hafid derradji

هل سقط الكاف في قبضة فيفا إنفانتينو؟

لا تزال الجمعية العامة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم التي انعقدت الأسبوع الماضي في العاصمة المغربية الرباط، تثير الجدل وجملة من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول سيناريو التعيينات التي تمت، ومستقبل الهيئة القارية واستقلاليتها وسيادتها التي تعرضت للمساس من قبل شخص جياني إنفانتينو، رئيس الاتحادية الدولية، بتواطؤ من بعض أعضاء الجمعية العمومية الذين اعتمدوا تعييناته على مستوى رئاسة الكاف ونواب الرئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية، وكذا ممثلي القارة في مجلس الفيفا دون الاحتكام إلى الصندوق في سيناريو يحدث لأول مرة في التاريخ، يكرس هيمنة الاتحاد الدولي على الاتحاد الإفريقي، رغم أن الاتحادات القارية لا تخضع إدارياً لسلطة الفيفا التي لا يمكنها التدخل في شؤون الاتحاد الأوروبي أو الآسيوي أو اتحاد أمريكا الجنوبية أو الشمالية أو الكونكاكاف. 

بالموازاة مع إشرافه على ترسيم الخريطة الجديدة للهيئة القارية منذ بداية السنة ضرب إنفانتينو الكرة الإفريقية في العمق بقراره عدم السماح للاعبين الأفارقة المحترفين في أوروبا بالالتحاق بمنتخباتهم لخوض مباريات رسمية هذا الأسبوع دون غيرهم من لاعبي القارات الأخرى بما في ذلك المنتخبات الأوروبية التي استفادت من كل لاعبيها المحترفين في مختلف الدوريات، بحجة تداعيات الوباء التي تفرض الحجر على اللاعبين، رغم أن قارة أوروبا هي بؤرة العدوى مقارنة بالقارة السمراء، يموت فيها المئات يومياً ويصاب فيها الآلاف، لكن لا أحد خلال الجمعية العمومية للكاف رفع إصبعه مندداً بالقرار العنصري الجائر لرئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، لولا تدخل الحكومة الفرنسية التي سمحت في آخر لحظة للاعبين الأجانب بالالتحاق بمنتخباتهم دون الخضوع لإجراءات الحجر عند عودتهم.

إعلاميون ولاعبون ومدربون وشخصيات رياضية إفريقية عبرت عن امتعاضها من قرار الفيفا الصادر في الخامس من فبراير الماضي، وحذرت من عواقب قرارات وإجراءات مستقبلية يخطط لها إنفانتينو، دون أن يحرّك المسؤولون الجُدد للهيئة القارية ساكناً أمام من اختارهم ونصّبهم على رأس الاتحاد الإفريقي للعبة، مثلما هو الحال بالنسبة لتعيين أحد رجاله الكونغولي فيرون موسينغو -حامل الجنسية السويسرية- أميناً عاماً للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ليكرّس الهيمنة المطلقة والرقابة اللصيقة على الكاف في غياب رئيس الاتحاد الإفريقي الجديد الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رجل الأعمال الذي لن يكون بمقدوره تسيير الكاف بسبب التزاماته كرجل أعمال، ليصبح الأمين العام الجديد الذي كان يشغل منصب مدير التطوير والعلاقات مع الاتحاديات في الفيفا هو رئيس الكاف بالإنابة عن إنفانتينو.

إنفانتينو  سيكون هو الرئيس الجديد للكاف عن طريق رجاله الذين نصّبهم في المغرب، لكنه لا يعرف أن رجالاً آخرين في القارة السمراء بدؤوا يتحركون في السر والعلن لكسر هذه الهيمنة وتخليص الاتحاد الإفريقي من وصاية الفيفا، مثلما حدث في مقر الهيئة القارية في مصر، حيث رفض الموظفون التعاون مع الأمين العام الجديد الذي بدأ عمله عن بُعد، ويرفضون حتى التعاون مع السكرتيرة الخاصة للرئيس باتريس موتسيبي التي تطالبهم بإرسال كل الملفات إلى جوهانسبرغ لمعالجتها عن بُعد أيضاً، خاصة أن الرجل يملك شركات كبرى في بلده وفي كل أنحاء العالم، ويسيّر حوالي 3000 موظف، وبالتالي يصعب عليه تخصيص الوقت الكافي لتسيير اتحاد قاري يواجه تحديات كبرى ومسابقات مختلفة والتزامات تتطلب حضوراً دورياً في مقر الكاف وليس تسييراً بالإنابة أو من خلال المراسلات. 

الإيفواري جاك أنوما الذي وعده إنفانتينو بمنصب مستشار في الكاف مقابل سحب ترشحه للرئاسة، لم يحصل على المنصب حتى الآن ما دفعه للاصطفاف مع معارضي الرئيس الحالي، كما بدأت جماعة الرئيس الأسبق عيسى حياتو في التحرك من أجل تشكيل جبهة معارضة لعملية الاختطاف التي تتعرض لها الهيئة القارية، ولجأت السلطات الجزائرية إلى التعجيل بترحيل رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي حملته الصحافة المحلية وجماهير الكرة مسؤولية تراجع التمثيل الجزائري على مستوى الهيئة القارية بسبب فشله في التعامل مع المستجدات وتركيزه على التشبث بمنصبه في الجزائر بكل الطرق، والتواطؤ مع أطراف في الفيفا لتخويف السلطات الجزائرية بتدخل الهيئة الدولية في حالة عدم تكييف القوانين، في وقت سمح الفيفا لنفسه بالتدخل العلني المباشر في صلاحيات هيئة قارية غير تابعة له أصلاً.

كل المؤشرات توحي بأن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم مقبل على أيام عصيبة تنذر بالانفجار في أي لحظة بسبب تدخل إنفانتينو الذي يسعى أيضاً إلى إعادة تشكيل تركيبة إفريقية جديدة على مقاسه تحسباً لانتخابات رئاسة الفيفا القادمة، خاصة في ظل المعارضة الشديدة التي يلقاها من رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والملاحقات القضائية التي تلاحقه من طرف القضاء السويسري، والتي لم تمنعه سابقاً من تغيير موعد إجراء بطولة كأس أمم إفريقيا من الصيف إلى الشتاء، ولن تمنعه من تغيير تقويمها لتجري مرة واحدة كل أربع سنوات بدلاً من سنتين كما هي عليه اليوم، في وقت يرحب باقتراح إقامة كأس العالم وكأس أمم أوروبا كل عامين! 

إنفانتينو يعتقد بأنه ربح رهان الهيمنة على الكاف، دون أدنى اعتبار للأفارقة ولا لكرتهم ولا حتى سيادتهم على اتحادهم القاري الذي يراد له أن يكون ملحقاً بالفيفا دون غيره من الاتحادات القارية الأخرى، لكن المتتبعين يعتبرون أنها مجرد بداية لمعركة لن تنتهي بسلام، انطلاقاً من مبدأ “ما بُني على باطل فهو باطل”، خاصة في قارة يشعر ناسها بالحساسية المفرطة تجاه كل تدخل أجنبي لا يحترم مشاعرهم وسيادتهم.. 

حفيظ دراجي

عرب بوست 21 مارس 2021

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل