لن أفعل مثل جماعة الـ 19، ولن أكتب رسالة إلى السيد رئيس الجمهورية أطلب فيها لقاءه لأن الرسائل لا تصله، ولأنني كنت طلبت منه قبل الرئاسيات الماضية في رسالة مفتوحة أن يعفيني من قائمة المواطنين الذين يحكمهم في عهدته الرابعة، لكن بعدما طلب منا زعيم الأفلان عمار سعيداني التواصل مع فرانسوا هولاند لمعرفة الظروف الصحية للرئيس، قررت الاستجابة للدعوة وكتابة هذه الرسالة إلى الرئيس الفرنسي لأستفسر عن صحة رئيس الجزائر وهل فعلًا هو بخير ويقرر ويحكم ويعرف ما يحدث في الجزائر؟
سيدي الرئيس
أعرف جيدا بأنكم في حداد على ضحايا الاعتداء الارهابي الذي ذهب ضحيته العشرات من الفرنسيين، وأعرف بأن الظرف غير مناسب، لكن يجب أن تعلموا بأننا نحن أيضا في حداد منذ مدة على جزائر تسير من دون رئيس ودون مؤسسات ودون أفاق مستقبلية ما قد ينعكس سلبا على شعبنا وعلى فرنسا أيضا بحكم الارتباط الوثيق بين مصالحنا، لذلك قررت التوجه اليكم بهذه الرسالة لأزيدكم هما على هم أخر بحكم مسؤوليتكم في ما يحدث في جزائر اليوم جراء دعمكم لمنظومة اختطفت الرئيس، وفقدت شعبيتها ومصداقيتها في الأوساط الشعبية.
عمار سعيداني الذي يحوز على شهادة إقامة في فرنسا أكد لنا ضمنيا في تصريحاته الأخيرة بأنكم أوصياء على الجزائر ومطلعون على الملف الصحي للرئيس منذ اصابته بالوعكة الصحية ودخوله مستشفى فال دوغراس، وقال لنا “أسألوا هولاند عن صحة الرئيس وقدرات الرئيس إذا أردتم الاطمئنان عليه والتأكد بانه خير، وبأن الجزائر بخير أيضا، ولا داعي للقلق على مستقبلها!”
سيدي الرئيس
من خلال لقاءاتكم مع الرئيس ومحيطه، ولقاءات مبعوثيك معه، ومن خلال كل الأخبار التي تصلكم بانتظام من الجزائر، هل فعلا الرئيس الجزائري في صحة جيدة وفي استطاعته المشي والوقوف والكلام مع ضيوفه؟ وهل فعلا يفكر أفضل من 40 مليون جزائري مثلما قال لنا وزيره السابق عمارة بن يونس؟ وهل فعلا في استطاعته تسيير شؤون بلد بحجم الجزائر، وهو الذي يحكم ويقرر دون غيره من المحيطين به الذين لم يخترهم الشعب ولم يفوضهم الرئيس؟
هل هو مطلع على أوضاع الجزائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويتابع كل صغيرة وكبيرة في الداخل والخارج، ويعلم بأن أسعار النفط انخفضت ومداخيل الجزائر تراجعت، وبأن قيمة الدينار تدهورت، ونسبة الجرائم ارتفعت؟ وعدد الأثرياء في تزايد مستمر؟ وهل يعرف بأن المنظومة التربوية والصحية والثقافية فاشلة، وبأن مواطنيه يعيشون حياة تعيسة رغم الملايير التي أنفقت؟
هل يعلم بوتفليقة بأن محيطه يمارس التضليل والتهديد والتخويف والإقصاء، ويقود البلد نحو دكتاتورية جديدة ترسخ حكم الأشخاص، وتعمل على إضعاف وإهانة مؤسسات الجمهورية التي صارت عاطلة وعاجزة عن القيام بدورها لأن كل السلطات صارت بين يدي شقيقه، وكل المسؤولين تائهون لا يعرفون من يستشيرون وكيف يتصرفون في شؤون دولة بحجم الجزائر تهددها المخاطر من كل جانب؟
هل يعرف الرئيس ما يفعله بالبلد شقيقه ومستشاره الخاص رفقة محيطه الضيق من رجال الأعمال والوزراء وبعض رؤساء الأحزاب، وهل يعرف بأن المعارضة تهان في الجزائر وتتعرض لكل أشكال التخوين والتهديد؟ وبأن الجزائريين متذمرون ومستاؤون، وفقدوا ثقتهم في بلدهم بسبب التحايل الذي يتعرضون له؟
هل يعرف بوتفليقة بأن مافيا المال صارت تحكم في الجزائر وتتحكم في رقاب الناس وفي الاقتصاد الوطني، وتقول كلمتها في تعيين وإقالة المسؤولين، وبأنها تزداد توسعا وقوة ونفوذا في وقت تتراجع القدرة الشرائية للمواطن، وترتفع أسعار المواد الغذائية وتكاليف الكهرباء والماء والإنترنت، وتزداد نسبة التضخم، وتتأزم أوضاع الطبقتين الكادحة والمتوسطة التي تدفع ثمن العبث المتفشي على كل المستويات؟
هل يعلم الرئيس بأن مجموعة من المواطنين الجزائريين تقدموا إليه بطلب استقبال، فتعرضوا لكل أشكال التخوين والتهديد من طرف الموالين الذين ردوا على الطلب بالنيابة عنه وكأنهم يخافون أن يلتقي الرئيس بغيرهم ليسمعوه لغة أخرى، أو كأنهم الناطقون الرسميون باسم الرئاسة ونحن لا نعلم بذلك! أو كأن تقديم طلب استقبال من طرف الرئيس هو جريمة في عهد الدولة المدنية؟
وفي الأخير هل يعلم الرئيس فعلا بالعملية الارهابية التي ضربت فرنسا؟ وهل تواصل معكم شخصيا خلال اليومين الماضيين لمواساتكم وتعزيتكم في ضحايا المأساة التي ألمت بفرنسا، وللتنديد بالعمل الاجرامي الجبان الذي سيكون له تداعيات على الجالية الجزائرية في فرنسا كما تعودنا كل مرة، أما أنه اكتفى برسالة التعزية والتضامن كالمعتاد؟
سيدي الرئيس
أرجو أن تقبلوا اعتذاري مجددا على أنني تقدمت اليكم بهذا الطلب في ظرف عصيب يمر به بلدكم، لكن اذا كان جوابكم بأن بوتفليقة يعرف كل هذه الأمور، وهو بخير ويفكر أفضل منا جميعا وهو الذي يحكم ويقرر، ويعلم ما يحدث في الجزائر من تذمر وتخلف وتراجع واختطاف للدولة الجزائرية، وإذا كان راض عما يفعله محيطه، فإننا نرجو منكم أن تبلغوه السلام، وبأننا اشتقنا إلى رؤيته وسماع صوته.
نرجو منكم أيضا أن تتفضلوا بإبلاغه بأننا كنا نود أن نرسل رسائلنا له لنسأل عنه ونطلب لقاءه لكن سعيداني طلب منا التوجه إليكم بالسؤال، وتهكم على كل من يتجرأ مخاطبة رئيسه لكي يشكو ما فعله بنا محيطه، وكأنه يعترف بوصاية فرنسا على الجزائر ويؤكد شكوكنا بأن فرنسا تعرف كل شيء عن الجزائر وتدير خيوط اللعبة فيها، ويكشف عن حقيقة هذه الدولة المدنية المزعومة التي يدعو إليها، ويراد لها أن تبقى تابعة لفرنسا، وشعبها خاضع لأسياد جدد يحتقرون الشعب ويسيئون للدولة ومؤسساتها ورجالها!
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 16 نوفمبر 2015