بعد أن أغلق باب الجدل حول غياب رياض محرز وبرر غيابه عن المباراتين المقبلتين لـ”الخضر”، فتح المدرب الجزائري جمال بلماضي جدلا آخر في الأوساط الإعلامية والجماهيرية حول مهاجم نيس أندي ديلور، عندما أعلن في ندوته الصحافية أن اللاعب سيعود في سبتمبر/أيلول المقبل رغم مطالبته في وقت سابق بإعفائه من اللعب مع المنتخب لمدة سنة حتى يتفرغ لفريقه الجديد نيس، وهو الأمر الذي رفضه بلماضي وقرر عدم استدعائه مجدداً، ليتراجع عن قراره ويعلن أنه تواصل مع اللاعب وطلب منه الإعلان بنفسه عن رغبته في العودة وتقديم اعتذار للجماهير الجزائرية، مقابل الاعتماد عليه لاحقا، خاصة بعد أن قدم موسماً رائعا مع ناديه سجل فيه 20 هدفا في أربعين مباراة، في وقت تراجع فيه مردود بغداد بونجاح وبلغ سليماني من العمر 34 عاما، وهي أبرز العوامل التي دفعت بلماضي الى فتح الباب مجددا أمام أندي ديلور حسب الكثير من الملاحظين.
القضية فتحت باب الجدل وطرحت علامات الاستفهام في كل الأوساط، خاصة أنها جاءت بعد خروج الجزائر من سباق التأهل الى مونديال قطر، فراح البعض يتساءل لماذا هذا التغيير في موقف جمال بلماضي وأندي ديلور على حد سواء؟ كيف تم التواصل بين الرجلين؟ ما هي دوافع عودته في هذا الظرف؟ وهل يقبل الجلوس في كرسي الاحتياط، أما يعود من موقع قوة يسمح له بأن يكون المهاجم الأساسي في تركيبة بلماضي؟ وهل سيعتذر للجماهير الجزائرية على تخليه عن المنتخب في الوقت الذي كان في أمس الحاجة إليه؟ كل هذه التساؤلات غذت النقاش في الجزائر وخارجها وانقسم فيه الناس بين مؤيد ومعارض لعودة اللاعب، ومؤيد ومعارض لقبول المدرب اعطائه فرصة جديدة في مرحلة تقتضي التفكير في لاعبين جدد يعوضون جيل تقدم في السن، يصعب التعويل عليه على المدى المتوسط والطويل على غرار مبولحي وبلعمري وفيغولي وبونجاح وسليماني.
المعارضون لعودة أندي ديلور يعتقدون أنه تخلى عن المنتخب في أصعب الظروف من أجل ناديه من دون أن يتحدث لوسائل الاعلام أو يعتذر عن طلبه تجميد مشاركته مع المنتخب لمدة سنة، وحتى سنه لا يسمح بالاعتماد عليه لأربع سنوات قادمة وقد يغلق الباب على مهاجمين شباب خاصة إذا اشترط اللعب كأساسي وهو الأمر المستبعد مع جمال بلماضي، لكن قد يعتقد أنه عاد من موقع قوة، منقذا للمنتخب الجزائري، وأن بلماضي في موقع ضعف بعد الاخفاق في كأس أمم أفريقيا بالكاميرون، والإقصاء من التأهل الى مونديال قطر، ويريد توفير كل عوامل النجاح في المرحلة القادمة حتى لو اقتضى الأمر التنازل قليلا لمهاجم لم يكن لاعبا أساسيا مع المنتخب الذي منح له فرصة التتويج بكأس إفريقيا للأمم 2019.
المؤيدون لعودة اللاعب إلى المنتخب الجزائري يستندون في ترحيبهم الى حاجة جمال بلماضي الملحة الى قلب هجوم من حجم ديلور الذي أنهى الموسم كأحد هدافي الدوري الفرنسي مع نيس في وقت تراجع مستوى بغداد بونجاح بشكل كبير، وتقدم سليماني في السن، ما يفرض على المدرب البحث عن بديل جاهز لا أحد يشكك في قدراته الفنية والبدنية لمواجهة التحديات المقبلة، وما قام به اللاعب من قبل لا يدعو ابعاده مدى الحياة لأنه لا يعادل ما فعله لاعبون آخرون من المحليين أو مزدوجي الجنسية، لكن بشرط أن يقدم اعتذاره للجماهير، ويقبل بخيارات المدرب والجلوس في كرسي الاحتياط إذا اقتضت الضرورة.
مهما كان الحال واختلفت الأراء فإن قضية ديلور لا تشبه تماما ما سمي بقضية محرز، وبلماضي يتحمل وحده مسؤولية قراره وخياراته، علما أنه سيكون في موقف حرج وصعب ومنتظر في المنعرج، اذا أخفق مجددا، خاصة من طرف من يتربصون تعثرا آخر له، لتبرير دعواتهم السابقة الى ضرورة رحيله بعد الاخفاق المزدوج في كأس أمم افريقيا وكأس العالم.
حفيظ دراجي
القدس العربي 1 جوان 2022