لا تزال قضية اللاعب الدولي الجزائري السابق أندي ديلور، تثير الجدل وردود الفعل، خاصة بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها المدرب الجزائري جمال بلماضي لإذاعة “أر أم سي” الفرنسية، ردا على تعليقات بعض المحللين الفرنسيين، بشأن اللاعب الدولي (السابق)، ومهاجم نيس الفرنسي، الذي كان طلب من مدرب “الخضر”، إعفاءه من اللعب الدولي لمدة سنة حتى تنتهي تصفيات المونديال ويأتي موعد النهائيات، فكان رد جمال بلماضي حازما وصارما، حيث انتقد فيه تصرف اللاعب وكل من سار في فلكه من بعض الفرنسيين، الذين اعتبروا الأمر عاديا وطبيعيا، ربما لأنه أعطى الأولوية لناديه الفرنسي على حساب المنتخب الجزائري، بينما اعتبره الجزائريون موقفا غير مقبول تماما، لأنه يساوي بين النادي والمنتخب، وينم عن أنانية مفرطة غير مقبولة، من لاعب دولي ينتمي لمنتخب اسمه الجزائر.
ديلور الذي فعل المستحيل من أجل الالتحاق بالمنتخب الجزائري قبل نهائيات كأس أمم أفريقيا في القاهرة سنة 2019، وفتح له جمال بلماضي الأبواب، وسمح له بأن يتوج بلقب لم يكن يحلم به، طالب بالمستحيل الذي لا يقبله المدرب ولا الجماهير الجزائرية التي لم يخاطبها اللاعب، وفضل مراسلة المدرب عبر رسالة “واتساب”، عشية المواجهة المزدوجة أمام النيجر في تصفيات كأس العالم، التي تألق فيها سليماني وبونجاح وكشف فيها عمورة مهاجم لوغانو، إمكانيات كبيرة، تجعل “الخضر” في غنى عن قلب هجوم رابع، نال حظه في المشاركة مع المنتخب في العديد من المرات، لكن بعد انتقاله من مونبلييه إلى نيس، أراد أن يتفرغ لفريقه الجديد ليضمن مكانته كأساسي، وهو الأمر الذي لم يعد يفعله اللاعبون الأفارقة، وعياً منهم بأن اللعب لمنتخبات بلدانهم يخدمهم أكثر مما يضرهم.
بلماضي، كان حازما وصارما في رده على ديلور، معتبرا أن مطالبة اللاعب بتعليق مشاركته مع المنتخب لمدة سنة “هراء” لا يمكن قبوله، وعودته لاحقا “نكتة العام”، شبهها بعودة العروسة إلى بيتها، وهو الأمر الذي لا تقبله المجموعة، ولا الجماهير الجزائرية التي صدمها مطلب اللاعب وأبدت مساندتها لرد فعل جمال بلماضي، الذي يعبر عن موقف كل الجزائريين من لاعب تجرأ بإبداء رغبته في العودة بعد سنة وليس فقط في اتخاذ قرار تعليق مشاركته الدولية، التي تبقى من حقه، مثلما كان من حقه اختيار البلد الذي يمثله رياضيا، لكن ليس من حقه التخلي عن زملائه في معركتهم من أجل التأهل للمونديال، ليأتي بعد سنة ويشارك في النهائيات دون أن يشاركهم العناء والتعب، وفي ذلك قلة احترام تجاه المجموعة التي احتضنته ثلاث سنوات، قبل أن يتخلى عنها برسالة “واتساب”.
في مداخلته عبر إذاعة “أر أم سي” الفرنسية، كان جمال بلماضي واضحا وصريحا وجريئا لدرجة أزعجت مقدم البرنامج اللاعب السابق لنادي باريس سان جيرمان، جيروم روثان، الذي وقف في صف ديلور وأراد تبرير موقف اللاعب، لكن المدرب الجزائري وضعه عند حده، وطالبه بأن يكون حذرا عندما يتحدث عن المنتخب الجزائري، وعليه أن يعرف حيثيات الملف، قبل أن يصطف مع اللاعب، ويؤيده في قراره بطلب تعليق مشاركته لغاية نهائيات كأس العالم، وهو الأمر الذي حرك أيضا مدرب ديلور في نادي نيس، كريستوف غالتييه، الذي طلب البارحة من بلماضي، أن يطرح السؤال، لماذا لا يريد اللاعب الالتحاق بالخضر “مؤقتا”، ودعاه لكي يترك فريقه يعمل في هدوء، خاصة وأنه يضم في صفوفه لاعبين جزائريين آخرين، وهما يوسف عطال وهشام بوداوي، لكن كان على غالتييه أن يطرح بنفسه السؤال على لاعبه، ليدرك أن مسؤولي النادي فرضوا عليه التفرغ لفريقه، عندما وقعوا معه قبل شهرين.موقف
أندي ديلور فعل المستحيل من أجل الالتحاق بالمنتخب الجزائري سنة 2019، فقدر الجزائريون رغبته ومنحه جمال بلماضي صفة لاعب دولي وشرف التتويج باللقب القاري، لكن حجته كانت ضعيفة ومطلبه كان مستفزا، ولو أعلن اعتزاله اللعب دوليا كلية لاحترمنا موقفه مهما كان السبب، أما وأن يقرر لوحده ويطالب بتعليق مشاركته لمدة سنة فقط، تفضيلا لناديه الذي يقبل في صفوفه المنافسة على المنصب، ولا يقبله مع المنتخب، فهذا الذي يعتبر فعلا “هراء ونكتة وغباء” ولا يقبله أي جزائري، ولا يقبله العقل ولا المنطق، ولا بلماضي، ولا حتى زملاؤه في المنتخب والشعب الجزائري كله.
حفيظ دراجي
العربي الجدي 16 أكتوبر 2021