ألا يوجد في الجزائر من أمثال لعمامرة ؟؟
ليس من عادتي التشخيص والحديث عن الشخصيات العامة والأسماء المعروفة بالسلب أو الايجاب وأكتفي عادة بانتقاد السلبيات وتثمين الايجابيات حسب تقديري المتواضع ، ولكن الكاريزما التي يتصف بها وزير الخارجية الجزائري الجديد رمضان لعمامرة وعفويته وشخصيته القوية وطريقة كلامه بكل اللغات تستوقفني وتثير في الاعتزاز والافتخار بالانتماء إلى وطن يقود فيه سياسة الجزائر الخارجية رجل من حجم لعمامرة أعطى نفسا جديدا للدبلوماسية الجزائرية.. وفي نفس الوقت فإن الأمر يثير في نفسي الكثير من الاسف والحسرة على قطاعات أخرى يشرف عليها مسؤولون آخرون فاشلون يحتلون مواقع هامة في الدولة ويسيئون إلى الجزائر بأدائهم الضعيف وعدم كفاءتهم ولكن الصدفة و الولاء للأشخاص وانتمائهم الجهوي قادهم إلى احتلال مناصب لا يستحقونها !!
الرجل لا تربطني به أية صلة ولكنه يستوقفني مثلما يستوقف غيري في خرجاته في الداخل والخارج وثقته في النفس ويستوقفني بلغته العربية السليمة واتقانه للغات أخرى وبحسه الدبلوماسي والتجربة التي اكتسبها من خلال كل المناصب التي احتلها في الهيئات الدولية المختلفة منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ، وأتشرف وأفتخر عندما أستمع اليه يتحدث باسم الجزائر بكل اللغات ، وأتساءل في نفس الوقت لماذا تأخرنا كل هذا الوقت في تكليف الرجل بحقيبة الخارجية وهو الذي كان أمينا عاما لها وقبلها ممثلا دائما للجزائر في هيئة الأمم المتحدة في أوج حملات عزل الجزائر عن المجتمع الدولي ، وفي وقت تفتقد الكثير من المواقع لرجال يدافعون عنها وعن شعبها !!
الجزائر فيها الكثير من أمثال رمضان لعمامرة في كل المجالات ولكنهم مهمشون ومغيبون لأنهم أكفاء ومتشبعون بثقافة الدولة ويؤمنون بدولة المؤسسات ولكننا لسنا بحاجة اليهم لأنهم رجال لا ينبطحون ولا يمكن مساومتهم والتحكم في رقابهم لذلك أتمنى أن نخطئ مرات أخرى ونعين أمثاله في مختلف المواقع ونتوقف عن الاساءة للجزائر بتكليف من لا يستحق بمهام ومسؤوليات أكبر من قدراتهم .
الاساءة للجزائر تبدو وكأنها عملية مقصودة ومبرمجة من خلال تعيين وزراء لا يقدرون على التواصل مع الغير ولا على تسيير القطاعات التي أشرفوا عليها، و تعيين سفراء تجاوزا سن السبعين وتجاوزهم الزمن ولا ينطقون حرفا واحدا باللغة الانجليزية أو حتى العربية، كما شملت العملية تعيين بعض الولاة ورؤساء دوائر ومدراء لا علاقة لهم بفن الادارة والتسيير والتعامل مع الغير في جزائر يتخرج من جامعاتها ومعاهدها سنويا الآلاف من الكفاءات من جيل الاستقلال الذين ينتظرون فرصتهم قبل أن “يطيب جنانهم”، ويقتلهم اليأس والاحباط من معايشة مرحلة يكون فيها أمثال السيد رمضان لعمامرة على رأس البلديات والدوائر والولايات والوزرارت والسفارات وكل مؤسسات الدولة بما في ذلك الأحزاب والجمعيات الثقافية والرياضية لنرفع من مستوى الممارسة والمعاملة ومستوى بلد من حجم الجزائر يستحق أن يدير شؤونه نساء ورجال تتوفر فيهم الأناقة واللباقة والأخلاق العالية والكفاءة اللازمة والجرأة والمبادرة، والولاء للوطن وليس للأشخاص ..
صحيح أن الجزائر فوق الجميع ولا فضل لأحد عليها، ولا يتوقف مصيرها على شخص واحد مهما كان، ولكن التجربة في الجزائر علمتنا على مدى خمسين عاما بأن الكثير من الأمور عندنا تتوقف على كفاءة الرجال ومدى قدرتهم على التواصل والتسيير، وعلمتنا بأن المشكلة الكبرى في الجزائر هي مشكلة رجال ليسوا في مواقعهم، ورجال لم نعطيهم حقهم وقدرهم رغم حاجتنا إليهم لكي ننتقل من عالم الرداءة والتخلف والفشل الذي تتخبط فيه الكثير من المجالات الى عالم تكون فيه الكفاءة شرطا وحيدا لتقلد المسؤوليات وليس الانتماء الحزبي أو الجهوي أو أمور أخرى ..
لا إصلاح للبلد بغير احترام للكفاءة، ولا تقدم بغير حسن توظيف للمهارة والموهبة ولا مستقبل بغير عناية بالقادرين من أبناء الوطن على خدمته بأفضل طريقة ممكنة.
أرجو للسيد لعمامرة كل التوفيق، لبلدي كل الخير ولمن بيدهم القرار المزيد من الهفوات والأخطاء التي تضع أمثال لعمامرة في الأماكن التي يستحقونها!
حفيظ دراجي
نشر في موقع كل شيئ عن الجزائر بتاريخ 15-12-2013