الجزائرالآن _ ” مرحبا” هو العنوان الذي اختارته لجنة تنظيم بطولة إفريقيا للاعبين المحليين كشعار رسمي يعبر عن ترحيب الجزائر بالمنتخبات الأفريقية المتأهلة، في وقت رفع الجزائريون في وسائط التواصل الاجتماعي شعارا آخر مكملا تحت عنوان : “الشان في بلاد الشأن” ، تعبيرا عن الاعتزاز والافتخار بعودة الجزائر الى الواجهة القارية والجهوية لاحتضان البطولات الرياضية، وإضفاء النكهة الجزائرية عليها مثلما حدث في ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي جرت في وهران الصائفة الماضية، ويحدث اليوم مع الحدث الكروي القاري ، الذي سخرت له الجزائر أربع ملاعب في مدن مختلفة هي العاصمة، وهران ، قسنطينة وعنابة التي تم فيها إنجاز وإعادة تهيئة مرافق رياضية كانت موجودة أصلا من زمان، عادت إليها الروح مجددا بالموازاة مع إنجاز ملاعب أخرى في براقي، تيزي وزو و الدويرة.
العرس انطلق الجمعة بحفل الإفتتاح لم يسبق له مثيل على مدى البطولات الستة الماضية على بساطته التي حملت في نفس الوقت طابعا جزائريا بأبعاده العربية، والأمازيغية والإفريقية الراسخة عبر التاريخ في ثقافة الجزائريين وحضارتهم ، الممزوجة بتضحيات جسام عبر التاريخ من أجل الحرية والكرامة الانسانية ، و بمواقف مشرفة تجاه شعوب القارة السمراء التي تحتفظ للجزائر وقوفها الى جانب القضايا العادلة في افريقيا، والتي تجسدت أكثر من خلال تسمية ملعب براقي “نيلسون مانديلا ستاديوم” ، الزعيم الإفريقي الراحل الذي احتضنته الثورة التحريرية سنة 1961، واحتضنته الجزائر المستقلة سنة 1990 عند خروجه من سجن نظام الأبارتيد في جنوب افريقيا ، ليعترف بعدها “بأن الثورة الجزائرية صنعت منه رجلا” .
النسخة السابعة من البطولة تشهد غياب المنتخب المغربي عن المشاركة في آخر لحظة بحجة رفض السلطات الجزائرية السماح للطيران المغربي عبور الأجواء الجزائرية مباشرة من الرباط الى قسنطينة لكسر الحظر المفروض على المغرب منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب وغلق المجال الجوي في سبتمبر 2021، والذي لم يمنع التحاق الوفد المغربي المشارك في ألعاب البحر الأبيض المتوسط الصيف الماضي عن طريق تونس، ولم يمنع منتخب الناشئين من المشاركة في كأس العرب، كما كان بالامكان استعمال شركة طيران عربية أو افريقية، أو حتى أوروبية أخرى لدخول الأجواء الجزائرية مباشرة من المغرب، مثلما اقترحه رئيس الاتحاد الافريقي موتسيبي، مادامت الخطوط الملكية محظورة من عبور الأجواء الجزائرية بحكم قرار جزائري سيد، لا يقبل المساومة ولا الابتزاز ولا الضغط من أي جهة كانت، ولا يمكن للكاف أن تتدخل فيه .
غياب المنتخب المغربي كان مبيتا و متوقعا منذ مدة ، لكن الجانب المغربي حاول استغلاله سياسيا، لذلك اعتبره الكثير من الملاحظين في الجزائر والمغرب مفيدا، لأنه يجنب الجميع تلك المشاحنات التي حدثت قبل أشهر بمناسبة كأس العرب للناشئين أقل من 17 سنة ، والشحن المتصاعد في وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي منذ مدة ، امتدادا للعلاقات السياسية المشدودة بين الطرفين ، والتي أدت بالجزائر الى قطع العلاقات الدبلوماسية وغلق المجال الجوي “تجنبا للحرب “، كما صرح به الرئيس الجزائري في آخر لقاءاته مع الصحافة الجزائرية، وحفاظا على قوت ما يقارب 100 ألف مغربي يعيشون ويسترزقون في الجزائر بكرامة بين اخوانهم الجزائريين الذين يكنون للشعب المغربي كل مشاعر الاحترام والتقدير في كل الظروف.
انسحاب المغرب بطل النسختين الماضيتين، سيكلفه دفع غرامة مالية قدرها 150 ألف دولار ، مع الحرمان من المشاركة في دورتين مقبلتين ان كان في عمر المسابقة بقية ، لأنه لحد الأن لم يترشح أي بلد لاحتضان النسخة الثامنة ، أما من يعتقد بأن قرار الجزائر بعدم فتح المجال الجوي للطيران المغربي يحرمها من تنظيم نهائيات كأس أمم أفريقيا 2025 ، فإن ذلك مجرد وهم لأن الجزائر لم تخل بالتزاماتها التي يفرضها دفتر شروط التنظيم، كما أن الاختيار تم منذ مدة في كواليس الكاف قبل تقديم الترشيحات ودراسة الملفات، والنسخة القادمة ستقام في المغرب ، والقرار الرسمي سيتخذ بين منتصف شهر فبراير وشهر يوليو أثناء واحد من الاجتماعات الثلاثة المقرر لأعضاء اللجنة التنفيذية في القاهرة أو رواندا، وليس في الجزائر ولا في الرباط تجنبا للحرج والإحراج الذي بدى واضحا على باتريس موتسيبي في ندوته الصحفية في الجزائر.
رغم كل محاولات الابتزاز و التشويش المغربي على البطولة ، وعلى غيرها من الأحداث السياسية والرياضية التي نظمتها الجزائر مؤخرا ، فإن منافسة الشان انطلقت في “بلاد الشأن”، كما يحبذ الكثير من الجزائريين وصفها ، خاصة بعد الذي سخرته الجزائر للأفارقة من امكانيات، و وفرته من بنية تحتية ومرافق رياضية وحفاوة في الاستقبال، وتميز في حفل افتتاح كان في مستوى الجزائر وتطلعات شباب القارة السمراء الذين سيذكرون طويلا بطولة ليست ككل البطولات.
حفيظ دراجي
الجزائر الأن 16 يناير 2023