الجزائرالآن _ الصور الصادمة لملاعب التدريب التابعة لمركز تحضير المنتخبات الوطنية بسيدي موسى التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي تعكس لوحدها حالة الإهمال والتسيب وسوء التسيير التي طالت مرافق الاتحاد الجزائري لكرة القدم خلال السنوات الماضية ، زادها تعقيدا تراكم الديون وعدم القدرة على الوفاء بمختلف الالتزامات بما في ذلك التكفل بايواء ونقل المنتخبات الوطنية و دفع رواتب المدربين والموظفين على حد سواء والتي فاقت 70 مليار سنتيم سنويا بعد أن كانت لا تتعدى 17 مليار سنة 2017 ، ما يقتضي من السلطات العمومية تعيين خبير لاجراء تحقيق وتدقيق في حسابات الاتحادية، ومن ثم تقديم دعم كبير للرئيس المرتقب بداية سبتمبر والذي سيجد نفسه أمام تحديات مادية وفنية وتنظيمية وأخلاقية كبيرة .
صحيح أن أغلبية الملاعب الجزائرية تعاني نفس الوضع بسبب الاهمال وسوء التسيير ، بما في ذلك تلك التي تم تشييدها واعادة تهيئتها مؤخرا في براقي و وهران وملعب خمسة جويلية بالعاصمة ، لكن مرافق مركز سيدي موسى كانت تحظى بعناية خاصة من طرف الاتحادية قبل أن يطالها الاهمال ، ما يقتضي من رئيس الاتحادية القادم توفير الأموال والكفاءات لتسيير المرفق الذي كان الى وقت قريب مفخرة يحتضن المنتخبات الوطنية في تحضيراتها للمواعيد الكروية ، قبل أن يتحول إلى مقبرة جعلت المدرب الوطني جمال بلماضي يشتكي من الحالة المزرية لملاعب التدريب و يبحث عن أماكن أخرى للتحضير ، تفرض نفقات اضافية زادت من حجم الديون لدرجة جعلت الفنادق ترفض استقبال الفرق الوطنية .
الرئيس القادم مطالب بإيجاد الأموال لاعادة تهيئة مركز سيدي موسى ، والبحث عن كفاءات مؤهلة لتسيير المرفق، ودفع الديون المستحقة عليه وعلى مراكز التكوين التي باشرت الاتحادية في تشييدها دون أن ترى النور لحد الأن بعد أن تم سنة 2017 إلغاء مشروع بناء فندق خاص بالاتحادية، كان سيدر عليها مداخيل تفوق 20 مليار سنتيم في السنة، خاصة وأن المنتخب الأول مقبل على مواعيد كروية هامة تقتضي توفير كل الإمكانيات لضمان تحضير جيد لنهائيات كأس أمم أفريقيا في كوت ديفوار و تصفيات كأس العالم 2026 ، إضافة الى مواعيد أخرى خاصة بالفئات الشبانية والمنتخب النسوي وبرنامج التكوين واعادة التأهيل الخاص بالمدربين والمؤطرين على المستوى الوطني والجهوي والولائي.
الرئيس القادم مطالب بتسوية وضعية تلك المراكز من كل الجوانب بما في ذلك القانونية خاصة وأن بعضها شيدت فوق أراضي لا تملك الاتحادية مستندات ملكيتها ، ومطالب برفع تحديات مالية من خلال تسديد الديون المتراكمة، وأخرى فنية من خلال اعادة النظر في المديرية الفنية وتركيبة المنتخبات الشبانية واعادة هيكلة الاتحادية والرابطة الوطنية والرابطات الجهوية والولائية التي تضاعفت ميزانيات تسييرها بسبب التوظيف العشوائي و مضاعفة رواتب موظفيها زمن البحبوحة المالية التي بلغت 700 مليار سنتيم ، و500 مليار أخرى تم ادخارها لدى البنوك الجزائرية قبل ثماني سنوات لم يتمكن رؤساء الاتحاديات السابقة من سحبها لكنها تدر مدخولا سنويا يصل 25 مليار سنتيم ، يمكن سحبها بعد سنتين من الأن أو تجديد ادخارها لفترة أخرى.
التحديات المالية أكبر بكثير من الفنية والتقنية في مؤسسة مفلسة يصعب اصلاحها دون مرافقة جادة من طرف السلطات العمومية ومؤسسات الدولة التي تتحمل بدورها جزء من مسؤولية الإفلاس والتراجع بسبب خياراتها السيئة وانعدام الرقابة على كيفية صرف المال العام وتسيير المرافق التابعة لها، لذلك صار من الضروري اختيار رئيس قادر على مهمة تبدو صعبة لكنها ليست مستحيلة رغم كل التهديم الذي تعرضت له الهيئة الكروية من طرف مختطفيها الذين يسعون بكل الوسائل لمنع التحقيق في تسيير المؤسسة وتحريرها من قبضة المافيا وإصلاحها.
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 20 أغسطس 2023