ع انطلاق الدوري الإنكليزي الممتاز تتوجه كل الأنظار نحو نادي تشلسي اللندني الذي أبرم صفقات مدوية مع عدد كبير من نجوم الكرة لمواجهة جبروت ليفربول والسيتي بعد انتهاء فترة العقوبة التي كانت مسلطة عليه من الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال فترتي الانتقالات الشتوية والصيفية لسنة 2019 بسبب مخالفة قواعد التعاقد مع اللاعبين الصغار، ليتوجه هذا الصيف نحو استقطاب اللاعبين الكبار بمجرد رفع الحظر، مقابل اعارة أو بيع عدد من اللاعبين حفاظا على توازناته المالية حتى لا يتعرض لعقوبات اللعب النظيف من طرف الاتحاد الأوروبي، فدخل سوق الانتقالات بمبلغ يقارب 300 مليون دولار رغم الأزمة المالية التي أفرزتها جائحة كورونا على الكرة العالمية واقتصاديات الأندية الانكليزية الأخرى التي اكتفت بالمحافظة على توازنها قبل ثلاثة أسابيع من نهاية الميركاتو الصيفي.
صفقات تشلسي بدأت بالدولي المغربي حكيم زياش مقابل 36 مليون جنيه قادما من أياكس، مرورا بالثنائي الألماني تيمو فيرنر 47 مليون جنيه، وكاي هافيرتز بـ94 مليون دولار لمدة خمس سنوات، وصولا الى المدافعين تياغو سيلفا وبن تشيلويل والفرنسي الصاعد مالانغ سار في انتظار إيجاد البديل لحارسه الإسباني كيبا الذي يريد الاستغناء عنه مقابل 60 مليون يورو لاحداث التوازن المالي والابتعاد عن شبهات اختراق مبدأ اللعب المالي النظيف الذي كاد يكلف السيتي غاليا الموسم الماضي. الاستقدامات لم تمنع من طرح التساؤلات حول مصير اللاعبين الشباب الذي استثمر فيهم الفريق وبلغوا نضجا يقتضي منحهم الثقة في قيادة الفريق على غرار مايسون ماونت وكريستيان بوليسيش وتامي أبراهام، وتساؤلات أخرى عن مدى قدرة المدرب تحقيق الانسجام بين القدامى والجدد وصناعة هوية لعب تسمح له بالمنافسة على اللقب!
الاستقدامات النوعية خلفت صدمة في الأوساط الكروية الانكليزية، التي راحت تتساءل عن مدى قدرة تشلسي على منافسة ليفربول والسيتي، وحتى مانشستر يونايتد الذي دفع بمدربه النرويجي غونار سولشاير إلى مطالبة إدارة النادي بتوفير الأموال للتعاقد مع لاعبين بجودة عالية من أجل المنافسة على لقب البريميرليغ، في وقت انتقد الألماني يورغن كلوب ما سماه بجنون ادارة تشلسي قائلا بأنه يستحيل على الفريق اللندني منافستنا من خلال إنفاق الأموال لاستقطاب نجوم يفتقدون للانسجام، وهو ذاته الذي كان منذ موسمين يدعو إدارة الريدز الى الانفاق مثل الآخرين من أجل المنافسة على الألقاب، فكان له ذلك من خلال إنفاق ما يعادل 220 مليون يورو للتعاقد مع نجوم كبار على غرار الحارس أليسون بيكر مقابل 67 مليون باوند، والمدافع العملاق فان دايك بمبلغ 75 مليونا، ما مكنه من الحصول على دوري الأبطال، وكأس العالم للأندية، ثم الدوري الإنكليزي الممتاز لأول مرة منذ ثلاثة عقود.
الرئيس التنفيذي للبريميرليغ عبر عن سعادته بصفقات تشلسي الجديدة التي استقطبت نجوما سيقدمون إضافة كبيرة للدوري على حد تعبيره، وهو نفس التوجه الذي ذهبت إليه أغلب وسائل الاعلام الانكليزية التي أرجعت تصريحات المدرب الألماني كلوب الى الرعب الذي أصاب الرجل من عودة تشلسي الى المنافسة على الدوري من خلال التعاقد مع لاعبين متميزين بعدما أكدت التجارب بأن العامل الأساسي لصناعة فريق تنافسي في انكلترا هو المال ثم الاستقدامات النوعية الجيدة، وبعدها يأتي دور المدرب في الاستثمار الفني والتكتيكي للقدرات البشرية التي يتوفر عليها، وهي الأمور التي غابت عن تشلسي خلال السنوات القليلة الماضية، وتغيب لحد الآن عن المان يونايتد وأرسنال، وجعلت ليفربول والسيتي يتوجان باللقب بفارق كبير خلال المواسم الثلاثة الماضية.
السؤال المطروح الآن الى أي مدى يمكن للمدرب فرانك لامبارد تحقيق الانسجام بسرعة وقيادة البلوز الى المنافسة خاصة في ظل الاختلالات الدفاعية التي عانى منها؟ وهل بإمكان البرازيلي تياغو سيلفا والمدافع بين تشيلويل معالجة الضعف الدفاعي الذي عانى منه في الكرات الثابتة الموسم الماضي، والتي تسببت في تلقي مرماه 14 هدفا، علما أن قوة الأندية في عالم الكرة الحديثة تستند على المنظومات الدفاعية القوية بقيادة حارس كبير لا يزال يبحث عنه المدرب الذي فقد ثقته في الاسباني كيبا ويريد تعويضه بالايطالي دوناروما حارس الميلان أو السلوفيني يان أوبلاك حارس أتلتيكو مدريد، إدراكا منه بأنه لن يفوز بالدوري الانكليزي بحارس اسمه كيبا مثلما فعل ليفربول مع حارسه أليسون بيكر.
مهما كان الحال فإن ليفربول والسيتي لن يغردا وحدهما هذا الموسم، لكن تحقيق اللقب في انكلترا لا يتم بالإنفاق السخي لوحده من أجل استقدام أفضل اللاعبين، ولا بانتداب مدرب كبير فقط، بل سيتوقف على معطيات وظروف ذاتية وأخرى موضوعية تتعلق بأندية أخرى، لكن الأكيد أن التنافس هذا الموسم لن يقتصر على ثنائية ليفربول كلوب والسيتي غوارديولا، ولا حتى تشلسي لامبارد، لأن ما فعله ليستر منذ أربع سنوات لا يزال في الأذهان.
حفيظ دراجي
القدس العربي 17 سبتمبر 2020