hafid derradji

ماذا سيترك الاتحاد للكرة الجزائرية بعد رحيله؟

مع حلول السنة الجديدة بدأ العد التنازلي من عمر المكتب الفيديرالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي يقترب من الرحيل بدون أن يتمكن من تحقيق إنجاز واحد من وعوده الانتخابية الكثيرة، اذا استثنينا التتويج بكأس أمم أفريقيا، الذي لم يكن ضمن مخططاته، ولم يكن ممكنا لولا المدرب جمال بلماضي الذي كان له الفضل في تحقيق مفاجأة القرن بالنظر للظروف الصعبة التي مر بها المنتخب الجزائري وحملات التخوين والتشكيك التي تعرض لها اللاعبون، بما في ذلك في عهد الرئيس خير الدين زتشي الذي كان مهددا بالرحيل بعد حراك الجزائريين في فبراير/شباط 2019 باعتباره جزءا من منظومة فساد نصبته عنوة على رأس الاتحاد الجزائري سنة 2017، ليشهد هزات وفضائح متتالية في التسيير محليا وقاريا ودوليا، وفي كل المجالات الفنية والتنظيمية والإدارية والمالية أدت الى تراجع الموارد وتراجع النتائج لدى الفئات الشبانية التي خرجت من كل المسابقات القارية خلال العهدة الانتخابية الحالية.


رئيس الاتحاد فشل في تجسيد برنامجه الوهمي وتحقيق وعوده ببناء مراكز التكوين الأربعة التي لم تر النور بعد مرور أربع سنوات، ولم ينجح في الاهتمام بالكرة المحلية والمنتخبات الشبانية التي أخفقت في كل المسابقات القارية، وفشل في تسيير شؤون الدوري المحترف والتحكم في رزنامته وسط فضائح تحكيمية كبيرة، إضافة الى فضيحة التعاقد مع وسيط شركة “أديداس” للملابس الرياضية الذي يقيم في فرنسا، علما أن الجزائر تابعة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في التعامل مع الشركة التي يقع مقرها في دبي، بدون إغفال تراجع عدد المعلنين والممولين ومداخيل الإشهار لمنتخب نال لقبا قاريا ويملك منتخبا يدر ملايين الدولارات لو تم الاستثمار فيه بالشكل اللائق.


كل التوقعات تشير الى صعوبات تعترض المكتب الفيديرالي في تمرير حصيلته الأدبية والمالية شهر مارس/آذار المقبل التي تميزت باستهلاك عدد معتبر من المدربين، وتبديد المال العام من خلال التعويضات التي فرضتها عليه محكمة التحكيم الرياضي للمدرب الإسباني لوكاس ألكاراز والمقدرة بمليون وثلاثمئة ألف يورو، تم دفعها والتستر عليها لحد الآن بحجة تقديم طعن في قرار المحكمة لم نسمع عن نتائجه منذ أكثر من سنتين، ما يرجح فرضية تأكيد القرار الأول للمحكمة الرياضية بسبب عدم الالتزام بآجال تقديم الطعن، أو عدم تقديمه أصلا في الأجال المحددة، وهو الأمر الذي يصنف ضمن خانة التقصير وسوء التسيير وتبديد المال العام، ويعاقب عليه القانون الجزائري، مثلما هو بصدد معاقبة كل المقصرين في عهد نظام فشل في تسيير مقدرات الجزائر.


أما ترشح الرئيس مجددا لعهدة ثانية، فيلقى معارضة من السلطات الجزائرية وأعضاء الجمعية العمومية، ما دفعه الى الاعلان  منذ سنة الى عدم ترشحه، قبل أن يتراجع عن ذلك منذ فترة قصيرة ويعلن في الوقت ذاته دخول معترك انتخابات مجلس الفيفا المقررة في نفس الفترة، حيث قدم ترشيحه لمنافسة رئيس الجامعة الملكية المغربية فوزي لقجح في الجمعية العمومية الانتخابية المقررة في الرباط، ومرشح الاتحاد المصري المخضرم هاني أبوريدة على أمل أن يتعرض أحدهما أو كلاهما لعقوبة الإقصاء من الفيفا مثلما حدث لرئيس الاتحاد الأفريقي الملغاشي أحمد أحمد، وهو الأمر الذي لم يحدث ولن يحدث، وسيعرض الجزائر لخسارة أخرى في وقت كان بإمكان رئيس الاتحاد الجزائري الترشح والفوز بمنصب عضوية الكاف التي تحتاج إليها الجزائر أكثر لحماية مصالحها.


لقد كان بإمكان رئيس الاتحاد الجزائري أن يفوز بمنصب عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الافريقي لو ترشح في انتخابات 2019 في القاهرة عندما وعد بدعمه أعضاء الكاف، لكنه فضل ترشيح نائبه رئيس رابطة الطارف، وهو ما اعتبره الأفارقة استصغارا، وبرره رئيس الاتحاد الجزائري بانشغالات تمنعه من الترشح شخصيا، فكان الإخفاق الثاني بعد فشله في ارسال ملف عضوية نائبه السابق بشير ولد زميرلي بسبب تجاوز الآجال القانونية للترشح، كما كان بإمكان رئيس الاتحاد الجزائري الترشح في مارس المقبل لعضوية الكاف ومنافسة التونسي وديع الجريء عوض الترشح لمجلس الفيفا الذي حسمه فوزي لقجح وهاني أبوريدة منذ زمن قبل الجمعية العامة المقررة في مارس المقبل.


الإخفاق القاري والدولي المتوقع في انتخابات مجلس الفيفا سيكون صفعة قوية ونكسة جديدة للمكتب الحالي، وسيكون متبوعا حسب المتابعين بإخفاق محلي في الحصول على ثقة أعضاء الجمعية العمومية لعهدة ثانية، خاصة في مواجهة المرشح المرتقب وليد صادي نائب رئيس الاتحاد الجزائري السابق، الذي يلقى دعما كبيرا في الأوساط الكروية ولدى السلطات العمومية التي تسعى للتخلص من بقايا نظام شكل وجع رأس على مدى سنوات، قد يؤثر على مشوار المنتخب الجزائري في تصفيات كأس العالم 2022 التي سيكون فيها المدرب الوطني جمال بلماضي في حاجة الى دعم كبير وأجواء جديدة مريحة لن تتوفر اذا استمر الحال على ما هو عليه.

حفيظ دراجي

القدس العربي 7 يناير 2021

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل