hafid derradji

إمرأة ونصف قهرت أنصاف رجال

الجزائرالٱن _ في نفس اليوم الذي رحل فيه الملاكم الجزائري موسى مصطفى صاحب أول ميدالية أولمبية في تاريخ الجزائر في أولمبياد لوس أنجلوس قبل اربعين  عاما ، تمكنت الملاكمة الجزائرية إيمان خليف من ضمان التتويج بميدالية برونزية على الاقل في أولمبياد باريس بعد فوزها على الايطالية أنجيلا كارين في ثمن النهائي و المجرية لوكا هاموري في ربع النهائي، وسط ضغوطات سياسية و إعلامية وجماهيرية ، وحملة عنصرية قذرة، وصفتها بأنها رجل يتنكر في أزياء نسائية، لكن المرأة المتحولة جنسيا في نظر المخنثين والمختلين عقليا كانت امرأة ونصف ، تحملت ما لا يقدر على تحمله الرجال، فوقفت رفقة أبناء شعبها شامخة قوية لا يهزها ريح . 

إيمان خليف كانت على مدى أيام ضحية حملة عنصرية حاقدة انخرط فيها الاعلام الفرنسي والأوروبي والأمريكي ، و الساسة و الإعلاميين،  على غرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والرئيس الأرجنتيني الحالي، ورئيسة وزراء ايطاليا جورجيا ميلوني ، وكذا مالك منصة تويتر ايلون ماسك وعديد الرياضيين والفنانيين والمشاهير الذين تكالبوا على امرأة لمجرد أنها جزائرية مسلمة ، جعلتهم يتفقون على وجود فرق بين الرجل والمرأة، في زمن اختلطت فيه عليهم القيم والمبادئ والمعايير،  ولم يعد بإمكانهم التمييز بين الرجل والمرأة منذ صار رجالهم نساء ، ونساؤهم أنصاف رجال.

كل أزمات الكون انتهت هذه الأيام في نظر الحاقدين ولم يعد ينقص سوى اجتماع مجلس الأمن لتحديد جنس الملاكمة الجزائرية إيمان خليف قبل أن يقطع الشك باليقين رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ في ندوته الصحفية التي أكد فيها أن ” إيمان ولدت أنثى، وكبرت أنثى، وشاركت لسنوات مع الإناث،  وليس هناك أدنى شك أنها من جنس أنثى ، وما نشاهده حاليا هو أن البعض يريد أن يعطي تعريفات أخر للأنثى، لدرجة أنهم أقحمونا في معارك سياسية وخطاب الكراهية الذي انتشر غبر مواقع التواصل الاجتماعي ” على حد تعبير باخ، الذي دفع الكثير من الغرب بهم إلى الاعتذار من إيمان  .

الحملة التي تعرضت لها إيمان حفزتها كثيرا في منازلتها الثانية أمام المجرية هاموري في حضور جماهيري جزائري قياسي، و وسط اهتمام اعلامي عالمي لا مثيل له، ومتابعة قياسية للمنازلة فاقت المليار مشاهد، بعد أن خطفت الأضواء ومكنت الجزائر من التتويج بميدالية أولمبية ، بعد غياب عن منصة التتويحات منذ ثماني سنوات ، وتصبح بذلك المرأة الجزائرية الرابعة المتوجة منذ حسيبة بولمرقة، نورية مراح ، وصورية حداد ، بالميدالية البرونزية التاسعة للجزائر في الأولمبياد إضافة إلى أربع فضيات وخمس ذهبيات في تاريخ المشاركات عبر التاريخ .

بعد التأهل الرائع إلى نصف النهائي ، صنعت ايمان الحدث بدموعها التي أبكت متابعيها،  وبتصريحاتها الصحفية الناضجة التي دافعت فيها عن كرامة المرأة الجزائرية،  وأكدت أنها تتحلى بقدرات خارقة على التحمل ، وكأنها ليست مجرد امرأة ولا ملاكمة ، بل امرأة خارقة حاملة رسالة ، لن تكتفي بالبرونز، بل تسعى إلى أكثر من ذلك بكثير، وسط دعم رسمي وشعبي محلي ، وآخر عالمي من شخصيات ومؤسسات رياضية وغير رياضية تعاطفت معها، و وقفت معها عندما أدركت أنها أكثر من مجرد امرأة لكنها ليست رجلا ، ولا متحولة جنسيا .

للعلم فإن إيمان هي فتاة جزائرية مسلمة تنتمي إلى بلد مسلم لا يدعم المثلين جنسيا، ولا يسمح لمتحولة جنسيا أن تمثل الجزائر،  وهي ملاكمة قوية لكنها خسرت عشر منازلات من أصل خمسين منازلة خاضتها في مشوارها الرياضي، ولم يسبق لها و أن تناولت هرمونات ذكورية حتى تزداد قوة ، بل هي إبنة قرية نائية من أعماق الجزائر، اجتهدت و كافحت لأجل الوصول إلى منصة التتويحات ، وتركت خلفها المرضى والمجانين يبكون ويندبون في مختلف المنابر و المنصات و وسائل الإعلام.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 04 أغسطس 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل