hafid derradji

  متطلبات المرحلة الجديدة !

في ظل التحديات الداخلية المتزايدة التي تواجهها الجزائر في كل مجالات الحياة، والتحولات الاقليمية والدولية التي يشهدها العالم من حولنا، بات من الضروري تحصين جبهتنا الداخلية والالتفاف حول مشروع مجتمع توافقي حديث ومتجدد يأخذ بعين الاعتبار قدراتنا البشرية والطبيعية والمادية الكبيرة، و خصوصياتنا الفريدة التي تقتضي الاستثمار الأمثل في طاقاتنا الفكرية والاقتصادية والاجتماعية والتركيز عليها عوض تضييع الوقت والجهد في جزئيات وتفاصيل تعطل مسار التنمية، في زمن لا يرحم الفقير والضعيف ولا المعزول عن منظومة دولية لا تعترف سوى بالقوي الذي يتحالف مع القوي ليزداد قوة.
 
تداعيات الحرب على غزة، والحرب بين أوكرانيا وروسيا، والاضطرابات التي تشهدها منطقة الساحل من حولنا، والتجاذبات السياسية في العالم تفرض علينا التحلي بالبراغماتية في التعامل مع الغير، والبحث عن مصالحنا أينما كانت بشرط أن لا تتعارض مع قيمنا و مبادئنا ومواقفنا السياسية المستمدة من عقيدة دبلوماسيتنا وجيشنا التي تستند على الحياد وعدم التدخل في شؤون الغير وعدم السماح للغير بالتدخل في شؤوننا الداخلية، والجنوح الى السلم في كل بقاع العلم، وهي الأمور التي تتطلب منا الاهتمام ببلدنا وشعبنا ومستقبل الأجيال الصاعدة والتركيز على تصحيح أخطائنا وتدارك نقائصنا دون عقدة، وتدعيم ايجابياتنا وانجازاتنا ومختلف مؤسساتنا بكل أنواعها.
 
الاستثمار في العنصر البشري يجب أن يكون من أولوياتنا دائما، خاصة في مجال التربية والتكوين وإعادة التأهيل لمواكبة التحولات التكنولوجية الحديثة، بالموازاة مع التركيز على الجانب التربوي و الأخلاقي لتنشئة الأجيال الصاعدة على حب الوطن وتقديس الجهد والعمل ، والبحث عن المواهب والكفاءات لإعطاء نفس جديد، مع التركيز على ضمان مزيد من الحريات السياسية والاعلامية، المقرونة بالمسؤولية التي تساعد على انخراط كل الفاعلين في مشروع المجتمع دون اقصاء ، وتساهم في تنوير الشعب وتثقيفه واشراكه بدوره في مشروع التنمية الشاملة المنشودة على المديين المتوسط والطويل بغض النظر عن الاستحقاقات المحلية والولائية والرئاسية.
 
فسح المجال أمام مزيد من الاستثمارات الاقتصادية والتجارية الداخلية والخارجية صار ضروريا أكثر من أي وقت مضى، لأجل تنويع مصادر الدخل وتحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق مناصب شغل جديدة، بإشراك القطاع الخاص وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ،والمستثمرين الأجانب في قطاعات الصناعة و الفلاحة والصحة والسياحة والخدمات، وحتى في بناء المرافق الكبرى، والبنية التحتية وتطوير قطاع الخدمات والنظام المصرفي الحديث الذي يضمن الحياة المريحة للناس في تعاملاتها اليومية ، بغض النظر عن إصلاح المنظومات الصحية والتربوية ، وإعطاء نفس جديد للنشاط الثقافي و الرياضي والجمعوي .    
 
تقوية المؤسسات الدستورية وتحصينها هي أهم وسيلة لتحصين بلدنا من كل المخاطر، بما في ذلك مؤسسة الجيش والمخابرات ، حتى تكون دائما في مستوى التحديات التي تواجهها الجزائر، مع التركيز على سيادة القانون في كل مجالات الحياة حتى تسود المساواة في الحقوق والواجبات بين الناس ، وتنمو مشاعر الانتماء والاعتزاز ، والانخراط في منظومة المجتمع الذي نسعى لبلوغه بغض النظر عن تقديم الانتخابات الرئاسية أو تأخيرها والتي تبقى عملية تقنية تحظى بالأهمية السياسية المعهودة ، كوسيلة لاستمرارية الدولة وليس غاية في حد ذاتها تؤدي إلى توقف عجلة الحياة ، وتعطل مساعينا لبناء دولة قوية بمؤسساتها وشعبها وبرامجها التنموية التي تحفظ للأجيال القادمة مستقبلها.

حفيظ دراجي

الجزائر الأن 04 أبريل 2024

حفيظ دراجي

Advertisement

تابعوني على شبكات التواصل