hafid derradji

طوفان الأقصى يعري اسرائيل والغرب والعرب !!

 بقدر ما كانت عمليات طوفان الأقصى انتصارا معنويا كبيرا للقضية الفلسطينية ، وخلفت انكسارا في صفوف الجيش الاسرائيلي ، فقد كانت أيضا سببا في تعرية الإعلام الغربي و الأنظمة العربية ونخبتها ونجومها في مجال الرياضة والثقافة والفنون ، والتي اختفت عن المشهد كلية ، ولم تقدر على التعبير عن تعاطفها وتضامنها مع ضحايا العدوان الاسرائيلي على غزة ، والحصار المفروض على المدنيين الابرياء ، وأدى الى مقتل أكثر من 300 طفل و320 امرأة نتيجة القصف المتواصل على قطاع غزة، لكن ذلك لم يمنع وزراء الخارجية العربية من المساواة بين الضحية والجلاد في بيانهم الختامي الذي صدر عن اجتماعهم الطارئ في القاهرة ، حيث راحوا يدينون قتل المدنيين من الطرفين، في حين يعقد الكنيست الاسرائيلي جلسته الطارئة اليوم لإعلان حالة الحرب رسميا.

أسطورة اسرائيل القوية التي لا تكسر تحطمت على أيدي رجال المقاومة الفلسطينية التي قتلت في بضعة ساعات 1200 شخص ، و 3000 جريح ، و800 بين أسير ومفقود ، وهزت أركان مخابراته وجيوشه التي أصابتها الصدمة مما حدث ، في سيناريو مكرر لعبور الجيوش العربية خط بارليف باتجاه الضفة الشرقية لقناة السويس، قبل خمسين عاما خلت، ليتأكد مجددا أن اسرائيل مجرد بعبع يضعف أكثر مما يقوى ، رغم ضعف الأنظمة العربية وتراجع دعمها للقضية الفلسطينة، ورغم هوان أولئك الذين ارتموا في أحضان أمريكا وإسرائيل في إطار ما يسمى بالتطبيع ، بحثا عن سلام وهمي مع كيان يأخذ أكثر مما يعطي، بل يتمادى في بناء المستوطنات كلما تزايد حجم الانبطاح ويكرر العدوان على الضفة الغربية ، ومحاصرة قطاع غزة، وتدنيس المسجد الأقصى ، وانتهاك حقوق الأسرى في سجونه.

الإعلام الغربي كعادته حرك آلة البروباغاندا في  كل أنحاء العالم ، وكأن من يديره هو رئيس تحرير واحد ، راح يصف المقاومة بالارهاب والاجرام، ويسوق لأكاذيب مفادها أن الفلسطينيين يذبحون ويأسرون الأطفال والنساء الاسرائيليين المسالمين ، ويجب على العالم أن يتضامن معهم ويدعمهم بالسلاح والمال ، فتحركت الآلة الأمريكية التي جرت وراءها بريطانيا، فرنسا ، ألمانيا وإيطاليا والمطبعين الذين انساق اعلامهم وراء نفس الطرح رغم صور الدمار في غزة والتقتيل الجماعي للشعب الفلسطيني وقطع الماء والكهرباء والوقود والدواء على أكثر من مليوني شخص يعيشون في سجن مفتوح منذ 16 عاما ، أمام أنظار عالم يكيل بمكيالين في التعامل مع الإرهاب والعنف والاحتلال والحق في الدفاع عن النفس .

غالبية الأنظمة العربية كعادتها لم تتردد في التنديد بقتل المدنيين من كلا الجانبين في اجتماع وزراء خارجيتها الطارئ، ماعدا الجزائر، العراق ، سوريا وليبيا التي رفضت أن تساوي بين المعتدي والمدافع عن أرضه وعرضه وحقه في الوجود ، في حين التزمت الشخصيات العربية المؤثرة الصمت ، على غرار نجوم الفن والثقافة والرياضة الذين غابوا عن المشهد كلية ، وكأن الذي يحدث لا يعنيهم ، إلا من رحم ربك من بعض المؤثرين الذين نشروا صورا وتغريدات داعمة للشعب الفلسطيني على حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي على غرار النجم الجزائري رياض محرز ، بينما لم يتأخر نظرائهم في الغرب عن دعم إسرائيل والتعاطف معها في وسائل الإعلام الغربية والعالمية .

يحدث كل هذا في وقت يدرك العالم كله أن طوفان الأقصى ليس ارهابا ولا عدوانا على المدنيين ، بل هو رد على مجازر و جرائم اسرائيل المستمرة، ودفاع عن حق الشعب الفلسطيني في تحرير أراضيه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، والذي تقره كل المنظمات الدولية والقوانين والأعراف، ولا يمكن أن يزول بالتقادم مهما بلغت قوة اسرائيل، والخسائر في غزة، وحجم الانبطاح العربي، والدعم الأمريكي و الغربي، والتزييف الإعلامي للحقائق، و تخاذل المؤثرين في مجالات الرياضة والثقافة والفنون، الذين يغرقون في سبات عميق خوفا وطمعا ، ولا يقدرون على نشر صورة الأقصى وضحايا المأساة التي يعيشها الشعب الفلسطيني على مدى عقود.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 12 أكتوبر 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل