hafid derradji

حتى لا تتحول الرئاسيات إلى عائق!

منذ الإعلان عن تقديم موعد الانتخابات الرئاسية استقطب الحدث اهتمام الأحزاب والشخصيات الوطنية والنخبة وعامة الناس التي راحت تحلل و تتكهن بمختلف السيناريوهات، حتى كاد يتحول الشأن العام الى حدث ثانوي رغم التحديات والمواعيد المختلفة التي تنتظرنا بالموازاة مع الرئاسيات، على غرار موسم الاصطياف الذي يقرع الأبواب، والدخول الاجتماعي والمدرسي والجامعي الذي يليه مباشرة بعد ذلك ، ما يتطلب تحضيرا خاصا من مختلف مؤسسات الدولة واهتماما كبيرا بحاجيات المجتمع على المديين القريب والمتوسط ، والحرص على توفير الظروف الملائمة للشعب الجزائري في مواجهة كل المواعيد والتحديات التي تنتظره، ولا تكون الرئاسيات سببا في تأجيل أو تعطيل الحياة العامة للناس كما كان الحال كل مرة في مواعيد انتخابية سابقة.

صحيح أن الأمور تبدو عادية لحد الآن وهي ظاهرة صحية في مجتمع متوازن ، لكن البعض يتخوف من بلوغ درجة الاهتمام بالرئاسيات الى حد المبالغة مع الوقت، وتجاهل مختلف التحديات الأخرى، وتأجيل البت في مختلف الملفات الهامة، أو نذهب الى النقيض و يتحول الموعد الانتخابي الى حدث عابر بلا أهمية ولا أي اهتمام من طرف الساسة وعامة الناس، ما يقتضي البحث عن التوازن المطلوب، مع التركيز على ضرورة الاعتناء بالشأن العام بشكل عادي وطبيعي ، وضمان السير الحسن للانتخابات و مؤسسات الدولة ، حتى لا تفقد الرئاسيات أهميتها، أو تتحول الى عائق يحول دون الاهتمام بالمواعيد والمجالات الأخرى.

موسم الاصطياف الذي ينطلق مع نهاية عيد الأضحى المبارك في منتصف شهر جوان، يتطلب استعدادات خاصة من كل الجوانب الأمنية والمادية و السياحية والفنية والثقافية ، خاصة مع ازدياد توافد المغتربين على أرض الوطن ، وتزايد حاجيات شعبنا إلى الغذاء الروحي في مجال التسلية والترفيه والذي تراجع كما ونوعا منذ سنوات طويلة لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية، ما يقتضي تنشيط الحياة الفنية والثقافية عبر ربوع الوطن، وتوفير مرافق اضافية سياحية لاستقبال الأعداد المتزايدة من السياح والبحث عن ميكانيزمات جديدة لتنشيط السياحة الداخلية بأسعار تكون في متناول البسطاء عموما والشباب بالخصوص.

استمرارية الدولة تفرض على حكومة الرئيس تبون مواصلة عملها بنفس النسق والالتزام ، وكأنها ستبقى الى الأبد ، خاصة في ظل  تزامن الحملة الانتخابية والانتخابات مع موعد الدخول المدرسي والاجتماعي المقبل الذي يتطلب استعدادات خاصة وجهود كبيرة لضمان عودة التلاميذ والطلاب الى المدارس والجامعات والمعاهد في أحسن الظروف، وعودة الموظفين الى حياتهم العادية في ظروف حسنة لا تتأثر بالموعد الانتخابي، حتى لا تتعطل مصالح الناس في باقي المجالات الأخرى المرتبطة بالحياة اليومية ، وتلك المرتبطة بالالتزامات الداخلية والخارجية لمختلف مؤسسات الدولة الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرياضية المعنية بالدخول الاجتماعي الذي يجب أن يكون أمنا وهادئا.

يجب أن نصل الى مرحلة يصبح فيها تسيير الشأن العام وأمور الدولة بنفس القدر من الأهمية مع المواعيد الانتخابية مهما كانت قيمتها ، ويصبح فيها تجديد الثقة في الرئيس المنتهية ولايته أو انتخاب رئيس جديد حدثا لا يؤثر على السير العادي لمؤسسات الدولة ، بل محفزا لها ، و موعدا لتجديد النفس وبعث روح جديدة في الأوساط الشعبية ومؤسسات الجمهورية ، ما يسمح باستكمال برامج التنمية الحالية واستحداث برامج جديدة تتوافق مع الحاجيات المتزايدة لمجتمع يتفاعل بإيجابية مع الأحداث، وبلد يتجاوب مع المتطلبات ولا يتوقف عن رفع التحديات ، وتوفير حاجيات شعب يستحق منا جميعا أن نكون في مستوى تطلعاته.

موسم الاصطياف غدا، والدخول الاجتماعي بعد غد ، و موعد الرئاسيات يتوسطهما ، والتحديات الداخلية والخارجية تتخللها ، وتستمر بعدها ، لذلك علينا التعامل معها بجدية وحرص شديد، دون تقصير أو خلل ، لأن الأمر يتعلق بالجزائر وشعبها ومستقبل أولادها.

حفيظ دراجي

12 مايو 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل