hafid derradji

مشاكل الكرة الجزائرية أعمق مما نتصور!!

خروج منتخب أقل من 17 سنة من سباق البطولة الافريقية وفشله في بلوغ نهائيات المونديال، وبالتالي اكتمال نصاب الاخفاقات المتكررة للكرة الجزائرية على مستوى كل المنتخبات منذ سنة ونصف بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرة الجزائرية ، تصاعدت حدة الانتقادات في الأوساط الفنية والاعلامية والجماهيرية صوب الاتحادية والمديرية الفنية والمدربين ككل مرة دون الخوض في تحليل عميق للوضع والبحث عن أسباب التراجع، و دون التفكير بجد في مشروع كروي و توفير الإمكانيات المادية والبشرية لتحقيقه ، ودون الاستثمار الفعلي في قدراتنا و كفاءاتنا ومرافقنا ومواردنا، وهو الأمر الذي ينذر باستمرار الوضع البائس اذا استمرت نفس الأسباب ولم تتحمل السلطة مسؤولياتها في تنظيف البيت الكروي وتدعيم الكفاءات داخليا وخارجيا على مستوى الهيئة القارية.

لاعبوا مختلف المنتخبات الذين أخفقوا في الحفاظ على اللقب القاري في الكاميرون وفشلوا في التأهل الى كأس العالم 2022 عند الأكابر ، و عجزوا عن التتويج ببطولة كأس أمم إفريقيا للمحليين في الجزائر، والتأهل إلى الأولمبياد وكأس أمم إفريقيا لأقل من 23 سنة و كأس أمم إفريقيا أقل من 20 سنة ، ولم يتمكنوا من بلوغ مونديال أقل من 17 سنة في البطولة الجارية في الجزائر، وقبلهم منتخب أقل من 18 سنة الذي أخفق في ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي احتضنتها الجزائر، كل هؤلاء وأولئك بصموا على إفلاس كروي شامل ، يضاف الى تراجع مستويات الدوريات المحلية و الأندية المحترفة والهاوية ، و فشل كل السياسات التي انتهجتها الاتحادية الجزائرية لكرة القدم في مجال التنظيم والتأطير والتكوين على مدى سنوات دون مراقبة أو محاسبة ، فيذهب رئيس ويأتي رئيس آخر ، ويتم تعويض مدرب بمدرب دون تقييم وتخطيط.

لا يمكن أن نحمل اللاعبين ولا حتى المدربين المسؤولية لوحدهم عندما يتغير رئيس الاتحادية ثلاث مرات في ظرف ثلاث سنوات، ويتدخل المدرب الوطني في اختيار من يرأس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ، بتواطؤ من أطراف يقومون بتوجيه أعضاء الجمعية العمومية نحو التصويت على مرشح معين بغض النظر عن قدراته ومؤهلاته، استجابة لرغبة ذات المدرب ، و لاعتبارات أخرى بعيدة عن حاجة الهيئة المسيرة الى رجال أكفاء يحملون برنامج ومشروع كروي تصوت عليه الجمعية العمومية وترافقه السلطات العمومية طبقا للقوانين وليس الأهواء ، و عندما نصطدم بالفشل يتم تغيير رئيس الاتحادية برئيس آخر يتم اختياره بنفس الأسلوب لامتصاص الغضب الجماهيري وليس لتصحيح الوضع المتردي .

لايمكن أن تكون لدينا منتخبات شبانية قوية عندما تكون الاتحادية ضعيفة تسير بالريموت كونترول من رئيس اتحادية سابق كان سببا في إفلاس خزينتها، لذلك يسعى الى تنصيب رئيس لايجرؤ على النبش في ملفات الماضي المتعلقة بمراكز التكوين التي لم ترى النور، وعقود الشراكة مع مؤسسة الألبسة الرياضية أديداس، وملف التمويل والاشهار، ولا يقدر حتى على اختيار المكتب الفدرالي وتغيير الإطارات الإدارية المسيرة للاتحادية ، حيث لاتزال القرارات المهمة تتخذ في المقاهي والمطاعم ، بعيدا عن الهياكل الرسمية المخولة بذلك أمام مسمع ومرأى كل الفاعلين في مجال الكرة ووسائل الإعلام التي انقسمت بين مؤيدة ومعارضة لرؤساء الاتحاديات والمدربين على أسس ذاتية ومعايير بعيدة عن المهنية ومصلحة الكرة الجزائرية.

لا يمكن أن تكون لدينا منتخبات شبانية قوية و تتأهل الى نهائيات كؤوس افريقيا و العالم والأولمبياد عندما لا يخضع اختيار المشرفين عليها والمدربين الى معايير فنية بحتة رغم توفر الكفاءات في الجزائر وخارجها، و عندما لا يخضع اختيار اللاعبين الدوليين الى نفس الاعتبارات، حيث يتدخل بارونات ووكلاء اللاعبين في ذلك لإعطاء صفة اللاعب الدولي لمن يريدون حتى يتسنى لهم تسويقهم في الداخل والخارج بعقود مشبوهة ، تتعارض مع قوانين الصفقات المعمول بها قاريا ودوليا ، وتتعارض مع مصالح شبابنا الذين يتم بيعهم الى نوادي أجنبية دون أن يطلعوا على عقودهم وحقوقهم وكأنهم في سوق تجارة البشر .

لا يمكن الاكتفاء ببناء المنشآت والمرافق الرياضية وإعادة تهيئة الملاعب والاعتقاد أننا وفرنا ما يلزم لشبابنا دون الاستناد على سياسة كروية ترسمها إطارات فنية وإدارية يختارها المكتب الفدرالي بشفافية ومسؤولية ، ويحاسبها عند نهاية المأمورية، ولا يمكننا التعويل على لغة الميدان دون أن يكون لدينا رجال في الهيئة القارية على الأقل لحماية فرقنا و منتخباتنا ، علما أن رئيس الاتحاد الحالي ترشح لعضوية اللجنة التنفيذية للكاف في الانتخابات المقررة شهر جويلية في مواجهة الليبي عبدالحكيم الشلماني الذي ضمن أكبر عدد من الأصوات قبل الموعد لأنه عمل على ذلك منذ مدة رغم أن الجزائر نظمت أحداث افريقية كثيرة في الفترة الماضية ، حضر فيها أغلب رؤساء وأعضاء الجمعية العامة لكننا لم نتمكن من إقناعهم بالتصويت لممثل الجزائر.

مشكلة الكرة الجزائرية اليوم ليست فقط في المسيرين و اللاعبين والمدربين و مراكز التكوين، ولا حتى في المال والامكانيات المادية، بل هي قضية رجال أقوياء وأكفاء ونزهاء، يجب أن ننتقيهم و نثق فيهم ونرافقهم لتنفيذ مشروع نهضة كروية شاملة في مستوى تطلعاتنا.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 15 مايو 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل