بعد التعادل في الخرجة الأولى أمام أنغولا والذي كان بطعم الخسارة لأننا لم نكن في المستوى بدنيا و فرطنا في نقاط المباراة، جاء التعادل في المواجهة الثانية أمام بوركينا فاسو بطعم الفوز، لأننا عدنا في الوقت بدل الضائع بروح جماعية عالية ، وايجابيات كثيرة ، تسمح لنا بالفوز في المباراة الثالثة أمام منتخب موريتاني محترم وشرس ، لا يملك حظوظ كبيرة في التأهل كأحد أفضل أربع ثوالث ، بينما في حالة فوز المنتخب الجزائري وتعادل أنغولا مع بوركينا سيتأهل الثلاثة بخمس نقاط الى الدور ثمن النهائي، على أن يتحدد الترتيب حسب فارق الأهداف المسجلة بين نفس المنتخبات الثلاثة، في سيناريو يثبت مرة أخرى أن الكرة في افريقيا معقدة وصعبة ، ومنتخبنا يملك المقومات التي تسمح له بالتألق مجددا إذا أحسنا الاختيار والتصرف أثناء المباريات.
قبل مواجهة بوركينا كان المتابعون في الجزائر يتخوفون من ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة، ورد فعل اللاعبين بعد الضغوطات التي تعرضوا لها ، ويتسائلون عن خيارات المدرب وكيف يتعامل مع المباراة ، فكان خيار اقحام فيغولي غير موفق ، وتغيره بعمورة مفيدا حيث تمكن الخضر من تعديل النتيجة، قبل أن يتفاجؤون بركلة جزاء مغايرة لمجريات اللعب منحت التفوق مجددا للبوركينابيين، ليأتي بعده تغيير آخر في محله باقحام أدم وناس مكان رياض محرز، ثم سليماني بديلا لنبيل بن طالب ، ما منح كثافة عددية هجومية، أثمرت هدف التعادل في الوقت بدل الضائع ، أنقذ المنتخب الجزائري من الإقصاء ، وأعاده إلى المنافسة بمعنويات مرتفعة وروح عالية ، افتقدناها منذ مدة.
المنتخب الجزائري صار مطالبا بالفوز على موريتانيا في المباراة الثالثة ، في وقت يكفي أنغولا وبوركينا فاسو التعادل بينهما ليتأهل الثلاثة سويا بخمس نقاط لكل منتخب والتساوي في نقاط المواجهات المباشرة بين الثلاثة، نحتل اثر ذلك المركز الأول مناصفة ، ونحتكم بعدها الى قاعدة فارق الأهداف لتحديد المركز الأول ، وبعدها نخوض مباريات خروج المغلوب التي تكون فيها الغلبة للأفضل ،وليس بالضرورة للأقوى، بغض النظر عن اسم المنافس وقيمته، خاصة وأن نتائجنا صارت مرتبطة بمردودنا و معنوياتنا ومدى تركيزنا وخيارات مدربنا قبل أن تكون مرتبطة بعوامل موضوعية تتعلق بمنافسينا، سواء لعب كل من محرز وبلايلي وعمورة وشايبي و وناس أساسيين أم احتياطيين ، وفي ذلك تأكيد على أن بلماضي يملك خيارات كثيرة يجب استغلالها.
رغم الاختلالات التي يمكن الحديث عنها إلا أن الوجه الذي ظهر به المنتخب الجزائري في مباراتيه لم يكن سيئا بالمطلق، بل بالعكس كان متميزا بشهادة كل المتتبعين الذين يعتبرون مردود المنتخب الجزائري من بين الأحسن في البطولة لحد الآن، رغم اهتزاز الثقة و نقص التركيز وغياب الفعالية الهجومية وعدم استقرارنا على ثلاثي وسط الميدان الذي تغيرت تركيبته كلية خلال مباراتين، لكن المهارة الفردية والروح التضامنية العالية بين اللاعبين مكنتنا من الصمود بدنيا أمام أنغولا، والعودة في النتيجة أمام بوركينا في الوقت بدل الضائع، والاستمرار في المنافسة على ورقة التأهل إلى الدور ثمن النهائي، رغم المؤاخذات الإعلامية والجماهيرية على خيارات المدرب جمال بلماضي.
أما ما يحدث لرياض محرز من انتقادات فنية واعلامية وضغوطات جماهيرية فهو أمر عادي في ظل تراجع مردوده الفني والبدني ، والذي جعل بلماضي في موقف حرج ، يفرض عليه التعامل مع الأمر لمصلحة المنتخب قبل محرز الذي يبقى بدوره نجمنا ،وعليه تفهم مشاعر الغضب منه حبا فيه وفي المنتخب، في ظل تواجد عمورة وأدم وناس في أحسن أحوالهما، دون أن ننسى عودة بونجاح الى مستواه ، ما سمح له أن يكون هداف المنتخب ، في انتظار إيجاد حلول وسط الميدان الذي يبقى مشكلة نسبية قبل مواجهة موريتانيا التي لن تكون سهلة تماما رغم تضاؤل حظوظ المرابطين في التأهل بنسبة كبيرة حتى في حالة فوزه على الجزائر.
الجماهير الجزائرية التي كانت متخوفة من خيارات بلماضي ومردود اللاعبين، سكنها خوف آخر من الأخطاء التحكيمية فوق الميدان أو تلك التي تطبخ في غرفة الفار، خاصة بعد تعيين نفس الحكمين في مباراتي الجزائر ، في ظل هاجس بعض الأطراف التي تترقب خروجنا وتسعى لذلك بكل الطرق عوض التركيز على الفوز بمبارياتها، وكأن خسارة الجزائر تشكل انتصارا لها كما هو الحال في كل المجالات !!.
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 21 يناير 2024