hafid derradji

هل ستفقد كأس العالم نكهتها؟

كشفت مصادر إعلامية أميركية أن الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يدرس مقترحاً بشأن توسيع المشاركة في نهائيات كأس العالم إلى 64 منتخباً، مرةً واحدة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى المئوية لتأسيس البطولة في نسخة 2030 المقررة في إسبانيا، البرتغال والمغرب، برفقة الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي التي ستحتضن بدورها ثلاث مباريات تكريمية، ويُراد لها أن تكون استثنائية أيضاً في عدد المنتخبات المشاركة، وعدد البلدان المنظمة الذي سيرتفع بدوره في حال قبول الفكرة التي وصفها البعض بـ”الجنونية والخيالية”، تخضع لاعتبارات سياسية ومادية، يصعب تجسيدها عملياً، كما تُفقد البطولة نكهتها، وتنعكس سلباً على المستوى الفني للمباريات.

وللعلم، فإن بطولة كأس العالم الأخيرة التي احتضنتها دولة قطر، شهدت مشاركة 32 منتخباً، تقرر بعدها توسيع البطولة لتشمل 48 منتخباً، في نسخة الولايات المتحدة، كندا والمكسيك صيف 2026، ثم الاستمرار بعدد المنتخبات نفسه في نسختي 2030 و2034، قبل أن تطفو إلى السطح فكرة غريبة لاقت استحساناً من رئيس فيفا، الذي وعد بدراستها إذا ما طالبت بتطبيقها إحدى الدول المشاركة في تنظيم نسخة 2030 التي تصادف الذكرى المئوية لتأسيس البطولة، على أن يعود العدد سنة 2034 في السعودية إلى 48 منتخباً، في سيناريو يبدو قريباً الى الخيال، لم يتوقعه أحد، ويصعب تجسيده، إلا إذا تحصلت الأرجنتين وباراغواي وأوروغواي على تنظيم أكثر من مباراة واحدة كما كان مقرراً.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أن ممثل الاتحاد الأوروغوياني هو من تقدم بالاقتراح في نهاية اجتماع مجلس فيفا الأخير، لكن الفكرة لم تجد تجاوباً كبيراً من باقي الاتحادات الكروية، لِما لها من تأثير سلبي على مستوى المنافسة وجودة المباريات، فضلاً عن الصعوبات اللوجستية التي تخلّفها زيادة عدد المنتخبات المشاركة من ملاعب ومرافق وبنية تحتية لاستقبال 64 منتخباً، وملايين المناصرين، في عالم يعيش تعقيدات سياسية وأمنية واقتصادية، تنذر بأزمات متعددة الأوجه تُقبل عليها البشرية خلال السنوات العشر القادمة بسبب زيادة بؤر التوتر، وانتشار الفقر وكل أنواع الجرائم، والحروب التي تهدد مناطق مختلفة من العالم.

وسيكون المونديال القادم الذي يشارك فيه 48 منتخباً لأول مرة في التاريخ، معياراً مهماً لتقييم زيادة عدد المنتخبات ومدى تأثيره على المستوى الفني ومردوده المالي، حتى وإن كانت مشاركة 64 منتخباً تُعد كبيرة وقد تثقل البلدان المنظمة، ويصعب التعامل معها نظرياً، وإن كانت المنافع السياسية والمالية أكبر مما هي عليه اليوم، وإن لقيت الفكرة دعم اتحادات لم يسبق لمنتخباتها أن شاركت في نهائيات كأس العالم، ودعم أوروغواي وباراغواي والأرجنتين التي سيكون نصيبها من المباريات أكبر بعد أن تصبح ضعف مباريات مونديال قطر الأخير، لتصل إلى 104 مباريات على مدى 39 يوماً، بدلاً من شهر واحد كما جرت عليه العادة.

صحيح أن الفكرة مؤقتة ومناسباتية تخص مونديال 2030، لكنها قد تكون ملهمة ومحفزة على تكرارها لاحقاً، فتفقد التصفيات روح المنافسة، وتصبح نهائيات كأس العالم حدثاً عادياً، وهو ما يثير جدلاً في الأوساط الكروية التي لم تكن تتوقع الفكرة التي لا تزال مجرد مقترح، تجعل من الاحتفالات بالذكرى المئوية حدثاً استثنائياً بكل المقاييس، لبطولة ارتفع فيها عدد المشاركين من 13 منتخباً في أول نسخة سنة 1930، إلى 16 من 1954 إلى 1978، ثم 24 من 1982 إلى 1994، وبعده 32 منذ مونديال 1998 إلى غاية نسخة قطر سنة 2022، على أن يبلغ عدد المنتخبات 48 ابتداءً من مونديال 2026 في الولايات المتحدة وكذا المكسيك وكندا.

في كلّ مرة كان رفعُ عدد المنتخبات مثيراً للجدل، لكنه مفيد للجميع إلى حد بعيد، غير أنه في هذه المرة قد يبدو الأمر غريباً ومثيراً للتساؤلات ووضع علامات الاستفهام حول الأهداف والغايات، حتى ولو كان الأمر يخص دورة تسمح لأكثر عدد من البلدان بالاحتفال بالذكرى المئوية لأكبر بطولة كروية على الإطلاق، تكبر كل دورة بزيادة عدد المنتخبات والمباريات والموارد المالية، لكنها تتراجع فنياً، وعلى مستوى الإثارة، بسبب التباين الكبير في المستوى.

حفيظ دراجي

العربي الجديد 8 مارس 2025

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل