hafid derradji

وسائط التواصل الاجتماعي ساحة معركة يجب خوضها!!


الجزائرالآن _مع  مرور الوقت تراجع حجم الحروب التقليدية التي تعتمد على القوة العسكرية للجيوش لصالح حروب من نوع أخر في مواقع أخرى لا تقل شراسة وتأثيرا على الدول والشعوب ، خاصة مع التحولات التكنولوجية التي يشهدها العالم منذ بداية الألفية حيث بلغ عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في العالم ما يقارب 5 مليار شخص لأغراض مختلفة بما فيها التجارية التي سمحت لفيسبوك مثلا بتحصيل أرباح فاقت 60 مليار دولار ، لكن في الجزائر ما تزال أرقام المستخدمين ضئيلة ومحدودة ، بلغت 24 مليون مستخدم نهاية 2022 ، أي ما يعادل 52 بالمائة من عدد السكان، وظل 30 بالمائة من السكان غير متصلين بالانترنت ، غالبيتهم يستخدمون يوتيوب وفيسبوك وانستغرام وسناب شات، دون تفاعل كبير مع مختلف وسائط التواصل الاجتماعي الأخرى.

المتابعة دون تفاعل كبير جعلت الجزائريين مستهلكين للأخبار والصور والفيديوهات وليس صناعا لها وصناعا للرأي خاصة أمام الهجمات والافتراءات والأكاذيب التي تتعرض لها الجزائر خلال الفترة الماضية ، تسعى الى تشويه صورة شعب وتاريخ بلد وحضارة أمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتملك من الرصيد والبطولات والرموز ما لا تملكه أمم اخرى قامت على الكذب والنفاق ودماء الغدر والخيانة والعمالة، لكنها تستند على جيوش إلكترونية تمارس الدعاية والتضليل في كل وسائل التواصل الاجتماعي التي لا يزال يعتبرها شبابنا مجرد وسائل ترفيه و يعتبرها غيرنا أداة معركة لا تختلف قوة وتأثيرا عن أدوات الحروب التقليدية، مما يقتضي اهتماما خاصا ، ليس من أجل التهكم على الغير أو نشر غسيلهم وفضائحهم التي لا تعد ولا تحصى ، لكن لأجل التسويق لبلد عريق وشعب عظيم والدفاع عن قيمه ومبادئه ومواقفه .

أرقام بداية سنة 2023 تشير الى أن عدد مستخدمي فيسبوك في الجزائر بلغ 21 مليون ، وما يقارب 23 مليون مستخدم ليوتوب ، و 9 ملايين في انستغرام ، و7 مليون في سناب شات، لكن لا يتعدى عددهم 3,5 مليون في “لينكد” و 2 مليون في تويتر أحد أكبر التطبيقات الشعبية في العالم ، والأكثر انتشارا وتأثيرا بحوالي 500 مليون تغريدة يوميا ، تأتي فيها دول الخليج الأولى عربيا في عدد المستخدمين للتطبيق خاصة السعودية والبحرين والإمارات وقطر ، ثم لبنان والعراق ومصر ، وهي الوجهة التي يتوجب على الجزائريين استغلالها والاستثمار فيها بنشر المحتوى الجزائري الذي يساهم في التعريف بالجزائر والمزيد من التقارب مع الوطن العربي الذي يجهل الكثير عن الجزائر.

حتى تطبيق تيك توك يشهد انتشارا متزايدا بلغ مليار شخص “شهريا” حسب آخر الأرقام ، ما يعني أن شخص واحد من أصل سبعة أشخاص من سكان المعمورة يشاهد من خلاله بانتظام مقاطع فيديو قصيرة لها تأثيرها مهما كان محتواها ، يجب التشجيع على استعمالها في الجزائر ، وتشجيع كل أطياف المجتمع للتحول الى صناع محتوى وليس مستهلكين فقط للمحتويات الموجودة، من خلال العمل على توعية الناس وتلقينهم كيفية استغلال التطبيق في نشر أخبار و فيديوهات وتقارير قصيرة عن قدرات الجزائر الفكرية والثقافية والفنية والتراثية والاقتصادية والتجارية والسياحية ، ولما لا محتويات أخرى تاريخية تساهم في التعريف بتاريخ الجزائر وبطولات شعبها ورموزها في كل المجالات .

صحيح أن وسائط التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين خاصة على الأطفال الصغار ، لكنها تبقى سلاحا مهما إذا أحسنت استعمالها ، يجب الاشتراك فيها كلها بالموازاة مع ضرورة زيادة حجم تدفق الإنترنت الذي يسمح للمستخدمين بالمشاركة الفعالة في حرب صارت مفروضة علينا بشكل مباشر تساهم بقدر كبير في صناعة الرأي والتثقيف والإعلام بالإضافة إلى الترفيه الذي يمكن أن يتحول الى وسيلة وليس غاية في حد ذاتها في بلد يملك من الطاقات ما يؤهله لكي يغزو فيسبوك، تويتر انستغرام ، تيك توك سناب شات ويوتوب بأفكاره و أخباره وصوره وفيديوهاته ، ويملأ الدنيا ضجيجا مثلما يفعل الغير بشكل عفوي ومؤطر في أن الوقت، حتى ولو اقتضى الأمر مساهمة مؤسسات الدولة المختصة في مجال الاتصال والثقافة ، خاصة عندما يتعلق الأمر بأمور الدولة والشعب .

من يعتقد أن وسائط التواصل الاجتماعي هي وسائل ترفيه بلا معنى ولا تأثير فليدرك اليوم أنها تحولت إلى وسائل حرب حديثة يجب خوضها مع الخائضين وعدم التقليل من قوتها وفعاليتها في زمن لا يؤمن بالفراغ والحياد ، ولا بالقيم والأخلاق عندما يتعلق الأمر بالوطن.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 26 فبراير

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل