إلى وقت قريب كان كثير من المتتبعين يتوقعون رحيل محمد صلاح عن ليفربول إلى السعودية أو باريس بعد نهاية عقده هذا الصيف، لكن حدث ما كان يريده اللاعب والنادي وجماهيره، وأُعلِنَ رسمياً تجديد النجم المصري عقده لموسمين إضافيين، وأغلق بذلك الباب أمام الهلال السعودي الذي عرض عليه أموالاً طائلة، وباريس سان جيرمان الذي تواصل معه مراراً حتى يضمن خدماته، لكن صلاح فضل المشروع الرياضي والاستقرار ومواصلة المغامرة مع “الريدز” لموسمين إضافيين، ما أثار العديد من التساؤلات حول دوافع التجديد بعد ثماني سنوات قضاها في الفريق الذي فاز معه بكل البطولات، ورغم العروض المغرية التي وصلته.
في الحادي عشر مارس الماضي عندما خرج ليفربول أمام باريس سان جيرمان في ثمن نهائي دوري الأبطال ساد الاعتقاد أنها آخر مباراة أوروبية لمحمد صلاح مع ليفربول، الذي خسر بعدها نهائي كأس الرابطة، لكنه يتوجه نحو تحقيق اللقب الأغلى والأكبر، والبحث عن المزيد بعد تجديد عقده مع أحد أكبر أندية العالم مقابل راتب أسبوعي قدره 400 ألف جنيه إسترليني ليصبح صاحب أعلى راتب في الفريق، وأحد أعلى الرواتب في أوروبا، بعد أن اشتكى في نهاية السنة من عدم تلقيه عرضاً لتجديد عقده، ما زاد من حجم الضغوط على إدارة النادي التي سارعت إلى الدخول في مفاوضات مع صلاح، والمدافع فان دايك الذي ينتهي عقده الصيف القادم.
مسيرو ليفربول كانوا واثقين بالتجديد من دون أن تصدر منهم تصريحات رسمية رغم تقدم المفاوضات بين الطرفين خلال الساعات الماضية، بعدما تم الاتفاق على كل التفاصيل والشروط، ليضعوا حداً لكل التكهنات والشائعات التي أرسلته إلى السعودية بالخصوص، وباريس سان جيرمان بدرجة أقل، لكن يبدو أن اللاعب فضل المشروع الرياضي وأراد استكمال مسيرة كروية ناجحة، وتحقيق مزيد من الأرقام ودخول التاريخ بعد أن حصد ثمانية ألقاب مع الفريق، أبرزها دوري أبطال أوروبا والدوري الإنكليزي وكأس العالم للأندية، كما حقق أرقاماً قياسية فردية، إلى أن ارتقى للمركز الثالث في ترتيب قائمة الهدافين التاريخيين للنادي بـ 346 هدفاً في جميع المسابقات، والمركز الرابع في ترتيب الهدافين التاريخيين للدوري الإنكليزي، وهداف “البريمييرليغ” هذا الموسم بـ 27 هدفاً في 31 مباراة، وأفضل ممرر لحد الآن، ولا ينوي التوقف عند هذا الحد من البطولات والأرقام، ويسعى إلى المزيد، إذ فضل المستوى العالي للمشروع الرياضي على حساب الأموال الكثيرة التي عرضت عليه خاصة من دوري روشن، الذي ينوي إنهاء مشواره الكروي فيه بعد سنتين من الآن، مثلما يفعل زميلاه السابقان، فيرمينو وساني، وكما هو الحال مع رياض محرز ورونالدو وبنزيمة، وغيرهم من نجوم العالم الذين لم يصمدوا أمام العروض السعودية المغرية التي لم تقنع صلاح ولم تَثنه عن مواصلة واحدة من أنجح المسيرات الكروية للاعب عربي وأفريقي أصر على أن يكون استثنائياً حتى في قراره بتجديد العقد بدلاً من الرحيل.
بعيدا عن الملاعب
البارحة الجمعة أُعلِنَ رسمياً بقاء صلاح مع ليفربول، في انتظار زميله القائد فيرجيل فان دايك خلال الساعات القادمة، في وقت يتأكد فيه رحيل المدافع ألكسندر أرنولد إلى الريال. وعبّر صلاح عن حماسه وسعادته واستعداده لتحقيق مزيد من البطولات قائلاً: “عشت أفضل سنوات عمري هنا في ليفربول، لعبت ثماني سنوات، وآمل أن تصبح عشر سنوات، أستمتع خلالها بحياتي، وأستمتع بكرة القدم. أود أن أقول للجماهير إنني سعيد بوجودي معهم، وقّعت لأنني أؤمن أننا سنفوز ببطولات كبيرة معاً”.
كلام صلاح عن “السعادة في اللعب” يحمل في طياته كلّ الإجابات عن من يسأل لماذا قرر الاستمرار مع ليفربول لموسمين إضافيين، وفضل التمديد على الرحيل بقناعة ومن دون أن يتأثر بالعروض الخيالية التي تلقاها.
حفيظ دراجي
العربي الجديد 12 أبريل 2025