بعد الإنذار الذي وجهه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الى الرابطة البلجيكية لأنها أوصت بإلغاء ما تبقى من مباريات دوري هذا الموسم وإعلان نادي كلوب بروج بطلا للموسم الجاري بسبب تفشي فيروس كورونا، تهاطلت التساؤلات، وأثيرت علامات الاستفهام حول مصير اللقب الأغلى في أوروبا والعالم، ألا وهو الدوري الإنكليزي الممتاز وامكانية حرمان ليفربول من التتويج باللقب، أيضا في حالة توقيف وإلغاء ما تبقى من مباريات هذا الموسم، وتعميم تحذيرات الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن لوائح الرابطة الانكليزية لا تتضمن حالة التوقف الاضطراري للدوري، لكن رد رئيس الاتحاد الأوروبي جاء سريعا متناقضا مع ما أعلنه بخصوص الدوري البلجيكي، رغم أن الفارق بين الرائد كلوب بروج وملاحقه المباشر خينت هو 15 نقطة قبل جولة واحدة من نهاية المرحلة الأولى، ثم دخول مباريات الفصل لتحديد البطل ضمن الفرق الستة الأولى في بلجيكا.
الاتحاد الأوروبي أبدى رفضه تحديد البطل قبل استكمال الدوري في حالة كلوب بروج، وفي حالة ليفربول أعلن رئيسه ألكسندر تشيفيرين بأن رفقاء محمد صلاح سيتوجون باللقب سواء استؤنف أو توقف وألغي الدوري! تصريح يحمل تناقضا صارخا في الموقف، مثير لعلامات الاستفهام، رغم أن الفريقين كلوب بروج وليفربول هما أكثر الأندية الأوروبية التي تستحق التتويج بحكم الفارق الذي يفصلهما عن الملاحق الأول، لكن تحيز رئيس الاتحاد الأوروبي كان مفضوحا، وغير مبرر في تقدير المتابعين، أعطى الانطباع بأن اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي تغرد في واد، ورئيسها تشيفيرين في واد آخر، أو في زمن آخر غير زمن الكورونا الذي يقتضي توافقا وتطابقا في الإجراءات والقرارات على اختلاف لوائح وقوانين الاتحادات المحلية.
صحيح أن الاتحاد الأوروبي يصر في كل تصريحاته على عودة الدوريات، وكان عرض مؤخرا عدة سيناريوهات عن تواريخ الاستئناف، حتى ولو امتدت الى شهر أغسطس/آب، لكنه الى الآن لم يتناول سيناريو التوقيف والالغاء، وما يترتب عنه من تداعيات فنية، خاصة ما يتعلق بتحديد البطل والأندية التي ستشارك في مسابقتي دوري الأبطال والدوري الأوروبي الموسم المقبل، وكذا الأندية التي ستهبط الى الدرجة الدنيا، والأندية التي ستصعد إلى دوري الدرجة الأولى. صحيح أن الاتحادات المحلية حرة ومستقلة في اتخاذ القرارات التي تناسبها في هكذا وضع استثنائي، لكن من دون الخروج عن القوانين العامة ولوائح الاتحاد الأوروبي والفيفا التي تنظم لعبة كرة القدم في العالم.
في بلجيكا ينتظر دراسة توصية اعلان كلوب بروج بطلا من طرف الاتحاد في منتصف أبريل/نيسان بدون الأخذ بعين الاعتبار تحذيرات الاتحاد الأوروبي، لكن في انكلترا لم يتم التطرق الى هذا السيناريو تماما، بل تم بداية هذا الأسبوع دراسة احتمالات تواريخ استئناف الدوري، رغم أن لا أحد يشكك في أحقية ليفربول في التتويج، حيث تم اعتماد شهر يونيو/حزيران موعدا للاستئناف بالاتفاق مع الحكومة، حتى ولو بدون حضور الجماهير في المدرجات كإجراء وقائي. الملاحظون يعتبرون الإيقاف أو الاستئناف سابقاً لأوانه قبل منتصف شهر مايو/أيار رغم نوايا بعض الأندية في العودة الى التدريبات الجماعية مثلما حدث هذا الاسبوع في ألمانيا، على غرار البايرن وشالكه وفرانكفورت، في اشارة الى الاصرار الذي يطبع الأوروبيين على مبدأ الاستئناف.
التعليقات الساخرة على تصريحات رئيس الاتحاد الأوروبي راحت تعتبرها امتدادا لمضمون شعار النادي “لن نتركك تسير لوحدك” في اشارة الى ألكسندر تشيفرين الذي لا يريد أن يترك ليفربول يسير لوحده، بل سيرافقه بدوره الى غاية اعلانه بطلا لهذا الموسم، لكن هل تسمح لوائح الاتحاد الانكليزي بإعلان ذلك من دون استكمال الدوري؟ هل ستقبل الأندية التي تنافس على التواجد ضمن الأربعة الأوائل التي ستشارك في دوري الأبطال اعتماد الترتيب الحالي كمعيار، خاصة وأن عددهم كبير؟ هل يمكن فرض تطبيق قاعدة عامة على كل الدوريات الأوروبية؟
أغلب الظن أن تشيفيرين أراد أن يؤكد تمسكه وثقته في استئناف الدوريات، لذلك قال أن ليفربول سيكون بطلا لإنكلترا مهما كان مصير الدوري، وربما أراد التأكيد على أحقية الريدز في التتويج بحكم الفارق الذي يفصله عن الملاحق، لكن كيف نفسر التحذيرات التي أطلقها تجاه الرابطة البلجيكية؟ و ما هو مصير الدوريات في ايطاليا واسبانيا وألمانيا؟ أما السؤال الرئيسي الكبير الذي يطرحه الجميع على الجميع فهو: متى سيزول الوباء وتعود الحياة؟
حفيظ دراجي
القدس العربي 9 أبريل 2020