رياض محرز لاعب غير عادي
لا يزال النجم الجزائري رياض محرز يثير الكلام في الكثير من وسائل الاعلام، ليس فقط بسبب تألقه مع فريقه هذا الموسم من خلال أدائه المتميز وتسجيله لسبعة أهداف وصناعته لسبعة أخرى في مرحلة الذهاب، بل إن الأمر متعلق بما تم اعتباره فشلا لصفقة انتقاله الى نواد أكبر بعد اللغط الكبير الذي أثير حول مفاوضات ناديه مع ليفربول وأرسنال وتشلسي بدون أن تتم عملية الانتقال.
الأمر كان حدثا ميز الميركاتو الصيفي الماضي حين اقترب رياض محرز من الانتقال الى روما، ثم الميركاتو الشتوي الحالي عندما ارتبط اسمه بنوادي انكليزية عديدة. تداول اسم محرز خدمه أحيانا لأنها صار مادة في مختلف وسائل الاعلام، وأزعجه أحيانا أخرى لأن صفقة انتقاله لم تتم لحد الآن، مما أثر على صورته وعلى إمكانية انتقاله الفعلي الى أحد النوادي الكبيرة هذه الأيام أو الصيف المقبل. تداعيات فشل الانتقال أدت الى زيادة حجم الانتقادات لللاعب، خاصة داخل الجزائر وكأن محرز يملك مصيره بين يديه أو لا يستحق الانتقال الى ناد أكبر.
لقد بلغ الأمر ببعض المحللين في الجزائر الى اعتباره لاعبا عاديا حتى عندما توج بطلا للدوري الإنكليزي الممتاز مع ليستر، وبلقبي أفضل لاعب في إنكلترا وأفضل لاعب في افريقيا. اخفاق محرز مع منتخب بلاده في التأهل الى المونديال زاد من حدة الانتقادات تجاهه وزملائه المحترفين الذين تأثروا كثيرا، وانعكس ذلك على مردودهم ومعنوياتهم، خاصة عندما راح بعض الإعلاميين والمحللين يشككون في قدراتهم ووطنيتهم وانتمائهم، وهم الذين صنعوا الحدث في مونديال البرازيل الذي خرجوا منه أمام أبطال العالم بعد الوقت الإضافي، وصاروا بعدها أبطالا ونجوما دخلوا التاريخ بعد أن غيروا مفهوم الهزيمة التي ربطوها بالأداء المميز.
شبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر تجاوبت مع مستجدات نجمها وانفجرت هذه الأيام ضد كل من اعتبر رياض محرز لاعبا عاديا أو أراد الإساءة اليه والتقليل من شأنه، فكانت الردود من عشاقه بالتأكيد على أنه لاعب غير عادي لأنه تحلى بكثير من الاحترافية والمهنية والتركيز مع ناديه رغم كل الانتقادات في الجزائر، ورغم كل الإشادات في الخارج، فلم يتأثر بما يقال، بل تحسن مستواه وصار يتألق كل أسبوع كهداف وممر حاسم وصانع لعب وفرجة في دوري معروف بالصلابة.
رياض محرز في نظر الكثير من المتابعين هو لاعب غير عادي لأنه ساهم في صناعة اسم ليستر وليس النادي من صنعه، وهو غير عادي لأنه ساهم بقسط كبير في تتويج تاريخي لنادي ليستر المغمور بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز في سيناريو تاريخي لم يسبق له مثيل ولن يتكرر قريبا. أغلبية الجزائريين والأجانب يعتبرون رياض محرز لاعبا غير عادي لأنه لا يزال يقود ليستر الى الانتصارات رغم محدودية إمكانيات النادي حاليا، وتراجع أدائه منذ رحيل بعض نجومه، ويعتبرونه غير عادي لأنه لا يزال يتحلى بقوة ذهنية كبيرة وصبر جميل على كل الانتقادات التي تعرض لها، على وجه الخصوص من بعض الأوساط الإعلامية في الجزائر. رياض محرز هو فعلا لاعب غير عادي لأنه يتحسن ويبدع من أسبوع لآخر، ويلقى الإشادة من كبار المدربين والمحللين والإعلاميين في إنكلترا والعالم رغم وجوده في فريق لا يملك التركيبة التي تسمح له بالتألق أكثر مثلما يحدث مع محمد صلاح وساديو ماني اللذين ينشطان في ليفربول.
الكلام الكثير حول محرز خاصة من القساة عليه، لم يأخذ بعين الاعتبار أن اللاعب لا يملك مصيره وليس هو من يقرر، لأنه مرتبط مع فريقه بعقد يمتد الى غاية 2020، ومن حق فريقه أن يحتفظ به خاصة وأن المدرب كلود بويل لا يريد رحيل لاعبه، بل يشترط بقاءه للاستمرار مدربا مع ليستر مهما كانت العروض. المدرب كلود بويل صرح مؤخرا بأن قيمة محرز ستفوق 100 مليون يورو الصيف المقبل، ولن يستغني عنه بأقل من ذلك في محاولة منه لمنع الفرق الكبرى من الاقتراب منه، بعدما كان ليستر يشترط 60 مليون يورو الصيف الماضي، علما أن التشيلي أليكسيس سانشيز أحد أبرز لاعبي الدوري الانكليزي قد يغادر الى مانشستر يونايتد مقابل 30 مليون يورو! وفي نظر المتابعين للشأن الكروي في الجزائر فان الكلام الذي أثير حول محرز في الجزائر كان فيه الكثير من القساوة والحقد والكراهية تجاه حاملي الجنسية المزدوجة من اللاعبين المحترفين في أوروبا، حتى بلغ الأمر بالاتحاد الجزائري الى اتخاذ قرار الاستغناء عن بعضهم في مباراة زامبيا التي جرت في الجزائر، والضحايا هم محرز وغولام وابراهيمي وبن طالب، لكن سرعان ما تراجع المسؤولون عن ذلك تحت الضغوطات الجماهيرية والإعلامية وحتى الرسمية عن طريق وزير الشباب والرياضة الذي طالب بإعادة اللاعبين المذكورين الى المنتخب.
الجماهير الجزائرية التي تحركها العواطف والمشاعر زادت من ضغوطاتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي رغبة منها في رؤية نجمها ينشط في أكبر النوادي الأوروبية لكنها بدت متفهمة أكثر للحيثيات والخلفيات، ومتأكدة بأن نجمها رياض محرز هو لاعب غير عادي يستحق كل التقدير والتشجيع سواء بقي في ليستر أو رحل الى فريق آخر. محرز لاعب غير عادي بكل الأقمصة