hafid derradji

لا وجود لمدرب ناجح وآخر فاشل بالمطلق!

يعود الحديث كل مرة في وسائل الإعلام والأوساط الفنية والجماهيرية حول نجاح المدربين وفشلهم، وعن طبيعة المدرب الناجح والفاشل بشكل مطلق، باعتباره الحلقة الأهم في المنظومة الكروية الحالية، وهو الذي تنسب إليه الانجازات، ويتحمل وحده وزر الاخفاقات، فيستمر أو يرحل، يقال او يستقيل حسب الظروف، فيوصف بالفاشل أو الناجح حسب النتائج، علما أن بعض المدربين رحلوا عن أنديتهم ومنتخباتهم مباشرة بعد تتويجهم باللقب، والبعض الآخر استمر في موقعه رغم فشله في تحقيق أهدافه، ما يثير التساؤلات وعلامات الاستفهام حول القواعد والمعايير التي تحكم عمل المدربين وتحدد مصيرهم.


بين الفشل والنجاح في الكرة خيط رفيع يتقطع في اللحظات الأخيرة من المباراة، بتسجيل أو تضييع ركلة جزاء، أو يتوقف على خطأ دفاعي من هنا أو هناك، أو خطأ تحكيمي يكون سببا في الخسارة أو الفوز، فيوصف المدرب بالناجح او الفاشل، ويستمر أو يرحل عن فريقه حسب النتيجة التي تعتبر صديقة المدربين في أغلب الحالات، رغم وجود الكثير من الاستثناءات تتعلق بمدربين نجحوا فتمت اقالتهم، أو فشلوا لكن الادارة أو الاتحادية جددت فيهم الثقة لأسباب ذاتية أو موضوعية، لا تتوقف على قيمته ومستواه وجهده، ولا على الدعم أو الرفض الجماهيري والإعلامي للمدرب الذي يسهل تغييره بدل تغيير كل الفريق، ويصعب تجديد الثقة فيه إذا تكررت اخفاقاته.


في أغلب الأوقات يرتبط بقاء المدرب أو رحيله بالنتائج، فنقول أن المدرب نجح أو فشل، لكن لا يمكننا وصفه بالمدرب الفاشل أو الناجح، خاصة وأن الكثير من المدربين نجحوا وفشلوا، في وقت ما، ومع أندية ومنتخبات مختلفة، كما قد يرتبط رحيله برغبته في الرحيل الى وجهة أخرى حتى وإن نجح، أو رغبة المسيرين في الاستغناء عنه بحثا عن نفس جديد، وفي هذه الحالة يتحمل كل طرف تبعات قراره بتعويض الطرف الثاني حسب بنود العقد الذي يربطهما، لكن البقاء أو الرحيل ليس معيارا لتقييم أي مدرب مهما كان وزنه واسمه، كما أن النجاح أو الفشل يبقى نسبياً في نظر هواة الكرة، ما دام يخضع أحيانا لمعطيات لا يمكن التحكم فيها من طرف المدرب.


كل مدربي العالم نجحوا وفشلوا في مهماتهم لأسباب ذاتية وموضوعية، البعض منهم نجح لأنه أشرف على فريق أو منتخب يملك كل مقومات النجاح من أموال ونجوم ومحيط مساعد، والبعض الآخر فشل رغم توفر أسباب النجاح أو لأسباب موضوعية لا يتحكم فيها المدرب، كما أن النجاح والفشل متوقف على النتائج التي تعتبر صديقة المدربين، تساعدهم على الاستمرار أو تدفعهم الى الرحيل تحت ضغوطات اعلامية وجماهيرية، لا يمكن اغفال دورها في تحديد المصير، خاصة في زمن الثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تساهم بدورها في ترحيل أو تثبيت أو استقدام أي مدرب مهما كان اسمه أو وزنه.


حتى مورينيو نجح وفشل مع تشلسي الذي دربه مرتين، وغوارديولا فشل في التتويج بدوري الأبطال مع السيتي على مدى خمس سنوات، لكنه نجح مع نفس الفريق الموسم الماضي، كما فشل روبرتو مانشيني في التأهل مع إيطاليا إلى نهائيات كأس العالم لكنه نجح معها في التتويج بلقب كأس أمم أوروبا، ونجح المدرب الجزائري جمال بلماضي في التتويج بكأس أمم إفريقيا في أصعب الظروف، لكنه فشل في التأهل الى نهائيات كأس العالم بعد سنتين، ومع ذلك خرج عن الاستثناء وحظي بدعم رسمي وفني وجماهيري وإعلامي غير مسبوق فاستمر مع منتخب بلاده إلى الآن، واستمر معه الدعم والانتقاد في نفس الوقت، وهي ظاهرة صحية عادية وطبيعية مع كل المدربين.


في كل الحالات، يكون الانتقاد أو الثناء حالة طبيعية مرتبطة أيضا بالنتائج وليس حتى بخيارات المدرب أو المردود الفردي والجماعي للفريق، لذلك يجب الخضوع لقواعد وقوانين غير ثابتة في تحديد الفشل من النجاح، وتقرير مصير المدرب في البقاء أو الرحيل.

حفيظ دراجي

القدس العربي 27 سبتمبر 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل