hafid derradji

أين هم نجوم الرياضة من المعركة؟

لم يعدِ المُلاحظونَ والمُتّتبعونَ للعدوان الهمجيِّ الإسرائيليِّ على شعبِ غزّة يتساءلون عن مواقفِ المُنظّمات الدولية، لأنَّ غالبيتَها متواطئةٌ، لكنَّ الجماهير الرياضية العربية بالخصوص، لم تستوعبْ تخاذلَ وترددَ المُؤثرين والفنَّانين والرياضيين الذين يتابعُ حساباتِهم في وسائل التواصل الاجتماعي ملايينُ العشّاق والمُعجبين من كل أنحاء العالم، حيث اختفَوا عن المشهد كُليةً، وصاروا صُمًا، بُكمًا، عُميًا، لا يبصرون، في وقتٍ لم يتردد نظراؤُهم في الغرب والشرق في دعمِ إسرائيلَ والتعاطُف مع موتاها في طوفانِ الأقصى، وتأييد وتبرير جرائم الإبادة التي يرتكبها الجيشُ الإسرائيليُّ بحقّ المدنيين من الأطفال والنساء، والذين فاق عددُهم ثلاثة آلاف شهيد، وعشرة آلاف مصاب خلال أسبوعٍ واحدٍ.
أمريكا بجيشِها ونفوذِها، والدول الغربية بساستِها ووسائل إعلامها تحالفوا كلهم ضدّ شعبٍ أعزل في سجنِه المفتوح على السماء في غزة، ومعزولٍ في وسائط التواصل الاجتماعيّ من طرف نُخبتِها ومؤثّريها الذين تجاوبوا مع مواقف حكومات بلدانِهم، وساهموا في نشر الادّعاءات والأكاذيب والاتهامات ضد المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطينيّ، بينما اختفى مُحمّد صلاح الذي يتابع حساباتِه في وسائل التواصل الاجتماعي ما يقاربُ من 100 مليون شخص في كلّ أنحاء العالم، فقد كان بإمكانِه أن ينشرَ كلمةً واحدةً مرفوقةً بصورةٍ معبّرة، تشفي غليلَ العشّاق والمشجّعين والمُعجبين والمُتابعين، وتغيُّر الكثير من المفاهيم والنظريّات السائدة، وتفتح العيونَ على حقيقة ما يعانيه الشعبُ الفلسطينيُّ.
مُحمَّد صلاح لم يتغيّب وحدَه عن المشهد في هذا الظرف العصيب، بل يشترك معه عديدُ نجوم الكرة والرياضة العرب من الذين يحظَون بشعبيةٍ كبيرةٍ في الأوساط الجماهيريَّة التي أحبّتهم وتعلّقت بهم، وصوَّتت لهم في كل الاستفتاءات وعمليات سبر الآراء، في وقت لم يتردد المؤثرون الغربيون من فنانين ورياضيين عن نشر الأكاذيب والتسويق لحقّ إسرائيل في الدّفاع عن نفسِها، وحقّ أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها ضد المحتل الروسيّ على حدّ تعبيرهم من خلال التغريد بمنشوراتٍ وصورٍ وفيديوهات، والمشاركة في تظاهرات ومظاهرات، والإشراف على مبادرات إنسانية تدعو إلى دعم الشعب الأوكراني والتنديد بالهجمات الروسيّةِ.
الكل يخوضُ الحرب المُوازية في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي لما لها من دور في صناعة الرأي، والتأثير على الحكومات والبرلمانات والمنظمات العالمية التي بدأت تستشعر الحرج من مواقفها الأولية التي اتهمت فيها المقاومة الفلسطينية بقطع رؤوس أطفال إسرائيل وإحراقهم أحياءً، وتستّرت فيها على الجرائم الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل، وصفّقت لتصريحات أنتوني بلينكن الذي لم يتردد في الانحياز إلى إسرائيل باسم الدّين، ليس فقط لكونه وزير خارجية أمريكا، بل لأنه يدين باليهودية مثل الإسرائيليين، في وقتٍ لا يجرؤ أي رجل سياسي أو رياضي أو شخصية عمومية أن يتعاطف مع المسلمين الذين يتعرضون للإبادة في الهند والصين وفلسطين، خوفًا من أن يتهم بالإرهاب ومعاداة السامية، فتتهاوى شعبيته المزيفة، وتتأثر مصالحه الخاصةُ.


رغم سياسة الكيل بمكيالَين، من خلال التستّر على جرائم إسرائيل، والتحامل على من يتعاطف مع أطفال ونساء غزة، وتقصير المؤثرين في العالَمَين: العربي والإسلامي، خوفًا أو طمعًا، ورغم تنديد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بما أسماه سياسات حماس التي لا تمثل الشعب الفلسطيني على حدّ تعبيره، إلا أنَّ أحرار فلسطين لم يخوضوا انتفاضاتهم وحروبهم وطوفان الأقصى إلا دفاعًا عن أرضهم وعرضهم وكرامتِهم دون انتظار دعم المؤثرين ولا حتى بعض الأنظمة التي لا تختلف مواقفُها عن تلك المعبَّر عنها من رياضييها وفنّانيها ونُخبتها.

حفيظ دراجي

جريدة الراية 18 أكتوبر 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل