إخفاق المنتخب المصري للشباب تحتا 20 سنة في التأهل إلى كأس العالم لكرة القدم المقررة في أندونيسيا الصيف المقبل من خلال بطولة افريقيا التي تحتضنها، صنع الحدث في الأوساط الجماهيرية والاعلامية المصرية، حيث تأهلت المنتخبات الأربعة التي بلغت نصف النهائي وهي السنغال وغامبيا وتونس ونيجيريا، ما أثار ردود فعل غاضبة، أجمعت على تراجع الكرة المصرية في السنوات الأخيرة، رغم بلوغ المنتخب الأول نهائي كأس أمم أفريقيا ووصوله إلى المباراة الفاصلة المؤهلة لكأس العالم في قطر، إلا أن الشبان فشلوا في بطولة إفريقيا، وفشل منتخب الناشئين في بلوغ النهائيات المؤهلة الى مونديال أقل من 17 سنة التي ستحتضنها الجزائر، في وقت يجد الأهلي والزمالك صعوبات في مسابقة دوري الأبطال الافريقية هذا الموسم، كما تراجع مستوى الدوري المحلي بشكل كبير، بالموازاة مع تراكمات مشاكل أخرى فنية وادارية وحتى مالية على مستوى الاتحاد والأندية رغم كل المقومات التي تتوفر عليها مصر.
المنتخب المصري للشباب حصل على نقطة واحدة في مجموعته من تعادله أمام موزمبيق، وخسارتين أمام نيجيريا بهدف لصفر، ثم السنغال بالأربعة، وهو الأمر الذي حرك الأفواه الجماهيرية في وسائل التواصل والأقلام الصحفية في وسائل الإعلام، وحرك غيرة الفنيين الذين حاولوا الخوض في الأسباب والمبررات، والبحث عن الحلول والإجراءات الواجب اتخاذها لاستعادة المجد الضائع وهيبة الكرة المصرية على مستوى المنتخبات والأندية والفئات السنية، وفي مجال التأطير الفني والاداري، خاصة بعد أن تبين للكثيرين أن مشكلة المنتخبات الشبابية تكمن في الخيارات الفنية التي لا تعكس المواهب الكثيرة التي تزخر بها الكرة المصرية، والتي تعود أساسا الى الخيارات الخاطئة للمشرفين على الفئات السنية الصغيرة من طرف الإتحاد المصري الذي لم يسلم من الانتقادات.
العدوى انتقلت الى الأندية وعلى رأسها قطبا الكرة المصرية الأهلي والزمالك، اللذان يجدان صعوبات كبيرة في مسابقة دوري الأبطال بسبب مشاكل الزمالك في التسيير أدت إلى رحيل عدد من اللاعبين المتميزين بدون تعويضهم هذا الموسم، ومشاكل فنية في الأهلي ناتجة عن ضغط المباريات التي لا تتوقف طيلة السنة بسبب سوء البرمجة التي دفعت إدارة النادي الأهلي إلى الاعتذار عن المشاركة في البطولة العربية للأندية الصيف المقبل رغم جوائزها المالية القيمة التي تصل ستة ملايين دولار، حيث لم نعد نعرف متى تبدأ وتنتهي مسابقتي الدوري والكأس ما أثر على مستويات اللاعبين ولياقتهم البدنية، ومردودهم ونتائجهم المحلية والقارية، خاصة بالنسبة للزمالك الذي يتذيل ترتيب مجموعته بفوز واحد من أربع مباريات حققه البارحة أمام الترجي التونسي رائد ترتيب المجموعة.
المحللون في مصر أجمعوا على أن عدم الاستقرار الفني والإداري على مستوى الاتحاد والأندية هو أحد أهم أسباب التراجع، حيث تشهد المنتخبات المصرية تغييرات متتالية على مستوى المدراء الفنيين والمدربين، ما يؤثر على اللاعبين بسبب غياب التخطيط على المديين المتوسط والبعيد، والمشاكل المتكررة في برمجة مباريات الدوري التي لم تتوقف على مدى المواسم الثلاثة الماضية، ولم يتنفس اللاعبون الذين تعرضوا لإصابات عضلية متكررة نتيجة ضغط المباريات، والضغوطات الجماهيرية والإعلامية التي لا مثيل لها في افريقيا والوطن العربي بحكم الشغف الكبير الذي انعكست تأثيراته على المستوى والمردود والنتائج وأدت الى اخفاق منتخب الشباب على ميدانه وأمام جماهيره في بطولة مؤهلة الى نهائيات كأس العالم، التي سيغيب عنها أيضا منتخب مصر للناشئين بعد إخفاقه في التأهل الى بطولة إفريقيا أقل من 17 سنة المقررة في الجزائر نهاية شهر أبريل/ نيسان المقبل.
الكرة المصرية لا تفتقد المواهب والمؤثرين لكنها تبقى في حاجة إلى منظرين يخططون وينظمون ويستثمرون جيدا في القدرات التي تتوفر عليها مصر، وتؤهلها للتواجد دوما في المواعيد الكروية الكبرى عربيا وقاريا ودوليا، وتحقيق البطولات على مستوى الأندية والمنتخبات.
حفيظ دراجي
القدس العربي 9 مارس 2023