لأول مرة على مدى ثلاثين عاما من تاريخ جائزة الكرة الذهبية العالمية للمجلة الفرنسية «فرانس فوتبول»، يغيب عن القائمة الموسعة للسنة التالية حامل التاج «لوكا مودريش» بسبب تراجع مستواه مع الريال ومنتخب بلاده طيلة السنة، ولأول مرة قد يفشل حامل لقب أفضل لاعب في العالم لنفس السنة حسب الفيفا ليو ميسي في الظفر بلقب الكرة الذهبية للمجلة الفرنسية، لأن المنطق هذه المرة قد يغلب، ويتم تدارك ما اعتبره الكثيرون من المتابعين، ظلما في منح جائزة الفيفا بسبب فشل ميسي في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا مع البارسا، وغيابه عن مباريات بداية الموسم بداعي الإصابة، وكذا اخفاقه في التتويج بلقب كوبا أميريكا مع الأرجنتين، مقابل تألق فان دايك مع ليفربول ومنتخب هولندا، وتألق رونالدو مع منتخب بلاده المتوج بلقب دوري الأمم الأوروبية في نسخته الأولى.
اذا كان غياب مودريش عن القائمة الموسعة يشكل حدثا بارزا ليس لاسمه، ولكن بصفته حامل التاج حتى ولو كان الغياب منطقيا، فان امكانية اخفاق ميسي أفضل لاعب في العالم في التتويج بلقب مجلة «فرانس فوتبول» سيكون بمثابة الحدث الأكبر هذه السنة، خاصة وأن المتوج عالميا كان دائما يفوز بجائزة الكرة الذهبية على اعتبار أن الاجماع الدولي لا يختلف كثيرا عن اجماع الصحفيين الـ180 الذين سيصوتون، لكن تألق الهولندي فان دايك مع ليفربول وهولندا قد يقلب الموازين هذه المرة، خاصة وأن الكثيرين كانوا ولا يزالون يعتقدون بأنه الأجدر بالفوز بجائزة الفيفا، وبالتالي جائزة «فرانس فوتبول»، أيضا في ظل تراجع أداء رونالدو وميسي صاحبي الخمس تتويجات بالجائزة لكل واحد منهما.
غياب مودريش «المنطقي» لم يكن الحدث الوحيد الملفت في قائمة المرشحين التي غاب عنها أيضا النجم البرازيلي نيمار لأول مرة منذ سنوات بسبب سنة سوداء قضاها مع البيسجي ومع منتخب بلاده الذي توج بلقب كوبا أميريكا من دونه بسبب تكرار الاصابات، بدون اغفال فضيحة اتهامه بالاعتداء الجنسي على شابة برازيلية وفشل انتقاله الى برشلونة بداية الموسم، وغيابه المتكرر عن ناديه الباريسي لدواعي الإصابات المتكررة، في وقت كان الكثيرون من المتابعين يعتقدون بأنه سيكون خلال هذه الفترة أكبر منافس لرونالدو وميسي على التتويجات الفردية ليجد نفسه خارج القائمة الموسعة لأول مرة منذ مغادرة برشلونة.
اللاعبون الأفارقة ضمنوا تواجدا محترما ضمن قائمة الثلاثين المرشحين بفضل النجم المصري محمد صلاح المتوج بلقب دوري الأبطال مع ليفربول، ورياض محرز حامل بطولة كأس أمم افريقيا والدوري الإنكليزي الممتاز وثلاثة كؤوس أحرزها خلال السنة مع المان سيتي، إضافة الى الثنائي السنغالي ساديو ماني مهاجم ليفربول و كاليدو كوليبالي مدافع نابولي، لكن الرباعي سيكون مجرد أرقام في القائمة لن يرقى لتحقيق ما فعله الأسطورة الليبيري جورج ويا الذي كان سنة 1995 أول لاعب غير أوروبي يتوج بجائزتي أفضل لاعب بحسب الفيفا وبحسب مجلة «فرانس فوتبول» في الوقت ذاته، بعدما كانت الجائزة قبل هذا التاريخ تسلم للاعبين الأوربيين الذين ينشطون في أوروبا فقط، ثم تحولت الى جائزة دولية لكل اللاعبين في كل دوريات ومسابقات العالم بدون استثناء.
القارة الصفراء بدورها دخلت قائمة المرشحين هذه السنة بفضل الكوري الجنوبي سون هيونغ مين المتألق مع توتنهام هذه السنة، بتسجيله 16 هدفا في جميع المسابقات، وتميزه في منظومة لعب النادي اللندني الذي بلغ نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بعدما أطاح بالمان سيتي. سون هو رابع لاعب آسيوي يدخل قائمة المرشحين عبر التاريخ، وهو تواجد رمزي غير كاف لقارة تبقى بعيدة عن الأعين والأنظار الى اشعار آخر رغم تألق عديد لاعبيها في مختلف الدوريات الأروربية.
الكلام عن القائمة الموسعة للمرشحين لم يرق لدرجة الاعتراض على كل الاسماء الحاضرة أو الغائبة، لأنه من الطبيعي ان يغيب من غاب عن القائمة بسبب مستواه خلال السنة، لكن الاعلان عن اسم المتوج في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل سيكون محل جدل كبير مثلما كان الحال مؤخرا بالنسبة للمتوج بجائزة أفضل لاعب في العالم بحسب الفيفا، خاصة اذا حرم منها فان دايك مجددا، علما أن اللقب يمنح من طرف الصحفيين للمتألق خلال السنة صاحب التتويجات والانجازات مع الأندية والمنتخبات ولا يمنح بالضرورة لصاحب الشهرة والشعبية الكبيرة.
في هذه الحالة أغلب التكهنات تتوقع أن تصحح جائزة «فرانس فوتبول» ما اقترفته الفيفا من خطأ في حق الهولندي فان دايك الأقرب للتتويج، ليصبح أول مدافع ينال اللقب منذ سنة 2006 عندما توج به المدافع الدولي الايطالي فابيو كانافارو المتوج آنذاك بكأس العالم مع المنتخب الايطالي.
حفيظ دراجي
القدس العربي 24 أكتوبر 2019