للأقصى والقدس وكل فلسطين.
■ تبرعك بالأموال للهلال الأحمر المصري ليس جديدا، ولا يكفي للتعبير عن مواقفك ومشاعرك، لأن الفلسطينيين في غزة لا يصلهم دواء ولا غذاء، لكن رسالة دعم وتعاطف منك عبر حساباتك تخترق العقول والنفوس، وتصل القلوب، وأروقة الهيئات والمنظمات الدولية لأنك صلاح النجم المؤثر.
■ يجب أن تعلم يا صلاح أن حرب المواقع والحسابات في وسائل التواصل لا تقل شراسة وتأثيرا عن حرب الأسلحة والقنابل، وأن مؤثري الغرب، يتعاطفون مع المحتل ويتغاضون عن جرائمه في غزة، ويفترون على المقاومة، بينما لم يكن مشاهير العرب من نجوم الكرة في مستوى التطلعات.
■ نعرف انك انسان محترم وابن ناس وابن شعب عظيم، لكنك لم تكن في مستوى نجوميتك ومواقف بلدك وشعبك ومحبيك في فلسطين والوطن العربي، وأنت الذي لم تبخل عنهم بمهاراتك و فنياتك وحتى بتبرعاتك المالية، لأن حتى أموال العرب لم تكن كافية لتضميد الجروح.
■ رغم صمتك المتواصل، لا يزال الكثير من عشاقك ومحبيك يجدون لك الأعذار ويتفهمون سكوتك، على أمل أن تتدارك الأمر، وتتفاعل قريبا مع أسر الشهداء والمصابين والمهجرين والأرامل واليتامى في غزة والضفة ومع المرابطين في القدس والمسجد الأقصى.
■ يجب أن تعلم أن اسرائيل قتلت مئات الفلسطينيين في مستشفى المعمداني في غزة قبل يومين، وأعدمت في بضعة أيام ألاف الفلسطينيين، ولا تزال تقتل وتهدم وتهجر، وأنت لم تكتب شيئا، في وقت يكاد أن ينطق الحجر الشجر وكل شيء جامد، فما بالك بالمتحرك.
■ نعلم أنك لاعب عالمي كبير يا محمد، لكن لقب الأسطورة وفخر العرب لا يصنع بأقدامك في المستطيل الأخضر فقط، بل خارجه من خلال مواقفك، وأنت مدين لجماهيرك الفلسطينية والعربية التي استاءت وحزنت لسكوتك، ولم تعد تنتظر تغريدتك.
لم تعد فخر العرب يا محمد، لأن فخر العرب لا يخذل العرب، والأموال التي تخسرها من مداخيل الرعاية أهون بكثير من خسارة احترام وتقدير محبيك، والحياة مواقف لكننا سنبقى نحبك لأنك ابن مصر.
حفيظ دراجي
القدس العربي 19 أكتوبر 2023