hafid derradji

ماذا بعد ميداليات باريس الأولمبية؟

 بعد التتويجات والتكريمات المستحقة التي حظي بها المتوجون الجزائريون الثلاثة بالميداليات الأولمبية، بالشكل المثير و الاستثنائي الذي حدث، وسمح للجزائر باحتلال المركز الثاني في ترتيب المتوجين عربيا وافريقيا ، حان الوقت لتقييم المشاركة ، من خلال تثمين الإيجابيات وتجاوز السلبيات لتدعيم الانجازات وتصحيح الاختلالات التي تعرفها المنظومة الرياضية في الجزائر منذ سنوات، وتحضير أولمبياد 2028 من الأن ، تجنبا لما كان يحدث كل مرة بعد كل انجاز أو اخفاق نعتبره نهاية العالم، ونعتقد أننا نجحنا أو فشلنا وانتهى الأمر ، ولا نستفيد من تجاربنا على كل المستويات الفنية والتنظيمية والإدارية للممارسة الرياضية الهاوية والمحترفة على حد سواء.

تتويج كيليا نمور  بالشكل الذي حدث ينتظر أن يساهم في بعث رياضة الجمباز في الجزائر وتشجيع الممارسة النسوية للرياضة ، حيث ينتظر أن تقبل الفتيات على مختلف قاعات الجمباز في الجزائر على قلتها ، بعد أن تحولت ابنتنا الى قدوة، وينتظر أن يساهم في استقطاب رياضيين أخرين من مزدوجي الجنسية ، يلتحقون بمختلف المنتخبات الجزائرية في مختلف الرياضات ، ما يشكل دعما إضافيا يقتضي، توفير أسباب التألق من خلال توفير الإمكانيات والوسائل التي تم توفيرها لكيليا نمور عندما اختارت الجنسية الرياضية الجزائري، وهو الأمر الذي يمر حتما عبر الاسراع في انتخاب رئيس جديد للاتحاد الجزائري للجمباز ، أو اعادة الاعتبار للرئيس الذي تم توقيفه منذ مدة وتعيين مكتب مؤقت للتسيير .

على غرار الاتحاد الجزائري للجمباز توجد اتحادية الملاكمة في نفس الوضعية من الناحية الادارية والقانونية بدون رئيس منتخب ، ومع ذلك تمكنت الملاكمة ايمان خليف من ضمان الذهب في سيناريو  ملهم للأجيال الصاعدة، و مشجع للمارسة الرياضية النسوية التي ينتظر أن يرتفع الطلب عليها حتى في الملاكمة ، من دون اغفال الأثر المعنوي الذي خلفه التتويج بذلك الشكل الدراماتيكي في مواجهة كل أشكال التنمر والعداء و التمييز العنصري، الذي خلف تضامنا جماهيريا محليا ودوليا، وأخرج ما في نفس البطلة الجزائرية من عزيمة وإرادة وإصرار على تحقيق حلمها والتتويج بالذهب الذي لا يقدر بثمن ، ولا يمكن تقدير مدى تأثيره على نفوس الرياضيين الجزائريين والرياضيات الجزائريات اللوتي ستكون ايمان خليف بالنسبة إليهم قدوة في مجال الممارسة الرياضية.

أما ما فعله العداء جمال سجاتي في ألعاب القوى فلا يقل شأنا ولا قيمة عن انجاز نمور وخليف رغم الضغوطات النفسية التي عاشها بسبب التفتيش الذي تعرضت غرفته في القرية الأولمبية من طرف مصالح الدرك الفرنسية، والضغوطات التي تعرض لها مدربه مراح بسبب تفتيش شقة ابنته التي تعرضت للاعتقال على ذمة التحقيق لمدة 24 ساعة ، ومع ذلك حافظ على توازنه واحتل المركز الأول في الدوري الأول و نصف النهائي، والبرونزية في النهائي أمام أبرز عدائي اختصاص 800 متر ، محافظا على ماء وجه ألعاب القوى الجزائرية التي حملت لواء الرياضة الجزائرية في المحافل الدولية كل مرة، ولا تزال هي الأكثر تتويجا بالميداليات في الألعاب الأولمبية والبطولات العالمية

بعد تتويجات باريس الفردية الثلاثة الجميلة والمثيرة التي كتبت صفحة جديدة من صفحات الرياضة الجزائرية بحلوها ومرها، حان الوقت التقييم والتصويب ، وتصحيح ما يجب تصحيحه، والبدء في تحضير أولمبياد لوس أنجلوس 2028 واعادة ترتيب البيت الرياضي الجزائري على مستوى الاتحادات، والجمعيات والنوادي والمرافق ومنظومات التمويل والتكوين والتنقيب على المواهب، والممارسة الرياضية الجماهيرية و المحترفة التي تستند على أسس علمية وتكنولوجية، بعيدا عن الانجازات الظرفية التي تغطي على غابة مليئة بالمواهب التائهة والشوائب المتفشية في الأوساط الرياضية التي تبقى ذات أهمية كبيرة يجب أن نعتني بها ونعتني من خلالها بأولادنا وبناتنا الذين يستحقون منا كل الاهتمام والمرافقة القبلية والبعدية والاستثمار فيهم بعيدا عن الاستغلال الظرفي الذي يتكرر كل مرة.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 18 أوت 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل