hafid derradji

جزائري يستحق ميدالية الدهاء الأولمبي!

صنع المصارع الجزائري إدريس مسعود الحدث في أولمبياد باريس عندما تجنب مواجهة منافسه الإسرائيلي بوتيول في مسابقة الجودو بطريقة فنية ذكية.
وجاءت الحيلة حين تعمد مسعود فيها زيادة وزنه حتى يقصى مثلما تنص عليه لوائح وقوانين المنافسة، حيث اتضح أن وزنه تجاوز 73 كلغ بأكثر من 400 غرام، ما يسمح له نظريا بتجنب عقوبة الانسحاب التي تعرض لها مواطنه فتحي نورين قبل أربع سنوات قي أولمبياد طوكيو باقصائه مدة عشر سنوات من طرف اللجنة الأولمبية الدولية عندما رفض مواجهة مصارع إسرائيلي .
إدريس مسعود انسجم مع الموقف الجزائري الرسمي والشعبي بمقاطعة الرياضيين الإسرائيليين في المحافل الدولية، لكن هذه المرة بدهاء كبير، وذكاء خارق، يجنبه العقوبة، من دون أن يصرح بذلك علنا أو يعلن المقاطعة التي تمت ضمنيا وفعليا، وفتحت المجال لكل الرياضيين الذين يرغبون قي ذلك باستعمال نفس الحيلة، خاصة في مسابقات الرياضات الفردية، مثل المصارعة والملاكمة والجودو والكاراتيه التي تستند على الوزن في تصنيف المتنافسين، وهو الأمر الذي قد تتفطن له لجان التنظيم في حالة تكراره عند مواجهة نفس المنافسين .
إدريس مسعود البالغ من العمر 22 عاما، توج في مشواره بسبع ميداليات قارية وجمهوية وعربية وأفريقية ومتوسطية، وكان مرشحا للمنافسة على إحدى الميداليات بالنظر للمهارات والقدرات الفنية الكبيرة التي يتمتع بها، لكنه اكتفى بالفوز المعنوي وتسجيل موقف يحسب له ولبلده، من دون أن يقع في المحظور ويتعرض للعقوبة، فنال تقدير واحترام أبناء بلده والكثير من أحرار العالم الذين يؤيدون مقاطعة المحتل في كل المجالات، ولو تحايل وتلاعب بوزنه حتى يتم إقصاءه طبقا لقوانين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للجودو الذي يستبعد كل رياضي يفشل قي الحفاظ على وزنه المطلوب عند المراقبة الفنية .
بعض الملاحظين اعتبروا تصرف إدريس مسعود خاطئا لأنه يضيع عليه جهود سنوات، وكان عليه مواجهة المصارع الإسرائيلي والتفوق عليه، لكن أغلب الجزائريين في وسائل التواصل الاجتماعي اعتبروا التحايل ذكيا، ويشكل انتصارا معنويا للقيم والمبادئ والمواقف الثابتة لشعب لا يعترف بالكيان ولا يتردد في التضحية بجهده وما يملك دعما للقضايا الانسانية العادلة، لذلك يستحق التقدير والتكريم والتشجيع في نظر الكثيرين، خاصة في هذه الظروف التي تتواصل قيها الإبادة الجماعية في حق الشعب الفلسطيني الأبي.
بعض المواقف في الحياة بألف ميدالية، تفوق قيمتها الاعتبارية ذهب العالم كله، بما في ذلك الأولمبي والعالمي، لذلك يستحق الجزائري إدريس مسعود ميدالية الدهاء الأولمبي باعتماده حيلة استثنائية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الرياضة العالمية.

حفيظ دراجي

القدس العربي 31 يوليو

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل