hafid derradji

قوة الريال أم ضعف ليفربول ؟؟

ما حدث في الانفيلد ليلة الثلاثاء الماضي بمناسبة ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال بين ليفربول والريال يبقى راسخا في التاريخ، يحمل دلالات ويطرح تساؤلات وعلامات استفهام عن مدى قوة الريال وضعف ليفربول، أم هما الاثنان معا بالنظر للنتيجة الثقيلة، ثم الأداء المتباين بين فريقين نشطا في نهائي السنة الماضية ويملكان من الرصيد والمقومات ما يثير الاهتمام الذي يخلف الأثر عند الفوز أو الخسارة، حيث أصبح الريال المرشح رقم واحد للحفاظ على تاجه الأوروبي، وبات ليفربول قريبا من أحد أسوأ مواسمه الكروية، ما يعجل برحيل ومدربه، وترحيل بعض لاعبيه، وربما انتقال ملكيته الى جهة أخرى تبعث فيه نفس الروح التي يتحلى بها أنصاره عبر التاريخ، وتعيده إلى الواجهة المحلية والأوروبية ومكانته التي يستحقها، كأحد أعرق وأكبر وأغلى الأندية في العالم.
الريال كان ملكا بامتياز على جميع المستويات في مباراة قلب فيها الخسارة بهدفين إلى فوز تاريخي بالخمسة، وبأداء خرافي من كل الجوانب الفنية والتكتيكية والبدنية رغم الشكاوي التي يطلقها مدربه كارلو أنشيلوتي كل مرة بدعوى كثرة المباريات التي ارهقت لاعبيه حسب تقديره، لكنها لم تمنعه من الفوز بكأس العالم للأندية، وفرض وتيرته ونسقه وسيطرته على مجريات المباراة رغم بدايته المتعثرة التي تلقى فيها هدفين، قبل أن يعود لاعبوه ليستحوذوا على الكرة ويعدلوا النتيجة في الشوط الأول ثم يسيطروا في الشوط الثاني ويسجلوا ثلاثة أهداف أخرى مع الرأفة، لأن السيناريو كان يمكن أن يكون أكبر وأثقل مما انتهى عليه في ظل توهج الثنائي فينيسيوس جونيور وبنزيمة، واستعادة مودريتش لشبابه، وقوة منظومته الدفاعية، وروح لاعبيه العالية التي تقدر قيمة قميص الريال، من دون أن ننسى دور المدرب كارلو أنشيلوتي في قيادة المجموعة وشحنها وتحفيزها وتوظيفها بالشكل اللازم.
كانت ليلة ولا كل الليالي بالنسبة للريال الذي صار أول فريق أوروبي يسجل خمسة أهداف على ليفربول في الأنفيلد، وصار فيها بنزيمة أول لاعب يسجل ستة أهداف على ليفربول في مسابقة دوري الأبطال، التي صارت اختصاصا مدريديا بامتياز بغض النظر عن اسم المنافس وقوته ورصيده، وكانت أيضا ليلة سوداء على الليفر  الذي أنهى موسمه قبل الأوان بشكل تعيس وخرج معنويا من دوري الأبطال قبل مباراة العودة التي ستكون شكلية، مثلما خرج من مسابقات الكؤوس المحلية، ومن المنافسة على لقب الدوري المحلي بعد أن عمق أرسنال الفارق إلى تسع عشر نقطة، في موسم سيئ للغاية على كل المستويات، ظهر فيه لاعبوه بشكل تعيس، ومدربه غير قادر على تحفيزهم لدرجة صار يتلقى أهدافاً كثيرة أمام برينتفورد وبرايتون وولفرهامبتون، ويخسر بالخمسة على ميدانه في دوري الأبطال.
الصحافيون ونجوم التحليل في انكلترا لم يشفقوا على ليفربول، وراحوا يتحدثون عن فريق مخجل، فقد هويته وتوازنه، ويتحدثون عن نهاية مرحلة، ويطالبون برحيل يورغن كلوب بعد ثماني سنوات قضاها على رأس الفريق الذي لم يعد قادرا على استقطاب لاعبين متميزين، خاصة بعد رحيل ساديو ماني وتراجع مستويات فيرمينو وصلاح وكل الدفاع الذي كان نقطة قوة الفريق لسنوات، تحول في ظرف وجيز إلى نقطة ضعف كبيرة يتحمل مسؤوليتها المدرب وادارة الفريق التي قد تضطر الى الرحيل أيضا تحت الضغوطات الجماهيرية والاعلامية، ويضطر ملاك النادي الى بيعه لمستثمر آخر يبعث فيه نفسا جديدا، ويعيد له هيبته ومكانته بين الكبار في إنكلترا وأوروبا، اذ لا يمكن أن تمر هذه المهزلة بسلام على فريق بحجم ليفربول.
صحيح أن الريال كان قويا، لكن ليفربول كان ضعيفا، وهي المعادلة التي زادت من حجم الصدمة التي أصابت عشاق ليفربول والريال وكل عشاق الكرة بسبب النتيجة الثقيلة التي أسفرت عليها المباراة، والتي تجعل من الريال مرشحا للحفاظ على تاجه، وتخلف تداعيات على الليفر الذي لا يمكن لعشاقه ومحبيه أن يتركوه يسير لوحده نحو الهاوية، وقد أظهروا ذلك مباشرة بعد نهاية المباراة عندما صفقوا للاعبين حبا في فريقهم، وللريال تقديرا لمملكته.

حفيظ دراجي

القدس العربي 22 فبراير 2023

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل