أعادت مباراة سوسييداد وريال مدريد في ختام الجولة الثلاثين من بطولة الليغا، الجدل حول واقع التحكيم في الدوري الاسباني ودوره الكبير من عدمه في تحديد البطل ونتائج المباريات، وهو الأمر الذي يتكرر كل مرة عندما يشتد الصراع بين الغريمين برشلونة وريال مدريد، وعندما يرتكب الحكام أخطاء تقديرية تؤثر على نتائج المباريات مثلما حدث بعد الغاء الحكم لهدف سوسييداد من تسديدة من خارج المنطقة بحجة وجود لاعب في وضعية تسلل حجب الرؤية على الحارس كورتوا، ثم احتسابه ركلة جزاء للريال مشكوكا فيها كون المهاجم فينيسيوس استطاع التسديد ولم يتعرض للمس حقيقي، ليأتي بعده في نفس المباراة احتساب الحكم لهدف بنزيمة بعد ترويضه للكرة بأسفل الكتف.
الصحافة الكتالونية نسيت تعثر فريقها أمام إشبيلية وتضييعه لنقطتين، وراحت تذكر أيضا بمباراة الجولة الماضية لتشير الى الغاء الحكم لهدف فالنسيا أمام الريال بداعي التسلل عندما كانت النتيجة سلبية، وعادت لتذكر بسلسلة أخطاء تحكيمية استفاد منها الريال على مدى سنوات، وتستشهد بتصريحات سابقة لمدربي البارسا والاتلتيكو غوارديولا وسيميوني، اللذين كانا ينددان بتحيز الحكام للريال وصعوبة الفوز بالليغا في ظل الانحياز المفضوح حسب تقديرهما، وهو الأمر الذي دفع بالصحافة المدريدية وعشاق الريال للعودة الى الأرشيف والتذكير بفضائح الحكام مع البارسا عبر التاريخ في محاولة لاعتبار الأمر مجرد أخطاء تحكيمية في التقدير، في وقت التزم لاعبو الريال الصمت اتجاه الجدل الحاصل في وسائل الإعلام والمواقع ووسائل التواصل الاجتماعي.
مدرب سوسييداد فتح النار على التحكيم لأنه كان معنيا مباشرة بالمباراة، لكن لاعبي البلوغرانا دخلوا على الخط، رغم أنهم لم يكونوا طرفا في مواجهة مباشرة ضد الريال في جولتي الاستئناف، وانتقدوا بشدة ما اعتبروه تحيزا تحكيميا واضحا للريال أمام إيبار وسوسييداد، سيصعب من مهمة البارسا في التتويج باللقب، مثلما لمح له القائد جيرار بيكي كعادته كل مرة، وأشار إليه أرتورو فيدال الذي علق بسخرية على الغاء هدف فالنسيا أمام الريال، واحتساب هدف توني كروس أمام ايبار، في حين راح المدرب سيتيين يخفف الضغوطات على لاعبيه ويصرح بأن “الريال لن يفوز بكل مبارياته وعلينا استغلال الفرصة للانفراد بالريادة والتتويج باللقب خاصة وأننا في أفضل أحوالنا” كما قال.
وسائل التواصل الاجتماعي من جهتها اشتعلت جدلا في برشلونة ومدريد وكل أنحاء العالم بين عشاق الفريقين الذين جعلوا من أخطاء التحكيم قضية الساعة التي أنستهم الوباء والحجر والحظر وتراجع أرقام الضحايا والمصابين بفيروس كرورونا، وراحوا يتبادلون التهم ويعتبرون التحكيم مدريديا أوبرشلونيا، وضعيفا أو يفتقد للنزاهة، في حين ذهب العقلاء الى اعتبار التحكيم في اسبانيا ضعيفا وليس متحيزا، وأن الأمر مجرد أخطاء عادية صنعتها الصدفة فقط، وزادها تعقيدا سوء استعمال تقنية الفيديو التي لم تحل مشكلة الأخطاء التحكيمية كليا، بل عززت الشكوك في النوايا.
الكل صار يتساءل هل تحكيم الليغا مدريدي أم برشلوني؟ هل يتعلق الأمر بأخطاء تقديرية عادية أم متعمدة؟ هل هي مجرد صدفة أم هي بوادر لمعركة كبيرة قادمة بين الريال والبارسا من أجل الظفر باللقب بكل الطرق؟ وهل هي وسيلة ضغط يستعملها كل ناد على الحكام تحسبا لما هو قادم؟ كل الأسئلة والاحتمالات تبقى واردة قبل ثماني جولات من نهاية الدوري الأصعب للفريقين والأكثر اثارة منذ أعوام، ستزداد فيه الضغوطات على الرابطة والحكام، الذين سيخطئون التقدير بدون شك رغم تواجد تقنية الفيديو، ويتحول الخطا إلى جريمة في حق الآخر في نظر العشاق بالنظر لأهمية التتويج ببطولة الليغا بالنسبة للريال والبارسا.
يحدث هذا في زمن استخدام تقنية الفيديو التي قللت من أخطاء الحكام في كل مباريات العالم، لكنها لم تقلل من احتجاجات اللاعبين والمدربين والمشجعين الاسبان الذين يطالبون باستعمال تقنية الفيديو بشكل جيد تجنبا لأخطاء تحكيمية أخرى تحدد مصير الدوري بشكل غير لائق، ما سيزيد من الضغوطات على الحكام الذين سيخطئون التقدير حتما، ويتعرضون للانتقاد والتشكيك في نزاهتهم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالبارسا والريال الذين تتحول عندهم أخطاء التحكيم إلى تحيز لطرف على الآخر، رغم أنها جزء من اللعبة وتحدث في كل مباريات الليغا وليس فقط في مباريات برشلونة والريال.
حفيظ دراجي
القدس العربي 24 يونيو 2020