hafid derradji

عندما قررت التوقف عن الكتابة في موقع “كل شيئ عن الجزائر”

ترجمة أخر مقال منشور على موقع كل شيئ عن الجزائر tsa في 21 مارس 2016

قررتُ التوقف عن الكتابة!
J’ai décidé d’arrêter d’ecrire !

قررت أن أتوقف عن الكتابة ….قررت أن أتوقف عن التنفس …وقررت للأسف الشديد أن أضع نقطة إلى السطر، هذا الاعتراف غير موجه لأي كان سوى لقرائي الأعزاء الذين أملك نحوهم واجب الاعتذار وواجب الشرح.

كنت قادرا على الانسحاب مثلما ينسحب غيري دون مقدمات ولا حتى توضيحات، لكن احترامي لقرائي جميعهم دون استثناء، الذين يحبونني والذين لا، الذين يقرؤنني في السر والذين يقرؤنني في العلن، الذين يوافقوني في الرأي والذين يعارضوني…كلكم عذرا سأتوقف، لكن ليس خوفا ولا قهرا..

أبدا أنا لست جبانا، أنا حفيظ دراجي ابن وطن اسمه الجزائر وابن أمي التي قلبت كياني بمكالمة هاتفية قصيرة في صباح يوم الثلاثاء 15 مارس 2016 التي كانت بمثابة صدمة كبيرة في حياتي، وكانت ذلك السيف الذي قسمني إلى نصفين، أمرتني بأن أتوقف عن الحياة، عفوا عن الكتابة، أمرت ولم تمنح لي فرصة الرد ولو بكلمة واحدة وبعدها أغلقت الهاتف في وجهي ورفضت بعدها الرد على كل اتصالاتي!

المكالمة الهاتفية قلبت كياني فجأة ودفعتني لاتخاذ قرار التوقف عن الكتابة في “شؤون بلدي” استجابة لرغبتها واحتراما لأوامرها رغم أنها لا تقرأ ولا تكتب، وكنت دائما أخفي عليها آلامي ومعاناتي، إلا أنها بدت منزعجة جدا مما قيل لها اعتقادا منها بأنني أكتب ضد بلدي وضد رموز وطني رغم إدراكها بأنني صحفي ومن حقي أن أكتب وأعبر عن وجهة نظري، ومن واجبي أن أقاوم هؤلاء الذين اختطفوا الوطن وأهانوا الشعب وأساؤوا للرجال والمؤسسات.

قررت الاستجابة لأوامرها وحدها دون غيرها من “الأصدقاء” و”الاعداء” الذين كانوا يدعونني للتوقف عن الكتابة منذ مدة، قناعة منهم بأن ذلك سينعكس على حياتي، قررت التوقف استجابة لها وليس لرغبة بعض المسؤولين الذين اعتبروا كتاباتي تحريضية وتدخل ضمن “أعمال التخريب” وكانوا يطلبون مني التوقف كل مرة بحجة أن الجزائر في خطر!

بعد تفكير عميق أقنعت نفسي بالتوقف عن “الكتابة في شؤون بلدي” ليس هروبا من مسؤولياتي المهنية والأخلاقية، ولست جبانا أفكر بساقي وقت الضرورة الملحة، علما أني لاعب كرة سابق وحياتي كلها مرتبطة بالدفاع والهجوم، ولكن خوفا على أمي التي هي جزء من هذا الوطن، وخوفا على الوطن الذي يمر بأصعب المراحل في تاريخه بسبب عناد محيط الرئيس الذي يريد البقاء في السلطة حتى ولو أفلست أو احترقت الجزائر.

هو ليس استسلامًا وليس تهربًا من مسؤولياتي الأخلاقية والمهنية، بل بالعكس هو استجابة لرغبة الوالدة التي قالوا لها إن ابنك صار عاقا للوطن ومعارضا للجزائر، وهو التزام جديد بتحمل مزيد من الألم والحسرة على ما يحدث للوطن، ودليل على أنني لا أريد أن أكون سببا في مزيد من التذمر، ولا طرفا في صراع بين جماعات لا يهمها سوى البقاء في السلطة، أو الاستحواذ عليها بكل الطرق على حساب الشعب!

أدرك بأن اتخاذ مثل هذا القرار سيفاجئ الكثير من القراء الذين يقاسمونني الأفكار نفسها، وأدرك بأن القرار ذاته سيسعد كثيرين لأنهم سيتخلصون من قلم حر لم يرضخ للمساومات والتهديدات ولم يقبل كل الإغراءات. لكل هؤلاء وأولئك أقول بأنكم لن تقدروا على التخلص من الشعب الجزائري الحر الذي سيعرف كيف يجنب وطنه محنًا أخرى نحن في غنى عنها، وسيعرف كيف يتخلص من المغامرين بطريقة سلمية وحضارية وديموقراطية!

أدرك أيضا بأن توقفي عن الكتابة قد لا يضيف ولا ينقص شيئا في الساحة الإعلامية الجزائرية التي لايزال فيها الكثير من الرجال، لكن استمرار الجماعة في استفزاز الشعب ومحاصرة الأحرار سيكون له وقع كبير؛ لذلك أجد نفسي مضطرا للتوقف رغم إيماني ويقيني بأن مقاومة منظومة الفساد هي واجب على كل واحد منا، والتفاعل مع شؤون الوطن واجب كل مواطن حر أينما كان في ظل الاستفزاز والابتزاز الذي يتعرض له الشعب من طرف أولئك الذين جعلوا من الجزائر مسخرة وأضحوكة بين الأمم

أرجو المعذرة من والدتي وكل أفراد أسرتي الكبيرة والصغيرة، ومن كل المقربين الذين تسببت كتاباتي في الإساءة إليهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما أرجومن المشرفين على موقع كل شيء عن الجزائر و ممن يعرفونني شخصيا وكل القراء المحترمين أن يحترموا قراري الذي اتخذته مرغما بعدما دفعت ثمنا غاليا طيلة سنوات مضت، لكنني أعدهم بأن لا أنخرط في منظومة الفساد الحالية ولن أساندها، وأبقى دائما وفيا لمواقفي ومبادئي التي لن أتخلى عنها مهما كلفني ذلك حتى ولو كان الثمن حياتي!

أخر مقال نشرته في موقع “كل شيئ عن الجزائر” بتاريخ 21 مارس 2016

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل