hafid derradji

وزرارة لتنمية الجنوب قبل العاصمة!!

عندما كان يغيب بوتفليقة عن واجهة الأحداث بسبب عجزه كنا نتألم من أجل وطن من حجم الجزائر يسير بدون رئيس يخاطب شعبه ويمثله في المحافل الدولية، وعندما ظهر الرئيس وهو يترحم على أرواح الشهداء ويستقبل زواره وهو لا يقدر على الكلام والوقوف والمشي أصبحنا نشفق عليه وندعو محيطه إلى أن يتركوا الرجل يرتاح من العقوبات المسلطة عليه كل مرة يحاولون فيها إظهاره بمظهر لائق، وندعوهم لإطلاق سراح الوطن لينطلق بدوره نحو مستقبل جديد برجال جدد وفكر متجدد وسياسات مغايرة .

وعندما نسمع عن تغييرات يجريها الرئيس على السلك الدبلوماسي والقضائي والإداري نزداد يقينا بأن التحايل على الشعب بلغ درجة لا مثيل لها من خلال محاولات إقناعنا بأن الرئيس يفكر ويقرر لوحده من أجل إعطاء نفس جديد لمؤسسات الدولة كما يسوق له، أما عندما نسمع عن مشاريع تخطط لها الرئاسة لإعادة هيكلة الوزارات والقطاعات الحكومية من خلال إعادة إدماج بعض الوزارات مع بعضها وتعيين والٍ برتبة وزير يكلف بإدارة شؤون العاصمة فإن ذلك يدل على تخبط كبير في أعلى مستوى يراد من خلاله إيهام الرأي العام بأن المتحكمين في السلطة يفكرون في مستقبل الوطن الذي لا ينقصه سوى إعادة هيكلة وليس إعادة نظر في كل المنظومة بمكوناتها .

صحيح أن الجزائر هي عاصمة كل الجزائريين وإعطاؤها الأولوية والعناية اللازمة مهم وضروري ولكن ليس على حساب الولايات الأخرى لأن كل الجزائر والجزائريين بحاجة إلى عناية وإعادة نظر خاصة أننا نملك كل الإمكانيات لفعل ذلك ومع ذلك فإن تعيين والي برتبة وزير لإدارة شؤون العاصمة ليس أولوية اليوم لأن وجود كل الوزارات والإدارات في العاصمة كفيل بأن يحل كل مشاكلها لو اعتبر كل وزير نفسه واليا على العاصمة في قطاعه، كما أن إعادة هيكلة القطاعات الوزارية يجب أن تدخل في إطار تغيير شامل للأشخاص والسياسات والذهنيات ولا تقتصر على قرارات إدارية استعراضية يراد من خلالها التأكيد بأن الرئيس في صحة جيدة.

أما إعادة هيكلة بعض القطاعات الوزارية ودمج بعضها مع البعض الآخر في ضل الجمود والتراجع الحاصل فهو مسخرة أخرى إذا بقيت شؤون البلد تسير بالوكالة ودون رقيب من طرف أشخاص لا يفقهون في أمور الدولة ولا يهمهم سوى بقاء بوتفليقة رئيسا ليكملوا مشروع تهديم الدولة ونهب خيرات الوطن ويستمروا في مواقعهم خاصة وأننا في عهد بوتفليقة استهلكنا مئات الوزراء، وأنشأنا عشرات الوزارات دون جدوى ليبقى الأداء ضعيفا والخدمات رديئة والتبذير والنهب والسلب سائدا في كل القطاعات.

بالمقابل فإن إنشاء وزارة لتنمية الجنوب الجزائري يبدو أولوية الأولويات في الوقت الراهن بسبب الحراك الذي يشهده الجنوب الجزائري منذ سنوات وحاجة جنوبنا وأبنائنا هناك إلى تنمية اقتصادية واجتماعية فعلية تفرض تخصيص وزارة تهتم بحل كل مشاكل المنطقة بخصوصياتها مع توفير الاعتمادات اللازمة وانتداب أحسن الكفاءات في كل المجالات لمرافقة أهلنا في مشروع تنموي حقيقي يساهم في إخماد نار الفتنة ويعيد التوازن بين الشمال والجنوب ويغير اتجاه هجرة أبنائنا من الشمال إلى الجنوب عندما تتوفر شروط الحياة الكريمة التي وعدنا بها بوتفليقة.

كل القرارات والإجراءات الظرفية والشعبوية والاستعراضية التي اتخذت في الآونة الأخيرة من أجل تهدئة الجبهة الاجتماعية وشراء السلم الاجتماعي سيكون لها انعكاسات سلبية على مستقبل الشعب الجزائري ودولته مثل مشروع إنشاء صندوق خاص بالمطلقات الذي سيشجع الأمهات والسيدات على اللجوء إلى الطلاق في وقت كان يجب تقوية الحياة الأسرية وتدعيمها من خلال إنشاء صندوق للأرامل اللواتي ليس لهن معيل ومصدر رزق حفاظا على تماسك العائلة الجزائرية وتنشئة أبنائنا في ظروف أحسن وأفضل.

محيط الرئيس كان دائما يوهم الرأي العام بأن بوتفليقة يفكر أحسن من كل الجزائريين ويتمتع بكل قواه العقلية والجسدية، وهو يعمل اليوم من أجل تجسيد الوعود التي قطعها على نفسه قبيل الرئاسيات ولكن الكثير من الجزائريين على يقين بأن الجزائر متوجهة مباشرة نحو الحائط خاصة مع تراجع أسعار النفط وتراجع القيم والأخلاق وتفشي كل مظاهر اليأس والبؤس في الأوساط الشعبية.

حفيظ دراجي

نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 10 نوفمبر 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل