hafid derradji

دوري الأبطال يخسر سيتي

صحيح أن مانشستر سيتي يستحق الخروج من الملحق المؤهل إلى ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا بعد خسارته ذهاباً وإياباً أمام ريال مدريد الذي ألحق به الخسارة للمرة الخامسة في المسابقة خلال موسم واحد لأول مرة في التاريخ، ولم يكن يستحق التأهل، لكن خروجه يشكل خسارة كبيرة للمسابقة التي كان فيها على مدى عشر سنوات أحد صناع المتعة والإثارة والفرجة، عندما بلغ النهائي مرتين، ونصف النهائي أربع مرات، وفاز بها سنة 2023، قبل أن ينهار كلياً من دون سابق إنذار، في وجود المدرب نفسه، وأفضل لاعبي أوروبا والعالم، وتوفر موارد مالية كبيرة سمحت له بإنفاق أكثر من مليار ونصف مليار جنيه إسترليني لأجل استقطاب النجوم والسيطرة على الكرة الإنكليزية خلال العقد الأخير.

صحيح أن حامل اللقب ريال مدريد حاضر في المسابقة كعادته، رفقة ليفربول وبرشلونة، وأرسنال وإنتر ميلانو، وبايرن ميونخ، والمتعة تبقى حاضرة في مباريات خروج المغلوب التي أسفرت عن مواجهات مثيرة في ثمن النهائي، لكن غياب غوارديولا عن الدور ثمن النهائي لأول مرة في مسيرته التدريبية على مدى  16 موسماً، بعدما تعرض للخسارة في نصف مبارياته التي خاضها منذ بداية الموسم، وبلغ عددها 13 من أصل 26 مباراة في جميع المسابقات، يُعد حدثاً استثنائياً كبيراً، يتحمل مسؤوليته بشكل مباشر، وقد أقر بذلك عندما قال قبل أيام إنه فشل و”لم يعد قادراً على إيجاد الحلول” لما يحدث لفريقه، رغم إنفاقه ما يقارب 300 مليون يورو خلال الميركاتو الشتوي المنصرم.

غياب سيتي غوارديولا عن ثمن نهائي دوري الأبطال يخلّف بدوره خسائر مالية ضخمة للنادي مقارنة بما حصل عليه عندما بلغ ربع النهائي الموسم الماضي، ونال إثره 90 مليون جنيه إسترليني، بينما سيكتفي هذا العام برصيد 64 مليوناً بعد خروجه في الملحق المؤهل إلى ثمن النهائي، وهو الذي حقق أرباحاً ضخمة بلغت 100 مليون جنيه إسترليني عن كل مشاركة في دوري الأبطال، ناهيك عن تبعات التألق والتتويج التي ترفع من قيمته السوقية وقيمة استثماراته وأسهمه في البورصة، وتجعله قادراً على استقطاب أفضل وأغلى النجوم، مع الحفاظ على توازناته المالية، من دون الحاجة إلى بيع لاعبيه الكبار أو الشبان الذين يتخرجون في الأكاديمية.

وبعد خروجه المبكر من دوري الأبطال، وقبله كأس الرابطة، لم تبقَ لفريق سيتي سوى كأس الاتحاد الإنكليزي لإنقاذ موسمه وتجنب الخروج صفر اليدين لأول مرة في عهد غوارديولا، خاصة أن أمر الدوري يبدو محسوماً بين ليفربول وأرسنال، ومع ذلك يبقى مطالباً بضمان مكان مع الأربعة الأوائل للمشاركة في دوري الأبطال الموسم المقبل، وهي المأمورية التي لن تكون سهلة في ظل الانهيار المعنوي الذي يعيشه الفريق، وتراجع المردود ومستوى اللاعبين الذين بدؤوا يفقدون ثقتهم بقدراتهم، مثلما فقد غوارديولا ثقته وتوازنه، ولم يعد قادراً على التحكم في لاعبيه وتحفيزهم، وبلغوا درجة لم يسبق لها مثيل من العجز على رد الفعل أثناء المباريات.

الغريب في الأمر أن الخروج من دوري الأبطال لم يدفع غوارديولا نحو الرحيل كما تقتضيه أحكام الكرة في المستوى العالي، ولم يدفع إدارة النادي إلى الاستغناء عنه، ولم يتعرض لانتقادات وحملات في الأوساط الإعلامية والجماهيرية للمطالبة برحيله رغم إقراره بالعجز والفشل وعدم القدرة على إيجاد الحلول، بل بالعكس، تم تجديد عقده موسمين إضافيين في أصعب الظروف التي يمر بها، ما يعكس ثقة الإدارة المطلقة بمدرب عنيد، لا يزال يعتقد أنه الأفضل وبإمكانه تجاوز أكبر محنة في مشواره التدريبي الذي يبقى ثرياً، مثلما يبقى مدرباً متميزاً، نجح وفشل، لكنه ليس فاشلاً، بل هي فترة صعبة كان لا بد أن يمر بها مع سيتي الذي يبقى بدوره أحد أفضل أندية العالم منذ مجيء بيب غوارديولا الذي فاز معه بكل الألقاب والبطولات.

خرج مانشستر سيتي من دوري الأبطال مبكراً، وخسر المال الكثير، ويتوجه نحو تضييع لقب البريمييرليغ، لكن المسابقة الكبرى خسرت بدورها غوارديولا وسيتي والمتعة التي يضيفها على كل بطولة يشارك فيها، ويبقى السؤال المطروح، هل يستمر غوارديولا مع سيتي أم يرحل؟ وهل يشارك الموسم المقبل في دوري الأبطال ويثأر؟ أم أنها مرحلة وانتهت في حياة المدرب والفريق؟

حفيظ دراجي

العربي الجديد 24 فبراير 2025

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل