hafid derradji

كل شيء كان جميلًا في تيزي وزو!

المباراةُ السَّادسةُ والأخيرةُ التي خاضَها المُنتخبُ الجزائريُّ أمامَ ليبيريا في تصفياتِ كأسِ أُممِ إفريقيا 2025 شكَّلت حدثًا كبيرًا للجزائريينَ، رغم ضمانه التأهلَ منذُ الجولة الرابعة، حيث كانت المناسبةُ استعراضيةً واحتفاليةً أكثرَ مما هي فنية، رغم الفوز العريض بخماسية، والوجه الطّيب الذي ظهر به الخضرُ وسط أجواء جماهيريَّة استثنائيَّة بحضور خمسينَ ألفَ متفرجٍ، شهدوا أوَّل مباراةٍ دوليةٍ للمُنتخب الجزائريّ في «تيزي وزو» التي صارت عاشرةَ مدينة تحتضن مباريات الجزائر، على الملعب الرابع عشر في تاريخ الكرة الجزائرية، والذي أُطلقَ عليه اسمُ المجاهد الراحل حسين أيت أحمد، أحد مفجّري ثورة التحرير التي احتفلَ بذكراها الشعبُ الجزائري منذ أيَّام.
من الناحيةِ الفنّية، كانت مواجهةُ ليبيريا فرصةً للمدرّب فلاديمير بيتكوفيتش لتأكيد الوجه الطيب الذي صار يظهر به المنتخبُ الجزائريُّ من مباراة لأخرى، ما سمح له بتحقيق خمسةِ انتصارات وتعادلٍ واحدٍ، وتسجيل 16 هدفًا، مقابل تلقيه هدفَين في ستِّ مُباريات في التصفيات الإفريقية، واستعادة السعادة والبهجة في اللعبِ التي افتقدَها الخضر قبلَ مجيءِ المدرب البوسني الذي تمكَّنَ في ظرفِ ثمانيةِ أشهرٍ من تحفيز لاعبيه رغم المُنافسة الكبيرة على المناصب بين جيلٍ مخضرمٍ يتشكلُ من مواهبَ كبيرةٍ منحته خياراتٍ فنيةً وتكتيكيةً كثيرةً، ومنحت اللاعبين ثقةً في أنفسهم، تسمح لهم بتوظيفِ قدراتِهم رغم الضغوطِ الإعلامية والجماهيريَّة.
مواجهةُ ليبيريا كانت فرصةً للمدرب واللاعبين حتى يؤكدوا أنّ المردودَ الجيد والنتائج الطيبة تصنعهما كلُّ المجموعة وليس فقط النجوم، ولا حتى الأساسيين بمفردهم، وكانت مناسبة للجماهير الجزائرية حتى تحتفل بتدشين الملعب الجديد، وتستذكر خصال المجاهد حسين أيت أحمد، أحد أبناء منطقة القبائل الذين قادوا ثورة التحرير الجزائرية، ومناسبة للاحتفاء بإنجاز مرفق رياضي يضاف إلى سلسلة المرافق التي تم إنجازها في العاصمة وهران، وتلك التي أعيد ترميمها في قسنطينة وعنابة، وسمحت للمنتخب الجزائري باللعب في مختلف المدن الجزائرية بأريحية كبيرة، بعد أن كان المنتخب الجزائري يخوض مبارياته في ملعب واحد أو اثنين على مدى أكثر من عقدَين من الزمن.
النقلة النوعية والكَمية للمرافق الرياضية في الجزائر، كانت مكسبًا كبيرًا لعديد الأندية الجزائرية، ومنحت للمدرب الوطني خيارات كثيرة للعب في مختلف المدن استجابةً لرغبات عشاقه في جزائر شاسعة يعشق شعبها منتخب بلاده بشكل استثنائي، ويحضر مبارياته بعشرات الآلاف كل مرة، ويصنع أجواء محفزة للاعبين، خاصةً عندما ترتبط بأحد رموز الثورة، أو مناسبة تاريخية تزيد من مشاعر الارتباط بالوطن في أوساط اللاعبين والمناصرين، وتسمح بتقديم مُستويات أفضل على غرار ما يحدث حاليًا بعد سلسلة إخفاقات متكررة كان أكبرها الغياب عن مونديال قطر، والخروج في الدور الأوَّل من دورتَين متتاليتَين في نهائيات كأس أُمم إفريقيا.
لذلك ولأسباب أخرى كان كل شيء جميلًا في «تيزي وزو» فوق الميدان، وفي المدرجات، في القلوب والعقول والنفوس، في أوساط المنتخب الجزائري وجماهيره التي تستحقّ مزيدًا من الأفراح والمرافق في بلد يتنفس الكرة مثلما يتنفس حُبَّه لوطنه ومنتخب بلده، وكل ما يرمز للجزائر ويمثلها في مختلف المُناسبات والمحافل.

حفيظ دراجي

جريدة الراية 17 نوفمبر 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل