اهتزت مصر الرياضية للعقوبات التاريخية التي أصدرتها اللجنة الأولمبية المصرية في حق رئيس نادي الزمالك المستشار مرتضى منصور، بحرمانه من ممارسة أي نشاط رياضي في مصر لمدة أربع سنوات، بعد التحقيق في الشكاوى التي رفعتها ضده هيئات وشخصيات رياضية من داخل الزمالك وخارجه، بتهم التهجم والسب والشتم في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو القرار الذي صنع الحدث وأثار ردود فعل كبيرة، وستكون له تداعيات أكبر لأن الرجل لم يسكت وراح يتهم أطرافا خارجية ويتحجج بكونه نائبا في البرلمان يحظى بالحصانة البرلمانية، ولا تجوز محاكمته قبل تقديم طلب رفعها، في وقت تذهب الكثير من التحاليل إلى اعتبار عزل مرتضى منصور نافذا هذه المرة، سيفضي إلى تخلص الكرة المصرية من وجع رأس لازمها لسنوات بإيعاز من السلطة التي قررت التخلص منه.
بغض النظر عن طبيعة العقوبات وحجمها وصلاحية اللجنة الأولمبية المصرية في معاقبة رئيس نادٍ من دون الاستماع إليه، وموقف وزارة الشباب والرياضة والبرلمان المصري من العقوبات المسلطة في حق مرتضى منصور من عدمه، فإن الرجل نفسه لجأ في وقت سابق إلى هيئة القيم في اللجنة الأولمبية المصرية، وقدم شكاوى ضد شخصيات وهيئات رياضية، ما يعني اعترافه بالسلطة المعنوية والقانونية لأعلى هيئة رياضية في مصر، وحقها في اتخاذ العقوبات ضد الناشطين في الحقل الرياضي، في وقت أقرت وزارة الشباب والرياضة بذلك ورفضت التدخل في شؤون اللجنة الأولمبية، وطالبت المعني بتقديم طعن في القرار إلى المحكمة الرياضية طبقا للوائح والقوانين، علما أن نفس الوزارة كانت رفعت عقوبة مماثلة لمدة ثلاث سنوات سلطت على نفس الشخص سنة 2018 بحجة تمتعه بالحصانة البرلمانية
المستشار مرتضى منصور، عبر مداخلاته في وسائل الإعلام بعد إصدار العقوبات، بقي وفيا لشراسته وتهكمه على كل الجهات التي قدمت شكاوى ضده، وعلى اللجنة الأولمبية التي خالفت بنود قانون الرياضة والميثاق الأولمبي في تقديره، لأنها لا تملك الصلاحيات القانونية لمعاقبته باعتباره منتخبا من طرف جمعية عمومية، ونائبا في البرلمان يتمتع بالحصانة البرلمانية.
الأكثر من ذلك، راح الرجل يتهم أطرافا خارجية بتواطؤ مع أخرى من داخل مصر تريد حسب رأيه تحطيم الزمالك والانتقام منه على مواقفه الداعمة للرئيس عبد الفتاح السيسي، لدرجة لم يتوانَ فيها عن اتهام قطر بكونها وراء العقوبات، من دون أن يدري بأن في ذلك تقليل من شأن الدولة المصرية وسلطة مؤسساتها الإدارية والقضائية التي تخضع، حسب رأيه، لإملاءات خارجية من دول أجنبية معادية !
تخبط المستشار مرتضى منصور دفعه للتشكيك في كل الجهات ومهاجمة كل الهيئات الإدارية والرياضية المصرية كعادته، من دون أدنى اعتبار لكونه نائبا في البرلمان ومحاميا، ورئيس ناد عليه احترام النادي الذي يرأسه قبل احترام قرارات الهيئات الرسمية واتباع الإجراءات القانونية في الطعن لدى لجنة القيم في الهيئة الأولمبية، ومن ثم ممارسة حقه في الاستئناف لدى المحاكم المختصة في إجراء يعرفه جيدا لكونه رجل قانون، أراد الخلط بين صفته نائبا وبين رئاسته لنادي الزمالك العريق المقبل على نصف نهائي دوري الأبطال، ما اعتبره المستشار أيضا ضربا لاستقراره من طرف جهات معادية ومنافسة للنادي، خاصة بعد إخطار الكاف والفيفا من طرف الاتحاد المصري بالعقوبات المسلطة على رئيس الزمالك.
بعيدا عن الاجراءات، فإن بعض المتتبعين يعتبرون أن معاقبة مرتضى منصور مجرد “قرصة أذن” لإلهاء الرأي العام، سيكون لها نفس مصير عقوبات 2018 التي تم رفعها فيما بعد من طرف وزارة الشباب والرياضة، بينما يذهب البعض الآخر إلى اعتبارها بداية مرحلة التخلص من كل الوجوه المستفزة في قطاعي الرياضة والإعلام، تحسبا لانتخابات الرئاسة المقبلة التي تقتضي تنظيف الوسط الرياضي بالتخلص من مرتضى منصور بعد انتهاء مهامه القذرة، ثم اللجوء إلى حملة تصفية لشخصيات إعلامية مشهورة شكلت صداعا للنظام رغم مساندتها له، بعدما صارت مكروهة في الأوساط الشعبية باستفزازاتها المتكررة في منابرها، وحان وقت استبدالها بوجوه جديدة.
الأيام المقبلة كفيلة بتأكيد أو نفي كل التكهنات والتوقعات، ليبقى الزمالك أكبر من أي رئيس، وتبقى مصر أكبر من كل متجبر يعتقد بأنه فوق القانون حتى ولو كان رجل قانون، ونائبا في البرلمان، وطويل اللسان يتهكم على الناس ويسبهم ويصنفهم من دون أن يتقبل قرارات الهيئات الرياضية والإدارية والقضائية الصادرة في حقه، لأنه منزه ومعصوم والبقية كلهم خونة ومرتزقة وأعداء لمصر التي يسيء إليها كل يوم من حيث لا يدري.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 01 أكتوبر 2020