على بعد بضعة أيام من نهائي دوري أبطال أوروبا الذي يجمعه بباريس سان جيرمان السبت المقبل، تزايد حجم التخوف في الأوساط الإعلامية والجماهيرية والفنية في إيطاليا خاصة بعد إخفاق الانتر في الحفاظ على لقبه لصالح نابولي في الجولة الأخيرة من عمر الدوري، في وقت ارتفعت المعنويات لدى المنافس الفرنسي الذي أضاف السبت الماضي كأس فرنسا الى لقب الدوري الذي أحرزه بسهولة، ما يرجح كفته للظفر بدوري الأبطال لأول مرة في تاريخ النادي مثلما فعل مارسيليا قبل 32 عاما أمام الجار الميلان في نفس المدينة ميونيخ التي كانت تفرز بطلا جديدا كلما احتضنت النهائي منذ نوتنغهام فوريست عام 1979 الى مارسيليا سنة 1993 ثم دورتموند في 1997، وأخيرا تشلسي في 2012.
صحيح أن الانتر أحدث مفاجأة كبيرة عندما بلغ النهائي بعد أن أطاح بالبارسا في نصف النهائي بشكل درامي بعد الوقت الاضافي، لكن خروجه من نصف نهائي كأس إيطاليا أمام الجار الميلان قبل شهر، وتضييعه لقب الدوري لصالح نابولي في الجولة قبل الأخيرة عندما فرض عليه لاتسيو التعادل في الثواني الأخيرة، سيكون له تأثير معنوي كبير يزيد من حجم الشكوك في قدرة الفريق على استعادة ثقته ولياقته في ظرف وجيز، وبالتالي تكرار نفس سيناريو الإخفاق الذي حدث قبل سنتين أمام السيتي عندما خسر نهائي دوري الأبطال رغم كل مقوماته وقدراته الفنية التي مكنته من بلوغ النهائي بجدارة والتواجد في مدينة ميونيخ التي كانت تمنح لأوروبا بطلا جديدا كلما احتضنت نهائي دوري الأبطال خلال أربع نسخ سابقة.
مدرب الانتر سيموني إنزاغي تهرب من الحديث لوسائل الإعلام عقب ضياع لقب الدوري بعد المباراة الأخيرة التي فاز بها على كومو بثنائية، في وقت فاز نابولي بدوره على كالياري بنفس النتيجة، وسط خيبة أمل كبيرة وإحباط كبير يصعب تجاوزه في ظرف وجيز، ينذر بخسارة كل شيء هذا الموسم إلا إذا أخرج الإيطاليون تلك الروح التي يتحلون بها في المواعيد الكبرى، وكان الفرنسيون في أسوأ أحوالهم يوم اللقاء لسبب أو لآخر لأن كل التوقعات صارت ترشح باريس سان جيرمان للاستثمار في فرصة لا تعوض وتحقيق الثلاثية التاريخية بجيل جديد يملك كل المؤهلات للفوز بدوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه وتكرار ما فعله مارسيليا سنة 1993 في مدينة ميونيخ أيضا.
البي اس جي الذي كاد يخرج من دوري المجموعة، أطاح بثلاثي انكلترا ليفربول وأستون فيلا ثم أرسنال في الأدوار الاقصائية، في وقت خرج من المسابقة تباعا كبار القوم ريال مدريد والسيتي وليفربول وبرشلونة والبايرن الذي حرمه من التتويج سنة 2020 عندما بلغ النهائي أول مرة في تاريخه، لكن مجيء المدرب الاسباني لويس أنريكي، واعتماده على المواهب الصاعدة بقيادة المخضرم عثمان ديمبيلي سمح له بتكوين تنافسي ممتع يلعب كرة جميلة بدون عقدة أو مركب نقص، وبدون النجوم الكبار والأسماء الرنانة التي كان يعتمد عليها لسنوات، ما يؤهله للاستثمار في الظروف المعنوية الصعبة للفريق الايطالي، لأول مرة في نهائي يجمع بين فريقين من خارج اسبانيا وانكلترا وألمانيا منذ 2004، وفي أول مواجهة رسمية تجمعه بالفريق الإيطالي الانتر.
سيكون من الصعب على البي اس جي تضييع الفرصة مثلما حدث له سنة 2020 ضد البايرن، ويكون من الصعب على الانتر تضييع اللقب للمرة الثانية في ظرف ثلاثة مواسم، وفي نفس الوقت تدارك ما فاته في نهاية هذا الموسم عندما خرج من نصف نهائي كأس إيطاليا وضيع لقب السكوديتو في الجولتين الأخيرتين من عمر الدوري، لكن مع ذلك يبقى الأمل قائما في إنقاذ الموسم وتحقيق اللقب الرابع من نوعه، وبالتالي تجنب الفشل في تحقيق دوري الأبطال لرابع مرة في آخر خمسة نهائيات، وتجاوز النحس الذي يطارده، فهل يسمح له باريس سان جيرمان بذلك، ويفوت بدوره فرصة قد لا تعوض في القريب العاجل؟
حفيظ دراجي
القدس العربي 28 مايو 2025