hafid derradji

أتمنى زيارة الجزائر قبل أن أموت !

سعدت نهاية الأسبوع بزيارة العاصمة البوسنية سراييفو وحضور الملتقى الدولي لكرة القدم الذي تم فيه تكريم المدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش من خلال عرض فيلم وثائقي يروي مشواره كلاعب ومدرب ترك بصمته أينما حل ، وكانت المناسبة بالنسبة إلى  فرصة للالتقاء مجددا بالرجل الذي صنع الجدل أينما حل، رغم قيادته أربع منتخبات الى نهائيات كأس العالم هي كوت ديفوار، الجزائر، اليابان والمغرب، وقاد المنتخب الجزائري الى الدور الثاني من كأس العالم 2014 بالبرازيل ، دخل إثرها تاريخ الكرة الجزائرية ، وأحبه الجزائريون بشكل كبير ما جعله يبادلهم نفس الشعور  ويتمنى زيارة الجزائر مجددا قبل أن يموت مثلما أكده لي أثناء لقائي به.

على هامش ملتقى سراييفو  التقيت المدرب وحيد حاليلوزيش وتحدثنا طويلا عن مشواره كلاعب ومدرب ، ومختلف تجاربه في أفريقيا وأوروبا وأسيا ، وعدنا سويا الى مشواره مع الخضر بين الفاتح يوليو 2011 و يونيو 2014 ، بمباراة بطولية في الدوري الثاني من مونديال البرازيل أمام ألمانيا التي فازت على الجزائر بعد الوقت الإضافي و توجت بعدها بكأس العالم بعد أن أخرجت البرازيل في نصف النهائي بسبعة أهداف مقابل واحد ، وهي الذكرى التي لا تزال في ذهن حاليلوزيتش الذي أكد لي أن صيام بعض اللاعبين الأساسيين أثر عليهم بدنيا، ولم يسمح لهم بالصمود في الوقت الاضافي ، وقد تركت لهم الحرية في الصوم من عدمه ..

حاليلوزيتش الذي أصر على حضوري الملتقى الكروي والاعلامي أراد أن يعبر عن تقديره للجزائر والجزائريين ، ومشاعره الصادقة تجاه بلد تعلق به ولا يريد الموت دون أن يعود لزيارته مثلما يتمنى، رغم رفضه للعرض الذي جاءه بعد رحيل جمال بلماضي، حيث أكد الرجل أن الاتحاد الجزائري تواصل معه لأجل قيادة الخضر مجددا لكنه تردد ، ثم رفض بلباقة إدراكا منه أن تدريب المنتخب الجزائري يحتاج طاقة لم تعد تتوفر لديه منذ تجربته الأخيرة مع المغرب، التي أثرت عليه كثيرا وجعلته يتردد في خوض تجربة أخرى مهما كانت طبيعتها، وحتى وان كانت من الجزائر .

على هامش حفل التكريم كان وحيد حاليلوزيتش يتباهي أمام ضيوفه بتجربته الجزائرية الفريدة على حد تعبيره والتي كانت في نظره أكثر من تجربة مدرب مع منتخب، بل علاقة قوية مع جماهير وفية لمنتخبها بشكل لم يراه من قبل ، أحبته لأنه كان بدوره جزائري الروح والقلب، متفهما لشغفهم وحبهم لبلدهم ، وهو الأمر الذي جعله يقدر غضبهم أكثر من فرحهم خاصة في بداية مشواره مع الخضر، والتي لم تكن سهلة عندما قرر الاستغناء عن بعض الكوادر التي كانت لها شعبية كبيرة في الأوساط الاعلامية والجماهيرية التي لم تهضم التغييرات التي أحدثها منذ التحاقه بالمنتخب الجزائري شهر جويلية 2011 الى غاية نهاية مونديال 2014.

فرصة اللقاء كانت مناسبة أيضا لاستعادة شريط محطات مهمة في مشوار حاليلوزيتش مع المنتخب الجزائري الذي لم يكن بإمكانه أن يستمر معه بعد مونديال البرازيل لأن عقده انتهى، ومنح كلمته لصديقه رئيس نادي ترابزون سبور التركي الذي التحق به بعد المونديال رغم إصرار رئيس الاتحادية السابق على تجديد عقده وتعلق الجماهير به وتعلقه بالجزائر التي كان يعيش فيها مفضلا الاقامة في مركز  تحضير المنتخبات الوطنية بسيدي موسى الذي كان بالنسبة إليه أحد أفضل المراكز في العالم ، مثلما كانت الجزائر احدى أجمل التجارب رغم صعوبتها على حد تعبيره بسبب الضغوطات الاعلامية والجماهيرية الناتجة عن تعلق الجزائريين ببلدهم.

حاليلوزيتش لا يزال يتابع أخبار الجزائر و مباريات الخضر الذي صار يملك فرديات لامعة حسب تقديره تسمح لأي مدرب بتحقيق نتائج طيبة اذا كان يملك تصورا ومشروعا ملائما، وشخصية قوية، ومشاعر صادقة تجاه شعب يحب وطنه، ويقدر من يقدره ويشعر به ، و يحترم مدرب يجتهد في عمله حتى ولو أخفق ، وهي الأمور التي جعلت البوسني يحن للجزائر ويتمنى زيارتها قبل أن يموت بعد أن بلغ من العمر 71 عاما، لكنه ما يزال يتمتع بصحة جيدة ورغبة في العودة الى مجال التدريب لكن ليس مع أي منتخب لأنه يفضل حلاوة الحياة مع أحفاده الأربعة بدلا من خوض تجربة مريرة دون مشاعر الحب والاحترام، وبلا طموحات وأهداف.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 22 سبتمبر 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل