hafid derradji

أحمد ينتقم من عيسى!!

كما كان متوقعا منذ مدة قرر المكتب التنفيذي للاتحاد الافريقي رسميا سحب تنظيم نهائيات كأس أمم افريقيا 2019 من الكاميرون، وفتح باب الترشيحات لمدة شهر للبلدان الافريقية التي ترغب في احتضان الدورة المقبلة، على أن يتم اختيار البلد البديل قبل نهاية السنة، وهو الأمر الذي لم يفاجئ المتابعين منذ انتخاب الملغاشي أحمد أحمد رئيسا للهيئة الكروية الافريقية، خلفا للكاميروني عيسى حياتو، حيث كان الجميع يترقب هذا القرار لاعتبارات تقنية وأمنية موضوعية، وأخرى ذاتية لا تخفى على أحد منذ أن تغيرت موازين القوى على مستوى الهيئة الكروية الافريقية برحيل عيسى ومجيء أحمد.


ظاهريا بررت الكاف سحب التنظيم من الكاميرون بحجة التأخر الكبير في تجهيز البنية التحتية الضرورية لاستضافة العرس القاري، خاصة بعدما صارت تشترط توفير ستة ملاعب لاحتضان منافسة يشارك فيها أربعة وعشرون منتخبا، عوض ستة عشر منتخبا، كما كان معمولا به سابقا، وبررت ذلك أيضا بتوتر البيئة الأمنية في الكاميرون على خلفية الهجمات المتكررة لمجاهدي «بوكو حرام» في شمال البلاد والنزاع المستمر بين الجيش والانفصاليين في المنطقتين الناطقتين باللغة الإنكليزية في البلاد، لكن باطنيا وضمنيا يعتقد الكثيرون أن الأمر لا يعدو أن يكون تصفية حسابات مع عيسى حياتو الذي تربع لأكثر من ثلاثة عقود على عرش الكونفدرالية الافريقية، فعل فيها ما يريد بالكرة في القارة السمراء، وذهب الى حد اختيار البلدان المنظمة للنهائيات الى غاية 2023.


الحدث ليس الأول ولن يكون الأخير في تاريخ الهيئة الكروية الافريقية التي سبق لها وأن سحبت تنظيم البطولة من زامبيا سنة 1988 واسناده الى المغرب، وتكرر الأمر سنة 1996 عندما اسند تنظيم البطولة الى جنوب افريقيا بدلا من كينيا، ثم نقلت بطولة 2000 من زمبابوي الى غانا ونيجيريا مناصفة، وهو الأمر نفسه الذي حدث سنة 2013 عندما تم سحب التنظيم من ليبيا واسناده الى جنوب افريقيا، ليتكرر السيناريو مع المغرب سنة 2015 قبل شهرين من البطولة التي أسند تنظيمها الى غينيا الاستوائية على خلفية طلب المغرب تأجيل موعد اجرائها خوفا من تفشي وباء «ايبولا» آنذاك.


في بيان أصدرته وزارة الاعلام الكاميرونية مباشرة بعد قرار الكاف بسحب التنظيم من الكاميرون، اعتبرت القرار «غير عادل» وبمثابة «ظلم صارخ» و»معاملة تثير التساؤل»، مؤكدة أن سلطات البلاد ستعمل على استكمال انجاز كل المشاريع التي كانت مقررة لاستضافة البطولة بالتصميم نفسه وفي الموعد المحدد ذاته، ليثبت للعالم بأن نية الكاف كانت «مبيتة» لسحب التنظيم من الكاميرون بطل النسخة الماضية، انتقاما من عيسى حياتو الذي تسبب بدوره في حرمان ثلاثة بلدان من تنظيم الحدث لأسباب مختلفة، طيلة تربعه على عرش الاتحاد الافريقي لكرة القدم.
رد الفعل الكاميروني دفع رئيس الكاف ومكتبه التنفيذي للإعلان عن فكرة ترحيل الدورات المقبلة بمنح الكاميرون فرصة تنظيم دورة 2021 بدلا من كوت ديفوار التي ستنظم بدورها دورة 2023، ثم غينيا التي سيتأجل احتضانها للبطولة الى سنة 2025 في محاولة لإرضاء الكاميرون، وإعطاء الفرصة لكل البلدان لإتمام مشاريعها في وقتها.


القرارات المتخذة عشية نسخة 2019 هي حلقة جديدة من مسلسل تخبط الكاف في تنظيم حدث هو الأبرز على صعيد القارة السمراء، تؤكد التباين الكبير في تطور البنية التحتية بين البلدان الافريقية، ما يهدد باستمرار عجز الكثير منها على استضافة حدث كروي صار يتطلب تجهيز ستة ملاعب على الأقل، وشروطا كثيرة منذ تقرر زيادة عدد المنتخبات المشاركة إلى أربعة وعشرين منتخبا، ويتطلب بنية تحتية ومرافق لا تتوفر سوى في بلدان لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة، ما يضع الهيئة الكروية أمام تحديات كبرى لا تتحكم فيها، ولا يمكن تجاوزها بسهولة بسبب الظروف الأمنية السائدة في بعض البلدان، وكذا الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تتخبط فيها القارة السمراء.
بعد إعلان سحب التنظيم من الكاميرون توجهت الأنظار نحو المغرب الذي سيتقدم رسميا بترشيحه ليخلفه، وسيكون له ذلك بدون أدنى شك، لأنه سيكون بنسبة كبيرة المترشح الوحيد بعدما أدركت جنوب افريقيا ومصر أن المغرب سيكون البديل ليثأر لنفسه من حياتو الذي سحب منه تنظيم بطولة 2017، ويستعيد مكانته على الصعيد القاري كواحد من البلدان القليلة القادرة فعلا على احتضان نهائيات كاس العالم وليس فقط بطولة كأس أمم افريقيا التي ستكون بالنسبة إليه مجرد حدث بسيط.


أحمد أحمد من جهته، سينتقم من حياتو، ويرد الجميل للمغرب الذي وقف الى جانبه في انتخابات الكاف الأخيرة، وجميل تعويض كينيا العام الماضي في قبول احتضان بطولة أمم افريقيا للمحليين التي كانت مهددة بالتأجيل، وبالمناسبة يرفع سقف التحدي بتنظيم عالي المستوى لأول بطولة كبرى يشرف عليها كرئيس للكاف، خاصة أن المغرب يحظى على كل الشروط المطلوبة لتنظيم حدث قاري في المستوى، بفضل بنيته التحتية المتطورة وقدراته الكبيرة في استضافة بطولة يشارك فيها أربعة وعشرون منتخبا لأول مرة.

حفيظ دراجي 

القدس العربي 06-111-2018

تابعوني على شبكات التواصل