سقوط البرسا والريال نهاية هذا الأسبوع في ربع نهائي مسابقة كأس الملك أمام أثليتك بلباو وريال سوسييداد، صنع الحدث في وسائل الإعلام الإسبانية والعالمية وفي وسائط التواصل الاجتماعي، التي تناقلت أسباب ونتائج الصدمة الكبيرة والمفاجئة غير المتوقعة وتداعياتها على بقية مشوار الفريقين هذا الموسم في سباق الدوري ومنافسة دوري الأبطال، رغم خصوصية مسابقة الكأس التي يُميّزها عنصر المفاجأة في العالم وفي إسبانيا حيث أخرجت هذا الموسم أتلتيكو وفالانسيا وفياريال وسيلتا فيغو من قبل، وابتسمت لغرناطة وريال سوسييداد وأثلتيك بلباو ونادي ميرنديس الذي ينشط في الدرجة الثانية.
خروج الريال على ميدانه بالأربعة أمام ريال سوسييداد شكّل أكبر مفاجأة ضربت رائد ترتيب الليغا في أحسن مستواه، رغم الروح العالية التي لعب بها مباراته، ورغم عودته إلى أفضل أحواله منذ عودة زيدان التي رافقها تحسّنٌ كبير في الأداء والنتائج على مدى اثنتين وعشرين جولة، لم يتلق فيها دفاعه سوى ثلاثة عشر هدفاً، وخرج بشباك نظيفة في اثنتي عشرة مباراة وهو أفضل رقم له عبر تاريخه في الدوري بسبب المنظومة الدفاعية القوية والمنسجمة التي صنعها زيدان بنفس المدافعين الذين كان يلعب بهم النادي منذ سنوات، وبعد بداية صعبة في دوري هذا الموسم تجاوز اثرها النادي كلّ الأخطاء الدفاعية الفردية التي كانت ترتكب سابقاً.
الصلابة الدفاعية للريال بقيادة الحارس العائد إلى مستواه تيبو كورتوا، والضغط العالي الذي صار يفرضه على الخصوم والنفس الجديد الذي منحه الأوروغوياني فالفيردي للخط الأمامي الذي لم يعد يتأثر بغيابات توني كروس تارة ولوكا مودريش تارة أخرى في ظل تحسن أداء البرازيلي كاسيميرو.
أما الشراسة الدفاعية والهجومية، فقد صارت عاملاً مهماً في منظومة لعب النادي الذي تمكن من تحقيق انتصارات مهمة هذا الموسم من دون عدد كبير من لاعبيه الأساسيين مثلما فعل في كأس السوبر الإسباني، وتمكن من التسجيل من وضعيات مختلفة بمساهمة عدد كبير من اللاعبين جعلته يصل أمام أتلتيكو إلى المباراة العشرين من دون هزيمة في الدوري قبل أن يسقط في كأس الملك على ميدانه.
أما خروج البرسا من مسابقة كأس الملك فقد كان أكثر مرارة، وقد يكون له انعكاسات سلبية على نتائج النادي الذي أقال مدربه فالفيردي ولم يقدر على تعويض غياب سواريز بداعي الإصابة إضافة إلى انتهاء موسم دمبلي قبل الأوان وكذا إصابة جيرارد بيكي أمام بلباو التي ستبعده عن فريقه لأسابيع، من دون أن ننسى خسارته أمام فالانسيا في الدوري إذ تراجع على إثرها إلى المركز الثاني، إضافة إلى المتاعب التي خلّفها الجدل الذي حدث بين ميسي وأبيدال الأسبوع الماضي وفتح الباب على مصراعيه أمام إشاعات تتحدث عن عزم النجم الأرجنتيني الرحيل عن البيت الكتالوني نهاية الموسم إذا خسر الدوري وخرج مبكراً من مسابقة دوري الأبطال، ما يُشكل مفترق طرق في مسيرة أحد أفضل أندية العالم خلال العقدين الماضيين.
يبدو أن مصائب البرسا لن تقتصر على الخروج من كأس الملك بل ستتعداها إلى إضاعة لقب الدوري والخروج من دوري الأبطال وتضييع ميسي والدخول في أزمة كبيرة يُرجعها البعض إلى أسباب إدارية أكثر مما هي فنية خاصة مع انتدابات فاشلة لكوتينيو وديمبلي، والفشل في حماية المدرب السابق فالفردي الذي لم يفض رحيله إلى تحسّن الأداء والنتائج مع مجيء كيكي سيتين في ظروف صعبة للغاية تتميز بقوة الريال وصعوبة الظفر بلقب دوري الأبطال هذا الموسم أمام الغول ليفربول.
الإقصاء المرّ للريال والبرسا من ربع نهائي كأس الملك على يد الفريقين الباسكيين بلباو وسوسييداد خفف من حدّة الغضب في الأوساط الجماهيرية للفريقين، خفف من حدّة الشماتة والتشفي التي كانت تُميّز العلاقات بين عشاق الفريقين في موسم يبدو أن الغضب فيه سيبلغ ذروته بعد أسابيع ويترك أثاراً كبيرة على الناديين الأكثر جماهيرية في العالم، فمن سيسقط مجدداً؟ ومن الذي سيفرح أو يحزن أكثر من الآخر؟
حفيظ دراجي
العربي الجديد 7 يناير 2020