ما يفعله الميلان في الدوري الايطالي هذا الموسم لا يختلف تماما عما يفعله السويدي زلاتان إبراهيموفيتش الذي قاد فريقه للفوز على كالياري بتسجيله ثنائية في ختام الجولة الثامنة عشرة وبالتالي استعادة الريادة من غريمه الانتر في سيناريو لم يتوقعه أحد قبل بداية الموسم للفريق الميلاني، ومشوار فريد من نوعه لزلاتان العائد من اصابة أبعدته عن الملاعب لمدة شهرين كاملين، لم تمنعه من منافسة رونالدو ولوكاكو وتشيرو إيموبيلي على لقب هداف الموسم برصيد 12 هدفا، رغم أنه لم يشارك أساسيا سوى في سبع مباريات منذ انطلاق الموسم، وهو إنجاز لا يقدر عليه سوى زلاتان إبراهيموفيتش الذي يواصل هواية التسجيل كل سنة منذ بداية مسيرته الكروية عام 1999 مع الفريق السويدي مالمو، مرورا بأياكس ويوفنتوس والانتر وبرشلونة ثم باريس سان جيرمان والمان يونايتد ولوس أنجليس غالاكسي.
الميلان من جهته، حقق أطول سلسلة مباريات سجل فيها أهدافا خارج قواعده منذ سنة 1993، واستعاد ريادة الترتيب في ختام الجولة الثامنة عشرة رغم غياب الثلاثي اسماعيل بن ناصر والمدافع تيو هيرنانديز والفنان هاكان تشالهانوغلو، وطرد البلجيكي ساليماكرس قبل 25 دقيقة من نهاية مباراة كالياري، لكن عودة زلاتان من الاصابة بعثت في الفريق نفسا جديدا منذ تعرضه للخسارة الأولى هذا الموسم أمام اليوفي على ميدانه في بداية السنة، والأولى بعد 27 مباراة في الدوري منذ الموسم الماضي، ليتمكن من استعادة الريادة بثنائية ابراهيموفيتش التي صنعت الحدث في مختلف وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية التي راحت تركز عليه وتذكر بأرقامه وانجازاته، ووزنه في الميلان رغم كبر سنه وصعوبة المنافسة في الدوري الايطالي لهذا الموسم.
الميلان لم يصل الى هذه الحالة الفريدة منذ آخر تتويج قبل عشر سنوات، فقط بفضل السويدي زلاتان وأهدافه المسجلة، بل كان للمدرب ستيفانو بيولي دور كبير في صناعة تشكيلة منسجمة وبعث روح في منظومة لعب جعلت منه رابع أفضل خط دفاع ورابع أفضل خط هجوم، سجل في كل مبارياته خارج قواعده هذا الموسم، وأطاح بالغريم الانتر ونابولي ولاتسيو وكل الأندية العنيدة داخل وخارج قواعده، محافظا على توازنه وهيبته التي استعادها فجأة بدون مقدمات رغم المنافسة القوية، وصغر سن غالبية لاعبيه وقلة خبرتهم مع ضغوطات المنافسة على اللقب الأصعب في أوروبا، ورغم غياب جماهيره عن مدرجات ملعب “سان سيرو” الذي سيكون في نهاية الموسم شاهدا على عودة ميلان العريق الى الواجهة الايطالية، ومن ثم عودته الى مسابقة دوري الأبطال الموسم المقبل.
المتابعون انتقلوا من مجرد طرح السؤال عن الكيفية التي وصل بها الميلان لهذه الوضعية وسر استعادة زلاتان لشبابه وحسه التهديفي، إلى التساؤل عن الكيفية التي سيصمد بها الفريق إلى غاية نهاية الموسم أمام المنافسة القوية من الجار الانتر والغريم اليوفي، وفريقي العاصمة روما ولاتسيو، وكذلك نابولي وأتالانتا وساسولو في موسم سيكون استثنائيا وصعبا للغاية على غير العادة، قد يشهد نهاية سيطرة يوفنتوس على مدى عقد من الزمن وعودة الميلان الى منصة التتويج باللقب بعد غياب عنها دام عشر سنوات منذ آخر تتويج عام 2011، وغيابه عن مسابقة دوري الأبطال لسنوات طويلة وهو صاحب التتويجات السبعة باللقب الأوروبي الأكبر والأجمل، وصاحب ثاني أكبر رصيد من التتويجات والألقاب المحلية بعد اليوفي.
الميلان يفرض منطقه هذا الموسم ويكبر من جولة لأخرى، وزلاتان يصغر في السن كل أسبوع، ورصيد النقاط يرتفع الى 43 نقطة بعدما كان 21 نقطة في نفس الفترة الموسم الماضي عند الجولة الثامنة عشرة، ومع مرور الوقت تتبدد كل الشكوك التي كانت تعتقد أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مفاجأة مؤقتة ونتائج ظرفية ستتوقف مع الوقت، لأن العكس هو الذي يحدث ولم يعد أحد يشكك في قدرة أسي ميلانو على التتويج بالاسكوديتو للمرة التاسعة عشرة في تاريخه بقيادة سلطان في الأربعين من عمره استطاع البقاء على عرشه بمساعدة جنود صغار من دون خبرة يقودهم بامتياز سواء كان فوق الميدان أو في كرسي الاحتياط أو في المدرجات.
مهما كان المصير في نهاية الموسم فإن زلاتان استعاد شبابه وعاد الى الواجهة لينافس رونالدو ولوكاكو وايموبيلي على لقب الهداف، والميلان عاد الى الريادة لينافس على الألقاب، وعندها ستعود الفرق الايطالية الأخرى الى حجمها الحقيقي.
حفيظ دراجي
القدس العربي 21 يناير 2021