hafid derradji

بلماضي يدافع ويهاجم!

الخرجة الإعلامية الأولى لمدرب المنتخب الجزائري جمال بلماضي منذ التتويج باللقب الافريقي، صنعت الحدث في وسائل الاعلام الجزائرية والعالمية ومواقع التواصل الاجتماعي عندما دافع عن لاعبيه وخياراته، وهاجم منتقديه من المحللين قبل البطولة، خاصة أولئك الذين وصفهم بممارسة الاجرام في حق لاعبيه قبل البطولة، وراح يتهكم عليهم ويدعوهم الى طلب الاعتذار من اللاعبين الذين أساؤوا إليهم وحرضوا الشعب ضدهم في حالة اخفاقهم في التتويج في بعض المنابر الاعلامية. بلماضي بدى خلال الندوة الصحفية التي عقدها البارحة متأثرا بأثر رجعي، بعدما تجنب طويلا الرد على الاستفزازات قبل البطولة وانتقادات بعض المحللين لخياراته قبل وأثناء نهائيات كأس أمم افريقيا خاصة عندما اعتمد على مبولحي وماندي وقديورة وسليماني وفيغولي وابراهيمي، والذين كانوا في أفضل مستوياتهم في القاهرة.


بلماضي لم يتوقف عند حد التهكم على بعض المحللين، بل أبدى في ندوته الصحفية امتعاضه من اقصاء رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم من حفل التكريم، الذي حظي به أعضاء المنتخب من رئيس الدولة في اليوم التالي للتتويج، في سابقة اعتبرها فريدة وغير مفهومة، وأبدى انزعاجه من كل الاشاعات التي تحدثت عن رحيله بعد التتويج وسوء تفاهم بينه وبين رئيس الاتحاد، رغم أنه لم يفند عدم رضاه على ممارسات بعض المحيطين بالمنتخب الذين طالب رحيلهم، وهذا من حقه بعد مرور سنة منذ بداية اشرافه على المنتخب، كما أبدى جمال بلماضي استغرابه من عدم تمكن الاتحاد من إيجاد منافسين لمواجهتهم وديا هذا الأسبوع، سوى منتخب بنين، رغم أن الجزائر هي حاملة اللقب القاري والكل يأمل في مواجهتها.


في أغلب الأسئلة التي طرحت عليه كان جمال بلماضي يعود عن قصد ومن دون وعي أحيانا لانتقاد بعض المحللين والتهكم وعليهم ودعوتهم للنزول الى الميدان لتطبيق أفكارهم وخططهم، وتسويق فلسفتهم في الاختيار والتدريب، مستعملا أحيانا مصطلحات قاسية مثل «التخلف والاجرام والحقد والنفاق» وحتى الجهل بشؤون الكرة الحديثة لأعداء النجاح الذين يحملون، في تقديره، حقدا تجاه الجيل الحالي من اللاعبين، ودعاهم الى الاختفاء عن المشهد كلية وتركه يعمل مع المنتخب الذي حقق ما عجز عنه أشباه المحللين على حد وصفه، والذين مارسوا كل أشكال قلة الأدب والاهانة تجاه لاعبين بدون أدنى اعتبار لأخلاقيات التحليل التلفزيوني التي تقتضي الكفاءة والجدارة والاحترام تجاه اللاعبين وخيارات المدربين.


تصريحات جمال بلماضي لقيت استحسانا جماهيريا في الكثير من وسائل الاعلام وشبكات التواصل، التي عادت لتعبر عن اعتزازها بمنتخب بلادها وبلاعبيها الذين يصنعون أمجاد الأندية التي يلعبون لها، ومنهم من تمكن من الانضمام لأندية أوروبية كبيرة وأخرى محترمة، على غرار الثلاثي عطال وبوداوي وأدم وناس في نيس، وبن سبعيني في بروسيا مونشنغلادباخ، وبن ناصر في ميلان وسليماني الذي انضم الى موناكو بقوة مسجلا ثلاثة أهداف في مباراتين، بدون اغفال ما يفعله محرز في السيتي وفرحات في نيم وفيغولي في غلطة سراي التركي، ما سيعود بالنفع على المنتخب ويشعل المنافسة بين اللاعبين، لأن الحفاظ على التاج والتأهل الى مونديال قطر 2022 سيكونان بمثابة التحدي الكبير لأشبال جمال بلماضي خلال السنتين المقبلتين.


أما وصف المحللين بمجرمي السمعي البصري، فقد كان في نظر البعض الآخر مبالغا فيه من طرف المدرب الوطني الذي كان عليه الاكتفاء بتثمين ما تحقق والدفاع عن خياراته ولاعبيه بدون الحاجة الى التهكم على الغير وفتح جبهات عداء ليس بحاجة اليها في هذا الظرف، خاصة وأن التحديات القادمة كبيرة وبلماضي يدرك أن المنتخب يحتاج لتصحيح الكثير من النقائص التي سجلها في المشاركة الأخيرة لنهائيات كأس أمم افريقيا للدفاع عن لقبه في الكاميرون والتأهل الى نهائيات كأس العالم في قطر.


بلماضي لم يكتف بالرد الفني فوق الميدان، بل فعلها أمام الميكروفونات والكاميرات، ولم يكتف بالرد على الانتقادات، بل ذهب الى درجة التهكم وانتهاج خطة هجومية ضد ما يطلق عليهم في الجزائر بالمحللين، فهل يفلح في أسلوبه مثلما نجح في الأسلوب الذي استعمله للتتويج باللقب القاري في القاهرة بشكل مبهر، لا يمكن التشكيك فيه ولا التقليل من قيمته في ظروف صعبة تعيشها الجزائر؟ وهل يفلح في حماية لاعبيه الذين تعرضوا منذ مونديال البرازيل لكل أشكال التهديم والتشكيك بشكل تجاوز اللعبة ليصل الى درجة الإهانة والتحريض والتخوين للاعبين المغتربين، والى درجة اعتبار رياض محرز لاعبا عاديا طالب البعض بالاستغناء عن خدماته عوض تشجيعه ومساندته؟

حفيظ دراجي

القدس العربي 6 سبتمبر 2019

حفيظ دراجي

حفيظ دراجي : اعلامي جزائري، مذيع ومعلق في قنوات bein sports منذ 2008 كاتب صحفي في عديد المواقع والصحف، وقبلها مذيع ومعلق في التلفزيون الجزائري بين 1988 و 2008 ، تقلد مناصب مدير القسم الرياضين مدير الأخبار ونائب للمدير العام

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل