بعد تعثر المنتخب الجزائري أمام تنزانيا في الجولة الأخيرة من تصفيات كأس أمم أفريقيا 2024 عاد الجدل والنقاش في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي حول المدرب جمال بلماضي ومدى قدرته على استعادة المجد الضائع ، فانقسم الجزائريون بين متشائمين ومتفائلين و مشككين في مستقبل الخضر بقيادة جمال بلماضي رغم تأهله الى النهائيات القارية بأريحية ، ما أدى بالبعض الى توقع رحيل بلماضي عن العارضة الفنية ، في حين اعتبر البعض الأخر أن عناد بلماضي ورغبته في تعويض إخفاقاته كافية لاستمراره في وجود مواهب كثيرة ، وكأن الأمر مطروح للاستفتاء في الأوساط الاعلامية والجماهيرية رغم أن المدرب لم يعلن ولم يلمح في أي من تصريحاته أنه يريد الرحيل.
لو أراد بلماضي الرحيل لفعل مباشرة بعد إخفاقه في نهائيات كأس أمم أفريقيا في الكاميرون، و الإقصاء من التأهل الى مونديال قطر، لأن الجماهير وقفت معه وجددت فيه الثقة، كما أن رغبته في الثأر لنفسه والمنتخب كانت أكبر، رغم تأخره في بعث نفس جديد في المنتخب وإصراره على اللعب بنفس الكيفية، والاعتماد على نفس اللاعبين مع تدعيمهم بآخرين شباب يملكون الموهبة والمهارة، لكن تنقصهم الخبرة والتجربة ، مما يقوده اليوم للتفكير في العودة الى صناع معجزة 2019 ، من خلال استدعائه لسفيان فيغولي، وتلميحاته في آخر ندوة صحفية بأن سيعيد مبولحي و بلعمري ، وربما عدلان قديورة الى التشكيلة بعد انضمامهم إلى مولودية الجزائر وشباب بلوزداد.
بعض المحللين اعتبروا التعثر أمام تنزانيا عاديا وطبيعيا لأن بلماضي لم يشرك التشكيلة الأساسية ، ومنح الفرصة للوافدين الشباب والمواهب التي تزخر بها التشكيلة ، وفضل الاعتماد على المخضرمين في مواجهة السنغال وديا الثلاثاء القادم ، والتي ستكون معيارا لمعرفة مستوى الفريق واللاعبين في ظل غياب بلايلي ، بن ناصر ، وبن طالب ، وكذا أدم وناس ، ما يمنح للمدرب خيارات فنية وتكتيكية كثيرة في المواعيد القادمة ، بينما اعتبر البعض الآخر خوض المباراة الرسمية بتشكيلة ثانية، وترك الأساسيين للمباراة الودية خيارا غير صائب من طرف المدرب، كلفه التعثر وتسلل الشك إلى نفوس الجماهير التي أطلقت العنان لمشاعرها وعواطفها وراحت تنتقد مردود بعض اللاعبين الذين يصر بلماضي على منحهم الفرصة كل مرة لكنهم لم يقنعوا لحد الآن .
البعض الآخر أبدى تشاؤمه بمستقبل الخضر وقدرة بلماضي على استعادة المجد الضائع بسبب تأخره في بعث النفس الجديد على مدى سنتين ماضيتين ، فاعتبروا رحيله ضروريا حتى ولو كان متأخرا ، لأنه لا يمكن حسبهم خوض نهائيات كأس أمم أفريقيا بلاعبين دون خبرة، وأخريين تقدموا في السن وتراجع مستواهم ، كما أن خيارات بلماضي الفنية لم تتغير ، وبقي يعتمد على نفس نمط اللعب الذي صار مكشوفا لدى الجميع ، مما يصعب من مهمة المنتخب الجزائري في مبارياته على غرار ما حدث في مواجهة تونس الودية ، ومباراة تنزانيا الرسمية التي لم يجد فيها الحلول لاختراق منظومات دفاعية متكتلة في الخلف .
التعليقات المتباينة أعطت الانطباع أن بقاء أو رحيل بلماضي هو محل استفتاء في الأوساط الفنية والجماهيرية، وكل واحد مطالب بالتعبير عن موقفه ، علما أن كل مدربي العالم معرضين للانتقاد ، ومصيرهم تحدده النتائج وليس الجماهير أو الصحافيين والمحللين، أو يقرره المدرب ذاته اذا شعر أنه لم يعد قادرا على تقديم المزيد ، ولم يعد قادرا على تحمل الضغوطات والانتقادات التي تبدو عادية في الظروف التي يمر بها المنتخب الجزائري الذي لم يستقر على حال منذ سنتين ، شعر فيها جمال بلماضي بضغوطات كبيرة ، ظهرت معالمها في تعامله مع الصحافيين أثناء الندوات الصحفية .
بقاء أو رحيل بلماضي ليس موضوع الساعة أصلا عشية موعد قاري هام ، ومواعيد أخرى في تصفيات كأس العالم 2026، وقبيل تنصيب رئيس اتحاد جديد ينتظر منه تخفيف الضغوطات على المدرب الوطني بالموازاة مع توفير الحماية التي صار يطالب بها بعد أن انتابه الشعور بالخوف من المستقبل ومن فشل جديد يعجل برحيله دون أدنى شك.
حفيظ دراجي
10 سبتمبر 2023