hafid derradji

يجب ان تكون بلماضي لتفعلها!!

صنع مدرب المنتخب الجزائري لكرة القدم جمال بلماضي الحدث الأسبوع الماضي عندما أعلن صراحة في ندوة صحافية دعمه للحراك الشعبي في الجزائر، ودعا الى ضرورة الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري في التغيير، وهو الموقف الذي لا يمكن أن يكون غريبا من رجل عرفت عنه مواقفه الشجاعة أينما كان، التصريح الذي جاء إثر سؤال لأحد الصحافيين أثار اعجاب جماهير الكرة وكل المؤيدين للحراك الشعبي في الجزائر، وأثار بالمقابل جدلا في أوساط أخرى اعتبرت أن الرجل أخطأ التصرف بإعلانه مساندة الحراك الشعبي في مطالبه التي ينادي بها منذ 22 فبراير/شباط 2019، ولا يحق له توظيف موقعه ومنتخب الكرة في شؤون البلد السياسية والاجتماعية، ولا استغلال شعبيته للتأثير على الرأي العام المنقسم بين معارض لاجراء الانتخابات، في هذه الظروف ومؤيد لها مهما كانت الظروف.


شعبية جمال بلماضي المتزايدة منذ تتويجه بكأس أمم افريقيا أعطت لتصريحاته بعدا كبيرا، وللحراك دفعا قويا، ما أغضب السلطات الرسمية التي عجزت هذه المرة عن التصرف أمام الموقف وهي التي لم تتردد في اعتقال وسجن النشطاء والتضييق على أصحاب الرأي الداعم للحراك الشعبي، شخصية بلماضي القوية وشعبيته وقوة تأثيره على الرأي العام الرياضي ساهمت في تجاوز الأمر، علماً أن جماهير الكرة في الجزائر كانت وقود الحراك الشعبي الذي انطلق أصلا من مدرجات الملاعب من خلال الأغاني والهتافات والشعارات التي كان يرفعها الأنصار في كل ملاعب الجزائر على مدى سنوات ضد الظلم والفساد والاستبداد.


تصرف بلماضي لقي استحسانا كبيرا في الأوساط الشعبية والرياضية ولدى نشطاء الحراك الذين يعتبرون بلماضي مواطنا قبل أن يكون مدربا، من حقه، بل من واجبه التفاعل مع شؤون بلده والتعبير عن موقفه مثلما كان يفعل رياضيون ومدربون سابقون ساندوا منظومة الحكم ورموز النظام من مواقعهم كشخصيات رياضية عمومية كانت في مواقع المسؤولية، ذهبت الى حد إسناد الفضل في الانجازات الرياضية الى الرئيس بوتفليقة، بمناسبة وغير مناسبة، وكانت تستغل الرياضة لأغراض سياسية، بلغت درجة تهميش الرياضيين والفنيين الذين لا يساندون النظام علانية، وحرمانهم من الدعم، أما الذين لم يرق لهم تصريح بلماضي فقد اعتبروا أن الرجل لم يلتزم بمبدأ التحفظ، وراح يخوض في الشأن العام في ندوة صحفية مخصصة للحديث عن المنتخب الجزائري عشية مواجهته الودية أمام جمهورية الكونغو، وكان في امكانه، حسبهم، تجنب الرد على السؤال مع احتفاظه بحقه في التعبير عن مواقفه وآرائه في مواقع أخرى، وحقه في المشاركة في المسيرات الاحتجاجية كمواطن مثلما يفعل باقي المواطنين والشخصيات الرياضية والفنية والعامة بعيدا عن مختلف مواقعهم في المجتمع ومؤسسات الدولة.


اختلاف الناس في تقدير وتقييم موقف بلماضي من الحراك الشعبي لن يزيد ولن ينقص من قيمة الرجل، ولا من شعبيته وتعلق جماهير الكرة به، خاصة وأنه معروف بعفويته وصراحته بدون مقاصد سياسية أو  نوايا شخصية سيئة، إضافة إلى أنه لم يكن يتوقع السؤال الذي طرح عليه في غمرة الحديث عن المنتخب والكرة، لكن الحراك الشعبي المبهر الذي يخوضه الجزائريون صار يفرض نفسه في كل المواقع والظروف، والكل يريد معرفة رأي الكل في هذا الذي يحدث في الجزائر، حتى ولو كان الأمر يتعلق بمدرب أو لاعب مشهور أو فنان ومثقف بعيدا عن الساسة والنشطاء ورجال الاعمال الذين فقدوا ثقة المواطنين بسبب فشلهم واخفاقهم في مهامهم السياسية والاجتماعية.
للتذكير فإن بلماضي لم يكن الأول ولن يكون الأخير في الجزائر وخارج الجزائر، ممن يملكون الجرأة والشجاعة للتعبير عن مواقفهم في شؤون بلدهم، وهو حق من حقوقهم وواجب من واجباتهم كمواطنين، خاصة عندما تكون النية صادقة والغاية هادفة تصب في مصلحة الوطن والشعب، وتساهم في ترسيخ الحرية وروح المسؤولية في زمن صارت تباع فيه الذمم وتشترى بأبخص الأثمان نظير مناصب ظرفية ومكاسب شخصية.


سواء اختلفنا أو اتفقنا مع بلماضي في موقفه وفي التعبير عنه من موقعه كمدرب للمنتخب الجزائري في ندوة صحفية مخصصة للحديث عن منتخب الكرة، الا أنه يفرض علينا الاحترام عندما ندرك معدن الرجل ومواقفه السابقة طيلة مشواره الرياضي كلاعب محترف في عديد الأندية الأوروبية والعربية، ومدرب ناجح لحد الآن بعدما تمكن من التتويج بكأس أمم افريقيا في أصعب ظروف الكرة الجزائرية.

حفيظ دراجي

القدس العربي 16 أكتوبر 2019

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل