غياب رونالدو عن حفل تسليم جائزة أفضل لاعب أوروبي لموسم 2017/2018 خطف الأضواء من المتوج لوكا مودريش وصنع الحدث في وسائل الاعلام الأوروبية والعالمية باعتباره كان مرشحا للتتويج بالجائزة برفقة المصري محمد صلاح ومودريتش، لكن يوفنتوس أخبر الاتحاد الأوروبي بغيابه قبل ساعتين عن موعد الحفل في سابقة هي الأولى من نوعها منذ تأسيس الجائزة سنة 2011، التي توج بها رونالدو ثلاث مرات وكان دائما ضمن قائمة الثلاثة المرشحين على مدى ثماني سنوات ولم يسبق له أو لغيره الغياب عن الحفل حتى عندما كان يأتي ثانيا أو ثالثا في التصويت!
رونالدو نال المركز الثاني هذه المرة وتوج بجائزتي أفضل مهاجم وصاحب أفضل هدف في دوري الأبطال، لكنه تغيب بدون تبرير، ما أفقد الحفل نكهته، ولم يصدر منه أي تصريح أو تفسير رسمي لغيابه عن الحفل، لكن أغلب التحاليل أجمعت على أن رونالدو علم بنتيجة الاختيار مسبقا لذلك رفض الحضور تعبيرا عن احتجاجه وعدم رضاه وشعوره بالظلم، كما لمح وكيل أعماله البرتغالي جورج مينديز، الذي لم يرق له تتويج مودريتش واعتبره «مثيرا للسخرية» على حد وصفه. مينديز قال أيضا أن رونالدو يستحق التتويج لأنه كان صاحب خمسة عشر هدفا في دوري الأبطال، وأشار الى أن «ريال مدريد تخلى عن رونالدو مثلما تخلى عنه من كانوا يصوتون له في المواسم الماضية من مدربين وصحافيين».
بغض النظر عن استحقاق مودريتش أو رونالدو للجائزة فان كلام مينديز يعبر عن وجهة نظر ومشاعر رونالدو، وفيه الكثير من المبالغة لأن التصويت تم من خلال 55 صحفيا و80 مدربا وليس من طرف فلورنتينو بيريز أو جماهير الريال الغاضبة على رونالدو، وكان على رونالدو تقبل النتيجة وحضور الحفل، خاصة وأن زميله السابق في الريال مودريتش ساهم بدوره بقسط كبير في تتويج الملكي بدوري الأبطال وكان لتألقه في مونديال روسيا تأثير كبير على المشاركين في عملية الاختيار.
فلورنتينو بيريز وجماهير الريال من جهتهم كانوا سعداء بتتويج مودريتش، وبالغوا في التعبير عن فرحتهم عند استعراض نجمهم الجديد لجائزتي أفضل لاعب في أوروبا وأفضل وسط في «سانتياغو برنابيو» قبيل انطلاق مواجهة الريال ضد ألافيس في الدوري، فصفقوا له طويلا وهتفوا باسمه نكاية في رونالدو الذي يبدو أنه بدأ يدفع ثمن مغادرته الريال بالطريقة المفاجئة التي حدثت بها.
شعبية رونالدو تأثرت ليس فقط في أوساط جماهير الريال، لأن ذلك كان متوقعا منذ قرر المغادرة، بل لدى كل عشاقه في العالم الذين استنكروا تصرف كريستيانو وعدم تحليه بالروح الرياضية، خاصة وأن الاختيارات في مثل هذه الاستفتاءات تطغى عليها النسبية والذاتية وتحكمها قواعد واعتبارات فنية وتقنية يعرفها رونالدو جيدا، خاصة عندما يلمح وكيل أعماله الى نفوذ فلورنتينو بيريز والريال ومدى تأثيرهما على عملية التصويت، ما يعني أن الجوائز السابقة التي نالها رونالدو كان لرئيسه وفريقه السابقين دور كبير في حصوله عليها!
مهما كان الحال فإن تصويت الصحافيين والمدربين لمودريتش كان قريبا الى المنطق، ولم يفاجئ المتتبعين بقدر صدمتهم من غياب رونالدو عن الحفل احتجاجا على الاختيار، ما أفقد النجم البرتغالي الكثير من بريق نجوميته بعدما تعرض لانتقادات كثيرة في مختلف وسائل الاعلام، بما فيها الإيطالية التي ذهبت الى حد الحديث عن تأثيرات ذلك على معنويات رونالدو، ما انعكس سلبا على أدائه مع اليوفي وقد تنعكس أيضا بالسلب على خيارات المختصين في اختيار المتوج بلقب أفضل لاعب في العالم.
القيل والقال سيتواصلان خلال الأيام المقبلة والأسئلة ستتكرر بمناسبة حفل الفيفا لاختيار أفضل لاعب في العالم المقرر في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، بعدما تم الإعلان منذ يومين عن ترشيح الثلاثي نفسه رونالدو برفقة محمد صلاح ولوكا مودريتش للتتويج بالجائزة. مودريتش سيكون الأوفر حظا للتتويج بالجائزة العالمية بالنظر لتألقه مع كرواتيا في نهائيات كأس العالم في روسيا وتتويجه مع الريال بدوري الأبطال وكذا بجائزة أفضل لاعب أوروبي.
رونالدو من جهته يدرك مسبقا بأنه لن يتوج بالجائزة، لكن لا أحد يعلم ان كان سيحضر أم سيغيب عن الحفل، ليصنع حدثا آخر فريدا على مستوى الفيفا، ويفتح المجال أمام كل التفسيرات والتحليلات التي ستذهب الى القول بأن رونالدو يدفع ثمن مغادرته للريال وثمن نرجسيته وغروره وأنانيته، وكذا اعتقاده أنه لن يتزحزح عن عرشه بمغادرته للريال وانتقاله الى اليوفي، رغم علمه أن الكرة مستديرة شكلا وحالا ولا تبقى على وجه واحد.
حفيظ دراجي
نشر في القدس العربي بتاريخ 6 سبتمبر 2018