سيكون الأفارقة غدا على موعد مع الجمعية العامة الانتخابية للاتحاد الافريقي لكرة القدم لترسيم وتنصيب المسؤولين الجدد على رأس كرة القدم الافريقية وليس لانتخابهم بعدما كشفت التسريبات الإعلامية منذ أيام عن اسم رئيس الكاف الجديد ونوابه وأعضائه، وكشفت عن الأسماء التي ستدخل مجلس الفيفا تحت اشراف مباشر من رئيس الاتحاد الدولي جاني اينفانتينو الذي صار يتحكم في زمام الهيئة القارية بشكل مباشر، بتواطئ من بعض أعضائها الذين تقاسموا الغنيمة بدون أدنى اعتبار لسيادة الجمعية العمومية، ما أثار ردود فعل في الأوساط الكروية الافريقية، وحتى السياسية والاعلامية التي راحت تندد بالتدخل المباشر لهيئة كروية دولية تمنع الحكومات من التدخل في تسيير الاتحادات لكنها لا تتردد في التدخل في شؤون الهيئة القارية دون غيرها من الاتحادات في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
أطراف فاعلة من داخل الاتحاد الافريقي أطلقت على نفسها اسم “مجموعة الدفاع عن مصالح الكرة الافريقية” نشرت الأسبوع الماضي بيان تنديد بتدخل رئيس الفيفا جاني اينفانتينو، موجها المسؤولين على كرة القدم الافريقية واللاعبين وحكوماتهم، وكل القضاة والمحامين والصحافيين الأفارقة، متسائلة اذا كان بامكانه أن يفعل الشيء ذاته مع اتحادات قارية أخرى ويتدخل في تعيين مسيريها بالشكل الذي يفعل في القارة السمراء من خلال اشرافه المسبق على تعيين باتريس موتسيبي رئيسا للكاف، ونوابه، وتعيين المصري هاني أبوريدة والمغربي فوزي لقجع في مجلس الفيفا، وهو الذي لا يمكنه فعله مع اتحادات قارية أخرى، ولم يكن بالامكان فعله لولا الضعف الذي صارت تتخبط فيه الهيئة القارية في عهد الملغاشي أحمد أحمد الذي منعته الفيفا من الترشح لعهدة ثانية.
على مدى ثلاث سنوات سابقة لم يتردد اينفانتينو في السطو على الكاف من خلال قيامه بزيارات مكوكية لعديد البلدان الافريقية بحجة دعم الكرة الافريقية، وكأنه رئيس للكاف أو وصي عليها لدرجة حضور نهائي كأس أمم افريقيا لأقل من 20 سنة في موريتانيا، وهو الذي لم يسبق له حضور منافسة مثل هذه في أية قارة أخرى، ما يؤكد طبيعة هذه الزيارات ونواياها التي لا تخرج عن اطار تكريس الوصاية التي بدأها منذ ترأسه للفيفا عندما فرض فاطمة سامورا الأمينة العامة للفيفا مفوضة عامة لدى الاتحاد الافريقي لمدة ستة شهور، ثم تبعها بتغير موعد نهائيات كأس أمم افريقيا من الصيف الى الشتاء ومطالبة الأفارقة بتنظيم البطولة مرة واحدة كل أربع سنوات عوض كل سنتين كما هو عليه الأن، ثم معاقبة أحمد أحمد بتهم الفساد، وهو نفسه متابع قضائيا لحد الآن من طرف القضاء السويسري في شبهات فساد تلاحقه.
بيان مجموعة الدفاع عن مصالح الكرة الافريقية الذي تم ارساله الى كل رؤساء البلدان الافريقية واللجان الأولمبية، والمنظمات والشخصيات الرياضية الدولية، تضمن بالتفصيل كل الممارسات والخروقات والتدخلات، وطالب بمحاسبة رئيس الاتحاد الدولي على تدخلاته في شؤون الكرة الافريقية، ومحاسبة من تواطئ معه من المسؤولين الافارقة، علما أن الاتحادات القارية الخمسة ليست تابعة للفيفا ولا تخضع لوصايتها من الناحية الادارية والقانونية، بل الاتحادات المحلية هي المنخرطة تحت لوائها تنظيميا فقط، لكن السويسري استغل ضعف المسيرين الافارقة وتورطهم في قضايا فساد ليهينهم، ويهين 54 اتحاداً افريقياً كان يتودد لها كل مرشح لرئاسة الاتحاد الدولي، وكانت هي من تصوت على رئيسها.
اينفانتينو اضطر من جهته، الى اصدار بيان تكذيب لكل الاتهامات التي تناقلتها وسائل الاعلام، مؤكدا أنه يقف على الحياد ولم يتدخل في شؤون الجمعية العمومية للاتحاد الافريقي، وأنه يسعى فقط الى رد جميل الاتحادات الافريقية التي صوتت له ويريد مساعدتها ومرافقتها في انجاز مشاريع كروية تمولها الفيفا، لكن الحقيقة تبدو غير ذلك تماما لدرجة وصفت بعملية انقلاب مغلفة بشعارات ونصائح وتوجيهات ووعود بتقديم المساعدات خلال زياراته الماراثونية لعديد البلدان الافريقية في الفترة الأخيرة ستكلل بتنصيب رئيس تابع لاينفانتينو يخدم مصالح الفيفا وليس مصالح الكرة الافريقية.
المصادقة على تعيينات اينفانتينو في الرباط ستطبع أشغال أسوأ جمعية عمومية انتخابية في تاريخ الكاف، أغلقت الباب أمام صندوق الانتخابات، وأساءت الى سمعة الهيئة القارية واستقلاليتها ومصداقيتها، ورسمت الوصاية عليها، بل رسخت الاستعمار الجديد الذي سيكلف الكرة الافريقية غاليا.
حفيظ دراجي
القدس العربي 11 مارس 2021