hafid derradji

تعاهدتم ضد الجزائر وليس معها!!

العهد في قواميس كل اللغات وأعراف المجتمعات وفي كل الديانات يحمل معاني الوفاء والالتزام مع الذات أولا ثم تجاه الطرف الأخر ، وهو يختلف عن العقد أو الاتفاق الذي يربط عادة بين طرفين، ولكن عندنا لا يزال الخلط قائما بين العهد والعقد والوفاء والالتزام بهما فعلا لاقولا ، الخلط في المفاهيم والممارسات لا يزال سائدا في الأوساط السياسية والاجتماعية عموما في تظل تراجع الأخلاق وتنامي ظاهرة الولاء للأشخاص لا البرامج والتطبيل والتهليل لأفكار فارغة مع الحرص على اقصاء الأخر بإسم المصلحة وبغياب  القناعة..

المؤيدون للعهدة الرابعة خرجوا الينا بشعار “تعاهدنا مع الجزائر” عنوانا لحملتهم الانتخابية للرئاسيات وتعبيرا عن تعلقهم و وفائهم لبوتفليقة في كل الأحوال والظروف ، لكن الحقيقة أنهم “تعاهدوا ضد الجزائر” وضد الشعب وتحالفوا ضد التغيير والتجديد ، وعقدوا عزمهم بالوقوف ضد كل من يعارضهم ويختلف معهم  لأن التعاهد مع الجزائر يكون بالاخلاص للشهداء والوفاء للوطن وإحترام الشعب وتطبيق المبادئ والقيم المرتبطة بالعهد المسؤول  بغض النظر عن الأشخاص . التعاهد مع الجزائر يقتضي الوفاء بالوعود التي قطعها الرئيس مع شعبه طيلة خمسة عشر سنة ولم يتحقق منها الا القليل بفضل الشعب والمؤسسات كلها وليس بفضل رجل واحد جعلتم منه نبيا معصوما من الخطأ وأسأتم اليه والى تاريخه !!

ذاكرة الشعب اليقظة تخبركم أنكم تحالفتم وتعاهدتم بينكم ضد الشعب لدعم رئيس لا يقدر على الحركة كفعل والكلام كقول ، ولم يقدر على اعلان ترشحه ولا حتى التفكير في تنشيط حملته الانتخابية في سيناريو ، سيكون بالتأكيد فضيحة القرن الواحد والعشرين عندما ينتخب عاجز كرئيس لم يفي بالتزاماته مع شعبه ، ولم يفي بعهده الذي قطعه منذ سنتين عندما قال بأن جيله طاب جنانو لكنه تراجع بعد ذلك رغم ظروفه الصحية وتصاعد موجة الاعتراض على ترشحه .

لقد تعاهدتم بينكم على الاستمرار في مواقعكم بحجة الاستقرار وباستعمال كل الوسائل والطرق الملتوية وتفويت فرصة التغيير السلمي وترسيخ التداول الديموقراطي على السلطة ، لقد تعاهدتم على غلق الابواب في وجه الجيل الصاعد ليأخذ فرصته في تسيير شؤونه وتجاوز مرحلة الشرعية الثورية والتاريخية الى شرعية الديموقراطية  والعدالة الاجتماعية .. تريدون أن ترضى الأغلبية  بعودة تلك العهود السيئة !!

تعاهدتم بينكم ضد الجزائر ومصالحها للاستمرار في نهب ثرواتها وتكسير مؤسساتها بالتغطية على بارونات الفساد والفضائح الأخلاقية والاقتصادية التي لم تشهد لها الجزائر مثيلا عبر التاريخ، تعاهدتم على الدفع بالجزائر الى التراجع والتخلف والانسداد ، تعاهدتم على تخويف وتخوين الجزائريين الأحرار ممن رفضوا الابتزاز الذي تمارسونه بإختيار بوتفليقة أو لا أحد. 

تعاهدتم على محاربة الفساد في برنامج مرشحكم ، معناها أنكم ستحاربون أنفسكم بعدما إستقر الفساد في كل دواليب السلطة وصار ممارسة وسلوكا اجتماعيا يوميا في دولة الفوضى واللاعقاب والغنى الفاحش لأصحاب المال الفاسد،  في الحقيقة أنكم تعاهدتم التغطية على كل المفسدين لأنكم متورطين  وتخافون من العدالة الالهية وغضب الشعب ..

لم تتعاهدوا مع الجزائريين لخدمتهم ، بل تعاهدتم على الاستمرار في التفرقة بينهم واثارة الفتن في أوساطهم لتخويفهم من التغيير بحجة أن مرشحكم هو الوحيد القادر على ضمان استقرار الوطن، وبعده فوضى

شعار التعاهد مع الشعب للعهدة الرابعة هو عهد لمن لا أمانة ولا عهد لهم ، عهد لمن لم يفوا بالوعود والعهود التي قطعوها على أنفسهم بأن يعيدوا الكرامة للجزائريين التي تمرغت، وينعشوا الاقتصاد الوطني الذي تهاوى، وأن يعيدوا للجزائر مكانتها بين الأمم ، والتي لم يعد لها مكان. الجزائريون اليوم يعيشون تحت رهبة الضغط والخوف من البقاء تحت سلطة من لا ايمان ولا أمانة ولا عهد لهم ، من لا يخافون الله ولا يرحمون الشعب !! الاكيد بعد كل نقض لعهودهم ان يد سلطتهم لن تجود الا بما تجد من عهود سابقة ويا ليتهم وفوا بجزء منها ..  

حفيظ دراجي

نشر في يومية الشروق بتاريخ 23 مارس 2014

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل