hafid derradji

نهاية مرحلة بلماضي ليست نهاية العالم!

للمرة الثانية على التوالي يخرج المنتخب الجزائري من الدور الأول لنهائيات كأس أمم أفريقيا بدون تحقيق أي فوز بعد تعادله أمام أنغولا وبوركينا فاسو، وخسارته في الجولة الثالثة أمام موريتانيا الذي لعب مباراة كبيرة وحقق انجازا تاريخيا مستحقا، في حين لم يكن المنتخب الجزائري موفقا، ولا يستحق مواصلة المشوار رغم قدراته وإمكانياته، وخبرة وتجربة مدربه ولاعبيه الذين لم يقدروا على صناعة الفارق في مباريات الدور الأول، ما دفع المدرب جمال بلماضي إلى الرحيل بعد ست سنوات خسر فيها أكبر الرهانات، رغم الدعم الرسمي والشعبي والفني الذي حظي به مقارنة بسابقيه، لكنه لم يستثمر جيدا في الإمكانيات المادية والبشرية التي وفرت له، ولا في ثقة المسؤولين والجماهير الذين بالغ بعضهم في تقديسه لدرجة وصفه بـ”وزير السعادة”.
ليس من عادتي اطلاق النار على سيارة الإسعاف التي كان يقودها جمال بلماضي، لكنني أجد نفسي أكرر نفس الكلام الذي ذكرته سابقا بكل الاحترام للرجل الذي قلت عنه قبل سنة: “كان له الفضل الكبير في تتويج الجزائر بكأس أمم إفريقيا 2019 عندما كان المنتخب الجزائري مهدما، ويتحمل جزءا من المسؤولية في خروجه من الدور الأول في دورة الكاميرون، وجزءا من مسؤولية الإقصاء من التأهل الى مونديال قطر”، وقلت آنذاك: “لو كنت مكانه لقدمت استقالتي بعد الإخفاقين”، لكن الرجل أراد التعويض بدون أن يغير من بعض قناعاته ويجدد أفكاره وخياراته، وها أنا أؤكد على أنه يتحمل جزءا من مسؤولية الإخفاق الجديد في كوت ديفوار، بسبب عناده وإصراره على بعض خياراته الفنية الخاطئة سواء كانت فنية أو تكتيكية.
لن أعود للحديث عن كل السلبيات والأخطاء التي وقع فيها المدرب مع رؤساء الاتحاديات الأربعة الذين استهلكهم، وتسبب في رحيل بعضهم، لأن الكلام يسهل بعد الإخفاق، لكن الحكمة والمسؤولية الأخلاقية والمهنية تفرض علينا التذكير بها في حينها لتجنبها مستقبلا، وتجنب الوقوع فيها من طرف المسيرين والمدرب المقبل للخضر، وكذا اللاعبين الذين يواصلون المشوار، وأولئك الذين سيلتحقون بمنتخب يتميز بخصوصيات فريدة تصل درجة تأثير نتائجه على معنويات الجماهير العاشقة لمنتخبها الذي تعتبره مصدر سعادة وفخر واعتزاز أكثر من أي مجال آخر لأسباب اجتماعية ونفسية يطول شرحها في مجتمع يعشق بلده ومنتخب بلده بشكل فريد، يقوده الى الافراط في الفرح بالانجاز، والتطرف في الحزن على الاخفاق.
الصحافة الجزائرية وجماهير الكرة في الجزائر أصيبت بالصدمة البارحة، فتحاملت على المدرب وبعض اللاعبين، وهو أمر عادي وطبيعي يحدث في مثل هذه الحالات، وأكدت كلها على نهاية مرحلة تقتضي تقييم شامل وتغيير في الإطار الفني، وتجديد النفس في منتخب لم يتجدد، حيث شارك في دورة كوت ديفوار خمسة عشر لاعبا من المتوجين بلقب 2019 قبل خمس سنوات، وأجمعت على أن نهاية مرحلة في أي فريق أو منتخب لا تعني نهاية العالم، بل بداية عهد جديد ودورة جديدة بوجوه جديدة وفلسفة مغايرة، تلائم التحولات والتطورات التي تشهدها الكرة الافريقية والعالمية، وتتلاءم مع الجيل الجديد من اللاعبين والضغوطات التي يمارسها الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
الحياة لا تتوقف بسبب الخروج من الدور الأول في كوت ديفوار، والقطار يجب أن يواصل السير حتى ولو نزل منه من لم يعد قادرا على مواصلة الرحلة نحو كأس أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2026 وما بعدهما، أما التركيز على خسارة واقصاء الجزائر، بدون تثمين التأهل التاريخي للمنتخب الموريتاني، فيه اجحاف في حق “المرابطين” الذين أسالوا العرق البارد للمحاربين، ويستحقون منا كل التقدير لمجهوداتهم الكبيرة وروحهم العالية في مبارياتهم الثلاث وليس فقط أمام المنتخب الجزائري.

حفيظ دراجي

القدس العربي 24 يناير 2024

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل