hafid derradji

برنامج عنوانه الاستفزاز وتصفية الحسابات!

في حياتي لم أسمع ولم أرَ سلطة تستفز شعبها وتدفع به إلى التذمر والانفجار مثلما يحدث عندنا رغم إدراكها بأن الشعب فقد ثقته فيها، وإدراكها بأنها فشلت في تسيير شؤون الأمة، وفشلت في استشراف المستقبل، وقادتنا إلى أزمات متعددة الأوجه لن نقدر على تجاوزها بعدما تدهورت أسعار النفط وتراجعت المداخيل، ووجد الجزائريون أنفسهم يتحملون عبء السياسات الفاشلة لجماعة جاءت لتنتقم وتنهب وتصفي حساباتها!

السلطة القائمة الممثلة في شقيق الرئيس وثلاثة أشخاص يحيطون به تمكنت من فرض سياسة الأمر الواقع على الجزائريين من خلال تخويفهم من بعبع الربيع العربي والذكريات السيئة لسنوات التسعينيات، فراحت تمارس التضييق على المعارضة ووسائل الإعلام، وراحت تستفز الشعب من خلال تلك الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة الأزمات التي وقعت فيها!

مضمون مشروع تعديل الدستور شكل أكبر استفزاز للشعب وللساسة ورجال القانون بسبب التناقض الذي حملته بعض مواده، وشكل استفزازاً للمغتربين ومزدوجي الجنسية الذين جعلوا منهم مواطنين من الدرجة الثانية، من دون أن ننسى استفزازنا بإعادة غلق العهدات بعدما فتحها الرئيس لنفسه سنة 2008 ليستمر في الحكم، ويستمر في إقصاء كل من يختلف معه، لنجد أنفسنا في مجتمع مليء بالأحقاد والاحتقان!

السلطة لم تتردد في استفزاز الجزائريين بقانون مالية على مقاس أصحاب المال والمستثمرين الأجانب، وراحت تزيد من حدة الاستفزاز برفع أسعار الوقود والكهرباء والغاز ووسائل النقل، وتتوعد بإقرار زيادات في سعر استهلاك الماء وبعض السلع والخدمات الأخرى، وربما فرض ضريبة على الهواء الذي يتنفسه الشعب.

الاستفزاز يتجسد كل يوم من خلال خرجات عمار سعيداني وعمار غول وعبد السلام بوشوارب وعلي حداد ومن معهم من الوجوه المستفزة التي تتحدى أحزاب المعارضة والصحافة المستقلة وكل الجزائريين، وتهددهم وتتوعدهم وتسبهم أحيانا مثلما فعل زعيم نقابة الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي لم يتردد في سب أمهات من يعارضون الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للسلطة.

علي حداد من جهته لم يعد يتردد في الخوض في السياسة والتحدث باسم الدولة، وقادته الجرأة ليصف المعارضة بالكلاب التي تنبح ويقول للجزائريين بأن عهد الحصول على الحقوق بالاحتجاجات والفوضى قد ولى مثلما ولى زمن النهوض على العاشرة صباحا على حد قوله، وفي ذلك أكبر استفزاز لرجل أعمال لم يعد يفرق بين ممتلكاته الخاصة والممتلكات العمومية، ولم يعد يفرق بين شؤون الدولة وشؤونه الخاصة!

الاستفزازات تجسدت أيضا في سياسة اللاعقاب التي ميزت محاكمات فضائح الفساد في الخليفة والطريق السيار وسوناطراك والتي ذهب ضحيتها صغار المسؤولين وخرج منها الكثير من الوزراء والمديرين والمسؤولين الكبار كالشعرة من العجين لأنها تخص رجال الرئيس ومحيطه من الذين نهبوا وبذروا وهربوا الملايير من دون أن تستدعيهم العدالة ولو كشهود على كل الفضائح التي حدثت في عهد بوتفليقة !

المستفزون لمشاعر الجزائريين لم يتوقفوا عن إطلاق الوعود، ولم يتوقفوا عن الكذب على الشعب رغم آخر تقرير دولي حول أفضل بلدان العالم والذي صنف الجزائر في المركز الأخير في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية رغم الألف مليار التي أنفقت على مدى 15 عاما!

أخر فصول الاستفزاز لمشاعر الجزائريين تمثلت في قرار حل جهاز المخابرات “الدياراس” وتعويضه بمديرية للمصالح الأمنية تكون تابعة لرئاسة الجمهورية بعدما كانوا الى وقت قريب يشيدون باخضاع الجهاز لقيادة الأركان ويعتبرون بأن النجاحات التي حققها الجيش في محاربة الارهاب كانت احدى ثمار اعادة الهيكلة التي قررها الرئيس مؤخرا! لكن يبدو أن فرنسا قررت غير ذلك و وجدت في حل الجهاز ما يشفي غليلها ويسمح لها بالانتقام من مؤسسة الجيش وعموده الفقري “جهاز الاستعلامات”، ويبدو أن محيط الرئيس يريد تقليم أظافر قيادة الأركان قبل اقالة قائده !

أما أكبر استفزاز تعرض له الشعب فهو الدفع بالرئيس للترشح لعهدة رابعة رغم عجزه، ثم احتجازه وتغييبه منذ فترة، والإصرار على أنه هو الذي يحكم ويقرر رغم إدراك كل أبناء الشعب بأن شقيقه ومن معه يحكمون البلد بالنيابة، ويقودونه إلى الهاوية لأنهم لا يملكون مشروعا ولا أفكاراً ولا كفاءات، بل مشروعهم الوحيد هو التحايل علينا للبقاء في السلطة

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 25 يناير 2016

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل