يبدو أن ليفربول يتوجه نحو تحطيم كل الأرقام بمناسبة اقترابه من التتويج بلقب الدوري لأول مرة منذ ثلاثة عقود في موسم استثنائي بدون هزيمة وبفارق كبيرعن ملاحقيه ليصبح سادس فريق عبر التاريخ يفوز باللقب بدون هزيمة بعد الريال في بداية القرن الماضي وميلان فابيو كابيلو وأياكس لويس فان غال وأرسنال أرسن فينغر وأخرهم يوفنتوس أنطونيو كونتي لينضم اليهم الألماني يورغن كلوب مؤكدا سطوته وقوته التي سمحت له بالتتويج بلقب دوري أبطال أوربي وكاس العالم للأندية ثم التوجه في طريق مفتوح نحو التتويج بلقب الدوري الانكليزي الممتاز بأفضل خط دفاع وثاني أفضل خط هجوم بلغ الستين هدفا بقيادة ثلاثي الرعب المشكل من صلاح فيرمينو وساديو ماني الذين سجلوا أكثر من نصف أهداف الفريق لحد الأن (33 هدفا).
قطار ليفربول لم يتوقف في أي محطة هذا الموسم بعد خمس وعشرين جولة، تعادل في واحدة فقط ليعمق الفارق إلى اثنتين وعشرين نقطة عن حامل لقب الموسم الماضي المان سيتي قبل ثلاث عشرة جولة عن النهاية في مشوار مثالي ومنحنى تصاعدي يوحي بان النادي قادم من كوكب أخر غير كوكب الأرض جعل عشاق الريدز يعيشون كل أسبوع أجواء فرحة التتويج وليس مجرد فرحة الفوز بالمباريات التي صارت تحصيل حاصل استسلمت له كل الأندية، ما جعل مورينيو يكشف بعد فوز ناديه على السيتي الاسبوع الماضي بانه كان يتوقع تتويج المارد الأحمر منذ مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما كان محللا مع شبكة سكاي بسبب قوة النادي وتراجع مستوى منافسيه، وصعوبة تتويج السيتي باللقب للمرة الثالثة على التوالي رغم قوته هو أيضا.
بيب غوارديولا من جهته استسلم للأمر الواقع حتى قبل أن يخسر من توتنهام الأسبوع الماضي بثنائية، ليس بسبب تراجع نتائج فريقه فقط بل بسبب قوة ليفربول الذي صار يحتاج للفوز في ست مباريات ليتوج باللقب رسميا والفوز بأحدى عشرة مباراة ليحطم رقم أرسنال في عدد المباريات المتتالية من دون خسارة (49)، ثم انهاء الموسم من دون خسارة مثلما فعل أرسنال سنة 2004 ، وهي المأمورية التي تبدو في المتناول رغم مواجهته المرتقبة مطلع شهر أبريل/نيسان في ملعب الاتحاد أمام السيتي ثم بعدها مواجهة أرسنال شهر مايو/أيار المقبل أملا في منعه من تحطيم رقمه في عدد الانتصارات المتتالية.
عندما يعترف مورينيو ويستسلم غوارديولا للأمر الواقع فهذا يعني بأن ليفربول كلوب ليس له حل هذا الموسم بسبب دهاء كلوب بالدرجة الأولى، وجودة خطوطه الثلاثة التي تضم أفضل حارس وافضل مدافعي العالم، وكذا أفضل ثلاثي خط هجوم، اضافة الى أفضل روح وأقوى نسق وريتم بين كل أندية الدوري ليبقى الأمل الوحيد في الاطاحة به هو منافستا دوري الأبطال و كاس انكلترا التي تخطى فيها الدور الرابع رغم اشراكه الثلاثاء الماضي للفريق الثاني أقل من 23 سنة حتى يستفيد الفريق الأول من أيام راحة قبل مواجهة أتليتيكو مدريد في ثمن نهائي دوري الأبطال.
البعض يعتقد بان ليفربول قتل المنافسة في الدوري الانكليزي لهذا الموسم بتعميقه الفارق إلى اثنين وعشرين نقطة، لكن منافسة ليفربول لذاته ومحافظته على تركيزه ومستواه تبقى أكبر تحد يواجهه في الأسابيع المقبلة، كما أن المنافسة في الدوري الأقوى في العالم لا تقتصر على التتويج بالدوري بل تتعداه الى المراكز الأربعة الأولى، والمنافسة على الاطاحة بالرائد والبطل قبل الأوان لأن في ذلك دلالة كبرى لمن يستطيع فعل ذلك أمام فريق لا يرحم كبيرا ولا صغيرا، لا يستصغر أي فريق، ويلعب بنفس الروح والاصرار وكان كل مبارياته نهائية .
ما يفعله ليفربول في دوري هذا الموسم يبقى في التاريخ، يدرس في معاهد كرة القدم ويدون بأحرف من ذهب بكل تفاصيله وجزئياته وأرقامه، واذا تمكن من الوصول للمرة الثالثة على التوالي الى نهائي دوري أبطال أوربا فسيكون تحصيل حاصل للأقوى، يحققه أول فريق انكليزي عبر التاريخ، لن يتوقف عنده النادي في وجود كلوب ونجومه الذين ينوي الألماني تدعيمهم بالدولي الفرنسي مبابي أو الانكليزي جادون سانشو المتألق في دورتموند، اضافة الى انتداب الياباني مينامينو والنجم الصاعد لبرينتفورد الانكليزي جو هاردي، ليبقى أقوى بكثير ويستمر في سيطرته وهيمنته على أكبر عدد ممكن من البطولات لفترة أطول بعد غياب عن عرش انكلترا دام ثلاثة عقود .
حفيظ دراجي
القدس العربي 6 فبراير 2020