hafid derradji

لماذا لم يعاقب اتحاد الجزائر من طرف الكاف؟

لا تزال مشاركة نادي اتحاد الجزائر في النسخة الجديدة من مسابقة كأس الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم تثير التساؤلات وعلامات الاستفهام، دون أن يتعرض للعقوبة المنصوص عليها في القوانين، رغم انسحابه في نصف نهائي السنة الماضية احتجاجا على قميص منافسه “نهضة بركان” المغربي الذي كان يحمل خريطة المغرب ، والذي اعتمدته الكاف مسبقا، فاعتبرت الفريق الجزائري خاسرا في المباراتين بنتيجة ثلاثة صفر، وأقصي من المنافسة، ما دفعه الى اللجوء لمحكمة التحكيم الرياضي التي لم تصدر حكمها لحد الآن، في حين لم تصدر لجنة الانضباط للاتحاد الأفريقي أي قرار يعاقب الفريق الجزائري على انسحابه مما فسح المجال أمام كل التأويلات، في سابقة أولى من نوعها.
للتذكير فقد امتنع فريق” نهضة بركان” شهر نيسان/أبريل الماضي عن دخول أرضية الميدان لمواجهة اتحاد الجزائر بسبب حجز قمصانه من طرف الجمارك الجزائرية في مطار الجزائر هواري بومدين، لكن “الكاف” منحت نقاط المباراة للفريق المغربي، وفي لقاء الإياب رفض اتحاد العاصمة دخول أرضية الميدان احتجاجا على إصرار “نهضة بركان” اللعب بقمصان تحمل خريطة غير معتمدة من طرف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والفيفا والكاف مما سمح للفريق المغربي بالتأهل الى النهائي الذي خسره أمام الزمالك المصري، ما دفع بالفريق الجزائري إلى الطعن في قرار الإقصاء الذي اتخذته لجنة الانضباط، ومن ثم اللجوء الى محكمة التحكيم الرياضي لإنصافه بحجة أن الإعلانات والشعارات السياسية والدينية والثقافية المرخصة على القمصان هي فقط تلك المسموح بها من طرف البلد المضيف كما ينص عليه القانون.
الانسحاب في قوانين “الكاف” يؤدي الى تسليط عقوبات تصل الى حد الحرمان من المشاركات القارية لمدة سنتين على الأقل، لكن ذلك لم يحدث لحد الآن، ما يشكل إقرارا ضمنيا بخطأ إداري وفني على مستوى الهيئة القارية التي اعتمدت قميصا يحمل شعارا سياسيا تمنعه الفيفا والاتحادات القارية واللجنة الأولمبية الدولية، لذلك تراجعت لجنة الانضباط عن معاقبة اتحاد الجزائر وسمحت له بالمشاركة في النسخة الجديدة مهما كان قرار محكمة التحكيم الرياضي التي ينتظر أن تنصف الفريق الجزائري، دون أن تعيد النظر في نتيجة المباراة، وتمنع “نهضة بركان” من حمل القميص المعتمد من طرف الكونفدرالية الأفريقية لكرة القدم رغم التسريبات التي تحدثت عن اعتماده مجددا للموسم الثاني على التوالي.
الاتحاد الجزائري دخل على الخط لأجل منع تكرار السيناريو مجددا تحسبا لمواجهات جزائرية مغربية مستقبلا،  بينما يسعى الاتحاد المغربي للحصول على موافقة “الكاف” بالسماح لـ” نهضة بركان” وكل الأندية والمنتخبات المغربية المشاركة في المسابقات القارية بالخريطة نفسها على القمصان، مما وضع الاتحاد الأفريقي في مأزق جعله يتردد في اعتماد قميص “نهضة بركان” نفسه في النسخة الجديدة للمسابقة الى غاية صدور قرار محكمة التحكيم الرياضي والذي تأخر كثيرا على غير العادة، أملا في إيجاد حل يرضي كل الأطراف ويجنب الاتحاد الأفريقي الدخول في متاهات جديدة تفتح عليه جبهات أخرى لن تتردد في إقحام السياسة في الرياضة ، في قارة تتخبط في مشاكل سياسية وتاريخية وحدودية عديدة بين الدول بعد استقلالها.
الأكيد أن اتحاد العاصمة لن يعاقب رغم انسحابه، ولن يعاقب فريق “نهضة بركان” لأن لجنة المنافسات اعتمدت قميصه قبل بداية مسابقة الموسم الماضي، لكن سيكون من الصعب تجديد الترخيص بوضع الخريطة على القميص، أو حتى إرضاء الجميع على حساب اللوائح والقوانين مستقبلا، خاصة بعد أن خرجت القضية عن إطار الهيئة القارية وأخذت بعدا دوليا على مستوى اللجنة الأولمبية الدولية والفيفا ومحكمة التحكيم الرياضي التي اطلعت على حجج كل الأطراف، ولن تتردد في إدانة الهيئة القارية، التي ستحمّل بدورها لجنة المنافسات المسؤولية، وتصنف الأمر ضمن خانة الخطأ الإداري الذي سيتم تصحيحه من خلال طي ملف المواجهة بين الفريقين وسحب اعتماد القميص المثير للجدل استنادا للوائح والقوانين التي تمنع ارتداء أقمصة تحمل شعارات سياسية او ثقافية او دينية، أو تلك التي لا تتطابق مع مبادئ وقيم ومواقف البلد المضيف.
بغض النظر عن النوايا فإن الفريق المغربي مارس حقه، والفريق الجزائري قام بواجبه ، لكن “الكاف” أساءت التقدير عن طريق لجنة المسابقات، وتسببت في زيادة الاحتقان، في انتظار قرار محكمة التحكيم الرياضي الذي سينصف الجميع .

حفيظ دراجي

القدس العربي 28 أغسطس 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل